لم تكد شوارع الإمارات الشقيقة أن تجف بعد موجة من الفيضانات والرياح ضربت البلاد على مدار الأيام الثلاثة الماضية.. "عواصف وسيول في منطقة صحراوية شديدة الجفاف"، ظواهر جوية اجتمعت في آن واحد وضربت عمان والإمارات على مدار الأسبوع، بعدما تسبب منخفض جوي سمي بـ "منخفض الهدير" في أعنف موجة أمطار ورياح تشهدها المنطقة منذ نحو نصف قرن، اجتاحت العديد من المدن الرئيسية في البلدين الشقيقين، وهو ما فسره بعذ العلماء بأنه تطرف مناخي.
فيما أكد آخرون أن العاصفة والفيضانات جاءت نتيجة للاحتباس الحراري، إحدى صور تغير المناخ، فيما تكهن البعض بأن ما حدث كان نتيجة لـ "التلقيح السحابي".
ساعات من الرعب عاشها المواطنين في الإمارات بعدما تقطعت بهم السبل، حيث غمرت المياه الطرق الرئيسية في إمارة العين وفي الفجيرة وغيرها من المدن الرئيسة، وكذلك الحال بالنسبة للسيارات بل والطائرات التي أظهرت مقاطع مصورة طائرات ركاب في المطارات الإماراتية تطفو على سطح المياه، في الوقت الذي تحاول فيه السلطات الإماراتية استعادة الحياة التي بدأت تنبض أخيرًا صباح اليوم الجمعة.
فيضانات الامارات 2024
موجة الرياح والفيضانات تسببت في تعطيل حركة الملاحة الجوية في المظارات المختلفة، حيث تسببت العاصفة في توقف الرحلات الجوية بالكامل في دبي، وبحلول نهاية يوم الثلاثاء، هطلت أكثر من 142 ملليمتر من الأمطار على دبي على مدار 24 ساعة، فيما شهدت مناطق أخرى تساقطات أعلى نسبة، وسرعان ما غمرت المياه أنظمة الصرف الصحي في الإمارات العربية المتحدة، مما أدى إلى إغراق الأحياء والمناطق التجارية وحتى أجزاء من طريق الشيخ زايد السريع المكون من 12 مسارًا والذي يمر عبر دبي.
تقييم آثار عاصفة الإمارات
زجتى كتابة هذه السطور لم تعلن السلطات أي معلومات عن الأضرار الإجمالية أو الإصابات الناجمة عن الفيضانات التي أودت بحياة شخص واحد على الأقل، فيما قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، إن السلطات "ستعمل بسرعة على دراسة حالة البنية التحتية في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة والحد من الأضرار الناجمة".
تكهنات التلقيح السحابي.. أين الحقيقة؟
وعلى مدار الساعات الماضية، ومع قرب انحسار العاصفة والفيضانات بدأت التكهنات تظهر، وذهب البعض إلى أن ما حدث كان نتيجة لقيام دولة الإمارات بحملة لاستمطار السحب أو ما يعرف بـ"التلقيح السحابي"، من خلال نشر طائرات صغيرة المواد الكيميائية عبر السحب بهدف الحصول على الأمطار، ربما ساهمت في حدوث الطوفان، إلا أن الخبراء قالوا إن أنظمة العواصف التي أنتجت الأمطار كانت متوقعة مسبقًا، وإن استمطار السحب وحده لم يكن ليتسبب في مثل هذه الفيضانات، فيما أكد خبراء المناخ أن ما حدث هو نتيجة حتمية لظاهرة الاحتباس الحراري إحدى أبرز سمات التغيرات المناخية التي تضرب العالم في السنوات الأخيرة.
وبحسب تصريحات نقلتها شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين في المركز الوطني للأرصاد الجوية في الإمارات، فإن الأمطار لم تكن ناجمة عن تلقيح السحب، فيما يقول خبراء المناخ إن الاحتباس الحراري هو السبب الرئيسي للظواهر الجوية المتطرفة.
