نحتفل في ٢٢ أبريل من كل عام بيوم الأرض العالمي، تمجيدا لأمنا الأرض التي طالما تلقت أجيالا من البشر والأعراق والأديان المختلفة، والتي يكون لكل منها عاداته مع الأرض قد تطهرها أو تسيء لها.
لكن ما صنعه الإنسان من تكنولوجيا حديثة، قد لا تضر الأرض، بل يقدم لها معروفا يتطهر به من أفعاله عن طريق أنماط تكنولوجية حديثة تحافظ على الأرض ومواردها.
يمكن تخيل الأرض كأم في صراع دائم مع أي دخيل لها، كأنها جولات لا تتوقف بدون هدنه، خاصة مع أنماط تكنولوجية تطرأ كل سنة، ولكن في النهاية تتواكب معها.
الكوكب مقابل البلاستيك
هدف موضوع عام 2024 تحت عنوان "الكوكب مقابل البلاستيك" إلى زيادة الوعي بأضرار التلوث البلاستيكي على صحة الإنسان والكوكب.
وقد غطت الفعاليات السابقة ليوم الأرض مجموعة من القضايا البيئية، من تغير المناخ والطاقة النظيفة إلى حماية الكائنات الحية وفوائد زراعة الأشجار.
ويأتي التركيز هذا العام على مادة البلاستيك قبل إقرار معاهدة أممية تاريخية من شأنها أن تُنهي التلوث البلاستيكي، والتي من المتوقع أن يتم الاتفاق عليها بحلول نهاية عام 2024.
وقد دعت أكثر من 50 دولة، منها المملكة المتحدة، إلى إنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040.
لكن منظمي يوم الأرض يريدون الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، ويطالبون بخفض إنتاج جميع المواد البلاستيكية بنسبة 60 في المئة بحلول عام.
تأثير التكنولوجيا الإيجابية
في البداية نتحدث عن تأثير التكنولوجيا الإيجابية على الأرض فلا شك فيه أن تطور تكنولوجيا الأقمار الصناعية أدى إلى تحسين جودة الصور سامحًا بمراقبة الأرض بتفاصيل ودقة استثنائية، وبالتالي مراقبة دقيقة للتغيّرات البيئية والتطورات الزراعية والتوسع الحضري.
ومن إيجابيات التكنولوجيا أيضا ما يقدمه مثلا القمر الاصطناعي «نيسار» (NISAR) الذي أطلقته وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» عام 2023 المصمم لمراقبة تغيّرات الغطاء النباتي، وارتفاع سطح البحر، وحركة الصفائح التكتونية وغير ذلك.
وقد أطلقت «ICEYE»، حتى الآن، 31 قمرًا اصطناعيًا، مما يتيح المراقبة المستمرة لسطح الأرض والقدرة على اكتشاف التغيرات على مستوى الأرض.
ويمكن الاستفادة من المعلومات المستمدة من صور الأقمار الاصطناعية لدى الشركة على مجموعة واسعة من مجالات الاستخدام، بما فيها الكشف عن التسريبات النفطية والاستجابة لها.
وكذلك «مراقبة الأنشطة البحرية كالصيد غير القانوني، ومراقبة الحدود والمواقع الاستراتيجية الحساسة، واكتشاف الأنشطة غير القانونية مثل الاتجار بالمخدرات وتهريب البشر».
المجال الزراعي والاقمار الصناعية
في المجال الزراعي، تساعد صور الأقمار الاصطناعية في مراقبة صحة المحاصيل وإدارة الموارد المائية، وكذلك تقييم الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية.
وفي القطاع البيئي، تشكل هذه التكنولوجيات أهمية بالغة في تتبع آثار تغير المناخ، بما في ذلك ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستويات سطح البحر، وفي مراقبة صحة الغابات ومستويات التلوث.
هندسة جيولوجيا أشعة الشمس
في عام ٢٠٢٣ وقّع 60 عالما رسالة مفتوحة تطالب بإجراء مزيد من الأبحاث في استراتيجية التي يشار إليها أحيانا بـ" هندسة جيولوجيا أشعة الشمس".
ويعتقد العلماء أن تطوير تكنولوجيا قادرة على تحقيق هذا الهدف ربما يكون ممكنا خلال 10 سنوات.
ومع ذلك، تقول الأمم المتحدة إن الأمر بحاجة إلى مزيد من الأبحاث في مخاطر هذه التكنولوجيا وفوائدها قبل النظر في تطبيقها.
وتضيف أن هذه التكنولوجيا ليست بديلا للخفض السريع للانبعاثات، التي يجب أن تبقى أولوية عالمية.
انبعاثات الكربون
ووفق لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، فإن المصادر الرئيسية لانبعاثات الكربون العالمية هي: الكهرباء، والصناعة، والنقل. ويمثل قطاعا الكهرباء والنقل 40 %، وتمثل انبعاثات الكربون 21% التوالي.
بينما يستهلك قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 4 %، وهناك تقديرات أخرى تشير إلى أنها تبلغ 10% من الكهرباء العالمية.
ويوضح عادل عبد الصادق، خبير بوحدة العلاقات الدولية ومدير برنامج دراسات المجتمع الرقمي بمركز الأهرام الاستراتيجي من خلال ورقة بحثية له بإسم " دور التكنولوجيا وأثرها في التغير الإجتماعي"، الآراء التي تساهم في تفسير العلاقة بين التقنية والبيئة، والتي تنقسم إلى اتجاهين رئيسيين:
الاتجاه الأول: يرى أن هناك تأثير سلبي للتكنولوجيا على البيئة والمناخ.
وعلى الرغم من إقرار هذا الاتجاه بدورها في الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه يركز على المخاوف المحيطة بالتأثيرات الضارة لكل من الأجهزة والبرامج التقنية على البيئة مثل: ارتفاع مستويات استهلاك الطاقة، وانبعاثات الغازات الدفيئة، والنفايات الإلكترونية، وخاصة أن الأجهزة الإلكترونية تعد قصيرة العمر نسبيًا بما يتسبب في أضرار بيئية أثناء التخلص منها.
ومن جهة أخرى، أدى ظهور وتطور العملات المشفرة واعتمادها على التعدين إلى جعلها متعطشة لاستهلاك الطاقة، فعلى سبيل المثال تنتج عملة «البيتكوين» المشفرة أكثر من 22-29 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام، وهو ما يقارب حجم الانبعاثات لدول بأكملها؛ حيث يفوق حجم استهلاك العملات المشفرة ما تستهلكه دولة مثل فنلندا أو التشيك.
وتحتل عملة «البيتكوين» المركز 35 عالميًا في استهلاك الكهرباء، وتساهم مراكز البيانات بنحو 2 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى العالمي.
الاتجاه الثاني: يُعد الأكثر انتشارًا؛ حديث يركز على دور التكنولوجيا في مواجهة التغييرات المناخية، وأهم تطبيقاتها «التكنولوجيا الخضراء»، والتي تنطوي على أحدث التغييرات في تطبيقات تكنولوجيا المعلومات بما يتواكب مع معايير الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، وإمكانية دمج تكنولوجيا المعلومات في الإدارة البيئية بكفاءة، ودور تكنولوجيا المعلومات في نشر الوعي البيئي عبر المنصات الرقمية، وإمكانية إطلاق مبادرات للحماية من الملوثات البيئية، والوعي بانعكاسات التغير المناخي على البيئة.
ويمكن للتطور المتسارع في مجال إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي (AI) أن يساهم في تقديم حلول للحد من تلك التأثيرات الضارة.