تنمو ظاهرة الإرهاب والتطرف بصورة أكبر في ظل الحروب والصراعات، فالحرب الدائرة في شرق أوروبا قبل عامين لها تأثير على نمو ظاهرة الإرهاب العالمي، خاصة وأنّ المؤشرات تؤكد نمو حركة جهادية في شرق القارة العجوز، وهذه ضريبة يدفعها العالم بأكلمه نتيجة للحرب الروسية في أوكرانيا.
لم تنتهِ الحرب الروسية التي بدأت قبل عامين حتى نشبت حرب أخرى في السودان تجاوزت عامها الأول، فهذه لم تكن الحرب الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، فالحرب في سوريا واليمن تذهب إلى نفس النتيجة، فضلًا عن الصراع في العراق بين المكون العربي والإيراني.
ولعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي دخلت شهرها السابع خير دليل على اصطراب المنطقة العربية، ولعل الانحيازات الدولية في هذه الحرب ومن قبل الصراع يؤكد انقسام العالم وتشظيه إزاء هذه الحرب، وهو ما ينعكس بصورة كبيرة على نمو ظاهرة الإرهاب.
لم تنتهِ الحرب الإسرائيلية والتي يؤكد الكثير من المراقبين بأنها قد تتسع في أي وقت حتى تطور الصراع الإسرائيلي الإيراني، فكل طرف يوجه ضربات قوية إلى الطرف الآخر في عمقه الاستراتيجي، صحيح هذه الضربات محسوبة وبالتالي التصعيد محسوب هو الآخر وقد يكون بإتفاق ولكن مرجح أنّ تتطور الأحداث في أي وقت.
هذه الحالة التي يعيشها العالم تُغذي بيئة التطرف، ليس هذا فحسب ولكن سوف تجد أطراف دولية قد تستخدم المجموعات المتطرفة في الصراع أو توظفها في الحرب الدائرة في الشرق والغرب، وهنا سوف تكون التنظيمات المتطرفة ذات طلب، وهناك أطراف دولية سوف تخطب ودها.
داعش سوف تعود من جديد ولكن عودتها قد تكون مختلفة؛ عودة أكثر شراسة مما كانت عليه، وسوف تكون العودة في شكل تنظيم يضم تحت لوائها عدد من التنظيمات المحلية والإقليمية، وسوف تكون داعش أحد مفردات التنظيم الجديد.
سوف تأخذ الحرب الأيديولوجية الجديدة صبغة دينية وطائفية؛ فسوف تدخل مجموعات ذات صبغة دينية الصراع سواء من حلفية سنية مثل، داعش والقاعدة والإخوان، أو من حلفية طائفية مثل حزب الله، اللبناني والعراقي، والحشد الشعبي والحركة الحوثية أو من خلفية صهيونية مثل إحياء الهيكل وحرّاس الهيكل أومعهد الهيكل والتاج الكهنوتي وجماعة شوفوبانيم؛ وهذا ما يبدو من شكل الصراع الديني الحالي.
خطورة الأوضاع الحالية ليس في التطور العسكري أو إتساع دائرة الصراع أو الحرب، ولكن في شكل هذه الحرب والتي تأخذ اللون الديني والطائفي، وهو ما يُهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم بأكمله.
لا بد أنّ يُدرك العالم أنّ البيئة الحالية باتت مناسبة لنشأة التنظيمات المتطرفة، بل وحاضنة لكل هذه التنظيمات، وأنّ ثمة عودة لتنظيم داعش سوف يُهدد من خلالها أمن العالم، ولذلك من المهم احتواء الحرب المتوقعة واتساع نطاقها ومن ثما احتواء الصراع السابق لهذه الحرب أو على الأقل تبريده بالشكل الذي لا يُودي إلى تطوره في أي وقت وفي أي مرحلة.
داعش عندما نشأة في يونيو من العام 2014 استفادت من بعض الممارسات الطائفية في العراق، فكان نتاجها الدولة الإسلامية في العراق ثم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" ولعل الإحتلال الأمريكي كان عاملًا مساعدًا لنشأة التنظيم، ولكن الظروف الحالية ربما تؤدي إلى ما هو أصعب من عودة "داعش".
وقد يكون الصعب ممثلًا في وجود تنظيم جديد يكون داعش أحد مفرداته وسوف يكون الصراع مع إسرائيل! وسوف يكون مواجهًا لمجموعات وجماعات صهيونية لن تقل في تطرفها عن المجموعات المتطرفة ذات الخلفية الصهيونية، وهنا تبدو خطورة البيئة التي بات العالم على أعتابها حاليًا.