ويتوقع الباحثون أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة وخطر الفيضانات في مناطق بالخليج، وقال خبير الأرصاد الجوية في مؤسسة ييل للأرصاد الجوية جيف ماسترز، إن الفيضانات في دبي كانت ناجمة عن نظام ضغط منخفض قوي غير عادي، تسبب بعديد العواصف الرعدية الممطرة.
وللتعرف أكثر عن التلقيح السحابي، فهو مفهوم لتعديل الطقس يحاول سحب المزيد من الأمطار أو الثلوج من السحابة أكثر مما يحدث بشكل طبيعي، ولا تتشكل قطرات السحابة تلقائيًا، بل تحتاج الرطوبة إلى شيء تتكاثف عليه، مثل الماء الذي يتشكل على جانب الكوب البارد في يوم حار؛ ما يسمى بنوى التكثيف وهى عبارة عن جزيئات صغيرة جدًا في الهواء يمكن للرطوبة أن تلتصق بها، ويضيف التلقيح السحابي المزيد من تلك الجزيئات إلى الهواء، بهدف خلق المزيد من قطرات الماء أو الجليد.
التلقيح السحابي أداة الدول للهروب من الجفاف
وفي ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، أصبح التلقيح السحابي أحد الحلول لدى بعض الدول للهروب من الجفاف، فمع استمرار ارتفاع درجة حرارة الجو بسبب تغير المناخ الذي يسببه الإنسان؛ أصبحت أجزاء معينة من العالم أكثر سخونة وجفافًا، ويمكن النظر إلى تلقيح السحب على أنه حل لجلب المزيد من المياه إلى المناطق التي تحتاج إليها، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى جعل مناطق أخرى أكثر جفافًا في هذه العملية.
ويقول العلماء أيضًا أن التغير المناخي مسؤول عن العواصف الشديدة والجفاف والفيضانات وحرائق الغابات حول العالم. ووصفت صحيفة "ذا ناشيونال" المرتبطة بالدولة في أبو ظبي في افتتاحيتها يوم الخميس الأمطار الغزيرة، بأنها تحذير لبلدان منطقة الخليج العربي من أجل "حماية مستقبلها من التغيرات المناخية"، وقالت الصحيفة: "إن المهمة شاقة، لأن مثل هذه التغييرات تنطوي على تغيير البيئة الحضرية لمنطقة لم تشهد منذ أن كانت مأهولة بالسكان سوى الحرارة والرمال".
هل هتضرب مصر عاصفة مماثلة؟
وبعدما تعرضت له عمان والإمارات الشقيقتين، ظهرت تخوفات لدى قطاع كبير من المصريين حول إمكانية تكرار ما حدث في مصر، وهو ما أوضحه المتخصصون، والذين أكدوا أن مصر لن تتأثر بالعواصف والسحب الممطرة التي ضربت الإمارات وعمان نتيجة لاتجاهها نحو الشرق التي من المتوقع أن تؤثر على إيران وبلدان القارة الآسيوية.
وفي هذا الشأن، قالت الدكتورة إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بعد بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، إن مصر تأثرت نسبا بالمنخفض الجوي الصحراوي الذي تضرب المنطقة، حيث شهدت العديد من المحافظات ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة وبخاصة يوم الأربعاء، كما شهدت نشاط للرياح والأتربة.
وعن احتمالات أن تضرب عاصفة مماثلة مصر خلال الأيام المقبلة، أكدت شاكر في تصريحات تليفزيونية أن ذلك غير محتمل نظرا لاتجاه العاصفة نحو الشرق، حيث يتؤثر على إيران وبعض بلدان وسط وجنوب آسيا.
وتابعت: " مصر شهدت ارتفاع في درجات الحرارة وسجلت القاهرة 36 درجة، وهو أمر طبيعي نتيجة لتأثرها بالتقلبات الجوية التي رفعت درجات الحرارة بواقع 5 إلى 6 درجات، وكانت أكثر المحافظات تأثرا بالموجة الحارة اقليم جنوب الصعيد، حيث سجلت 38 درجة.