بعد 17 عاما على تأسيسها، لم تنجح حركة رشاد الإرهابية الجزائرية في خداع مواطني بلادها، حينما التزمت برفع شعارات السلمية والديمقراطية، إلا أنها تورطت في الكثير من الجرائم المتعلقة بالإرهاب، والتحريض على العنف، والعصيان المدني، ما دفع المجلس الأعلى للأمن بالجزائر، عقب اجتماع حضره الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، لإصدار بيان أعلن فيه حركتي "رشاد" و"ماك" كمنظمتين إرهابيتين في 18 مايو 2021.
قبل يومين، عرض التلفزيون الجزائري فيلما وثائقيا بعنوان "رشاد.. الإرهاب وأقنعة اغتيال الوعي" عن جرائم الحركة التي تأسست في أبريل من العام 2007، حيث استعان الفيلم بمواد موثقة عن التاريخ الدموي لأعضائها ومؤسسيها، كما شارك فيه عدد من الأعضاء المنشقين عن الحركة، وقانوني استعانت به الحركة في فترة سابقة.
وبحسب الوثائقي، فإن الحركة الإرهابية تأسست على أنقاض الحزب المنحل، الجبهة الإسلامية للإنقاذ، حيث اجتمع أعضاء سابقون في الجبهة ومجموعة من المدانين في قضايا تتعلق بالإرهاب لتأسيس حركة متطرفة اُصطلح على تسميتها باسم حركة رشاد، كان على رأسهم مراد دهينة، عباس عروة، رشيد مصلي، محمد العربي زيتوت، محمد سمراوي، وهي شخصيات وضعتها الجزائر على قوائم الإرهاب لديها.
تبنت الحركة السرية في نشاطها وأساليب عملها، داعية إلى التظاهر والعصيان المدني، ونشر العنف والفوضى في البلاد بهدف إسقاط النظام الجزائري وإقامة نظام يتماشى مع نفس الأفكار التي كان يتبناها الحزب المُحل، الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي أدخلت البلاد في سرداب الظلام ودوامة من العنف عرفت بالعشرية السوداء.
ويعد مراد دهينة، المنسق العام للحركة، وأحد مؤسسيها، من أخطر الشخصيات الموضوعة على قوائم الإرهاب، كان يُكنى بـ"أبو الوليد" و"أبو عبدالرحمن" وهو قائد سرية المجاهدين في الخارج، هو أحد أكثر الأعضاء تشددا، وتحريضًا على العمل المسلح في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، كان رئيسًا للرابطة الإسلامية الجزائرية بسويسرا.
ومنذ العام 1993 وما بعده، نشط "دهينة" في عمليات تهريب الأسلحة لفائدة الجماعات الإرهابية في الجزائر، وبه ارتكب العديد من العمليات الدموية ضد الأبرياء من الجزائريين، كما كانت هناك عمليات قتل ضد الأطفال، وفي عام 1996عثر الأمن على رسالة مكتوبة بخط يده كانت موجهة لأمير الجماعة الإسلامية للجهاد المسلح "فيدا"، وهي رسالة يعبر فيها عن التكفل التام بكل احتياجات المجموعة الإرهابية لوجستيا ودعاية، وفي الوقت نفسه يحثه فيها على الاقتداء بأفكار الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والتي وصفها في الرسالة بالمرجع الذي يجب الاقتداء به.
ارتبط اسم مراد دهينة بعدة قضايا تتعلق بدعم الجماعات الإرهابية بالسلاح، وقد تناولت ذلك عدة وسائل إعلام دولية.
وفي شهادة، لأحد أعضائها المنشقين عن الحركة، صديق دعدي، والذي عمل في وقت سابق حارسا شخصيا لعباس مدني، أحد مؤسسي جبهة الإنقاذ، قائلا: إنني لم أقتنع بمؤسسي حركة رشاد، وشعرت من كلامهم أن نواياهم تجاه البلاد انتقامية، وأن شعارات التخلي عن العنف والإرهاب كاذبة، لذا نشطوا في إدخال السلاح للجزائر كي يستخدموه في أي صدام مسلح.
وأضاف "دعدي"، أن مراد دهينة لا يكف عن النشاطات المريبة حتى أنه اعترف لي ذات مرة أن الأمن السويسري حذره باعتباره يمثل خطرا على الأمن هناك.
وتطرق الوثائقي إلى عدة عمليات نصب لأعضاء الحركة، بهدف مع التمويلات والتبرعات بحجة الدفاع عن حرية الرأي ومكافحة الفساد، لكنها استثمرت ذلك في ثراء بعض أعضائها الذيم يملكون عقارات وحسابات بنكية في الخارج، وهي عادة للجماعات الإرهابية في جمع الأموال والتبرعات لهدف ما لكنها في الحقيقة تذهب لأنشطة تخريبية مختلفة تماما، وهو ما كشف عنه تحقيق في قضية لخلية تابعة للحركة، وأدينت أمام القضاء الجزائري في مايو 2023، وأحد أفرادها يدعى "رشيد. و.ق" الذي اعترف أنه بدأ في فبراير من العام ٢٠٢٠ بالدعوة لجمع تبرعات مالية بحجة ترميم مسكن أرملة توفي زوجها يوم الانتخابات الرئاسية، لكن الأموال حسب المتهم أخذت وجهة أخرى.