قبل أيام ضربت ظواهر مناخية غير معتادة دولة الإمارات الشقيقة، مما أدى إلى هطول أعلى نسبة أمطار غزيرة تم تسجيلها على الإطلاق في البلاد خلال ساعات، حيث غمرت أجزاء من الطرق السريعة الرئيسية ومطار دبي الدولي، ويرى الخبراء أن هناك موسمين لسقوط الأمطار في الجزيرة العربية، وفسروا الهطول المطري غير المعتاد بالتطرف المناخي وطالبوا بالعدول عن الوقود الاحفوري وتكيثف الجهود لمجابهة مثل هذة التأثيرات.
بحسب المعلومات المنشورة، الأمطار غير مسبوقة ولم تحدث مثيلاتها منذ 1949، كان ذلك قبل اكتشاف النفط الخام، حيث بدأ الهطول المطري في منتصف الليل وغمر الرمال والطرق في دبي بحوالي 20 ملم (0.79 بوصة) من الأمطار، وكشفت بيانات الأرصاد الجوية بدبي، أن العواصف كانت شديدة تبعها هطول نطري استمر لمدة 24 ساعة بأكثر من 142 ملم (5.59 بوصة) على مدار 24 ساعة، في حين يشهد متوسط هطول الأمطار سنويًا 94.7 ملم (3.73) بوصة.
بدوره يشرح الدكتور وحيد إمام، رئيس الاتحاد النوعي للبيئة: هناك موسمين لسقوط الأمطار في المنطقة العربية، الأولى في فصل الصيف حيث تبدأ من شهر مارس وأبريل ومايو، ثم تهدأ الأمطار في يونيه لتعاود شدتها في بداية الصيف مع شهر يولية وأغسطس وجزء من سبتمبر. وفي هذه المرة زادت عن المعدلات العادية وتحولت إلى ظواهر "متطرفة" فبدلا من هطول نسب معتادة 30 ملم أو 80 ملم بعكس النسب الأخيرة التي زادت عن حدودها ويمكن أن يكون لها شكل أخر وهي الجفاف "الندرة".
ويضيف "إمام": خلال الـ30سنه الماضية كان هطول الأمطار والجفاف بالتبادل حيث عانت الجزيرة العربية من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة في مقابل زيادة الأمطار في الباكستان والهند، كما حدثت في مصر في مارس الماضي ظاهرة "النينو" التي ذكرت الأبحاث والتقارير المعنة بالمناخ بأنها ستثمر خلال عامي 2023 و2024 وكانت ذروتها في يوليو وأغسطس والامتداد لها حتى الآن بدليل عدم حدوث صيف شتاء على جميع الدول على غير المعتاد وتراجع تساقط الثلوج.
يواصل "إمام": ما حدث يسمي منخفض الهدير نتيجة أن المنخفض الجوي ذو الضغط العالي في طبقات الجو العليا "السحب الركامية" مع زيادة سخونة الأرض سبب ظواهر الرعد والبرق والأمطار والسيول على غير عادتها، ويمكن التعويل بأن التغيرات المناخية ساعدت وزادت من تأثيراتها لحد التطرف المناخي، ولا يمكننا التأكيد حدوثها من عدمه خلال الفترات القادمة بشكلها العادي أو مسببة لكوارث مصحوبة بحالات وفاة.
فيما علقت مسئولة الحملات في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "كنزي عزمي" على العاصفة المدمرة التي شهدتها دول عدة في الخليج العربي مثل الإمارات وعمان والسعودية والبحرين، بأنها "مخيفة ومرعبة هذه العواصف التي نشهدها وما يخيفنا أكثر هو أننا سنشهد المزيد منها وربما أكثر حديّة وتدميرًا في المستقبل إذا لم نتحرّك للعمل سريعًا نحو انتقال عادل للطاقة المتجددة."
وأضافت:"خلّفت وراءها خسائر جسيمة وعطلّت الكثير من الأعمال حتى بعد انحسارها. أصبح من المؤكد علميًا علاقة هذه الحوادث المناخية المتطرفة بأزمة المناخ وأن علينا ان نتوقع المزيد منها أو حتى غيرها من الحوادث المناخية المتطرفة التي قد تأتي على شكل حرّ شديد وجفاف."
الجدير بالذكر أن المدارس كانت قد أُغلقت في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة، وعمل الموظفون الحكوميون عن بعد في حالة تمكنهم من ذلك، وبقي العديد من العمال في منازلهم أيضًا، على الرغم من أن بعضهم غامر بالخروج، مع توقف مركباتهم في المياه.
من ناحية أخرى، في عمان المجاورة، السلطنة التي تقع على الطرف الشرقي لشبه الجزيرة العربية، قُتل ما لا يقل عن 18 شخصًا بسبب الأمطار الغزيرة في الأيام الأخيرة، وفقًا لبيان رسمي عن اللجنة الوطنية لإدارة الطوارئ في البلاد، ويشمل ذلك حوالي 10 تلاميذ جرفتهم سيارة مع شخص بالغ، مما أدى إلى وصول التعازي إلى البلاد من الحكام في جميع أنحاء المنطقة.
وختمت "كنزى": ما يحدث هو إشارة إلى أن منطقتنا غير مجهزة لمواجهة هذه الأزمة، على الرغم من توفّر الظروف المالية في بعض الدول، ولذلك يجب أن نلعب دورًا رائدًا في التحرك العالمي لمواجهة هذه الأزمة من خلال تعزيز جهود التكيّف لدينا والتحرّر من الوقود الأحفوري والتحوّل التدريجي الى الطاقة المتجددة كما تعهدت دول العالم في قمة المناخ التاريخية COP28".