في تحليل صاغه نيل ماكفاركوهار، في نيويورك تايمز، يتم استكشاف التيارات الخفية لتورط طاجيكستان في تجنيد داعش بعمق ووضوح. يتعمق المؤلف في الديناميكيات المتعددة الأوجه التي تدفع مئات الرجال الطاجيكيين إلى الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية، ويسلط الضوء على العوامل الرئيسية التي يقوم عليها هذا الاتجاه المثير للقلق.
وفي ظل تصاعد الأنشطة الإرهابية التي يشارك فيها الجهاديون الطاجيكيون، يوضح المقال وضع طاجيكستان المحفوف بالمخاطر باعتبارها أرضًا خصبة لمجندي داعش.
ويسلط المؤلف الضوء على ثلاثة عوامل محورية تساهم في تعرض الطاجيك للتلقين المتطرف: الفقر، والحكم الاستبدادي، والقمع الديني.
أولاً، إن وضع طاجيكستان كواحدة من أفقر دول العالم يشكل أرضاً خصبة للسخط وخيبة الأمل بين سكانها. إن جاذبية البحث عن فرص اقتصادية أفضل في الخارج، وخاصة في روسيا، تغري الملايين من العمال الطاجيك، مما يجعلهم عرضة للتجنيد الجهاديين الذين يستغلون مظالمهم.
ثانيًا، يسلط المقال الضوء على القبضة الاستبدادية للرئيس إمام علي رحمون على طاجيكستان، والتي امتدت لما يقرب من ثلاثة عقود. وقد أدى قمع جماعات المعارضة، والذي تجسد في حظر حزب النهضة الإسلامي المعتدل في عام 2015، إلى تأجيج الاستياء وخيبة الأمل بين الأصوات المعارضة، مما دفع البعض نحو الإيديولوجيات المتطرفة.
ثالثاً، يؤدي تآكل الحرية الدينية في طاجيكستان، والذي اتسم بالقيود الصارمة على الممارسات الإسلامية، إلى تفاقم التربة الخصبة للدعاية المتطرفة. وكانت التدابير الصارمة التي اتخذتها الحكومة، بما في ذلك حلق اللحى قسراً وحظر إظهار التدين في الأماكن العامة، سبباً في إثارة الاستياء والعزلة بين الطاجيك المتدينين، الأمر الذي أدى إلى تهيئة بيئة مواتية للتطرف.
والأهم من ذلك، أن المؤلف يبرز تقاطع هذه العوامل، والتي تتلاقى لتشكل حافزًا قويًا لتجنيد داعش. تستغل حملات التجنيد المحسوبة عبر الإنترنت والتي تستهدف الرجال الطاجيكيين نقاط ضعفهم، وتمجيد مآثر مقاتلي داعش-خراسان وإدامة الطموحات الجهادية للجماعة.
في جوهره، يقدم المقال صورة دقيقة للمشهد الاجتماعي والسياسي المعقد في طاجيكستان، ويكشف عن شبكة معقدة من العوامل التي تدفع مواطنيها نحو الأيديولوجيات المتطرفة. ومن خلال توضيح هذه الديناميكيات الأساسية، يقدم المؤلف رؤى حول الضرورة الملحة لبذل جهود متضافرة لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف ومكافحة آفة الإرهاب في طاجيكستان وخارجها.