بمناسبة مرور ٣٠ عامًا على المأساة فى ٧ أبريل الجاري، أحيت رواندا ذكرى الإبادة الجماعية للتوتسي، والتى أسفرت عن مقتل أكثر من مليون شخص بين أبريل ويوليو ١٩٩٤، فى ظروف فظيعة: النساء والأطفال والرجال وكبار السن، لا أحد نجا من همجية الإبادة الجماعية.
وفى الوقت نفسه، تتضاعف المبادرات فى الفضاء العام فى فرنسا لنشر المعرفة التى تم تعزيزها حول هذا الموضوع من خلال العمل البحثى الجامعى المهم.
منذ أيام وبالتحديد فى ٧ أبريل الجاري، اعترف إعلان تاريخى أصدره إيمانويل ماكرون، تم بثه على شبكات التواصل الاجتماعي، بمسئولية فرنسا فى الإبادة الجماعية.
وأكد ماكرون أن فرنسا "كان بإمكانها وقف الإبادة الجماعية التى وقعت عام ١٩٩٤ فى رواندا مع حلفائها الغربيين والأفارقة"، لكنها "لم تكن لديها الإرادة"، كما أكد مجددًا أهمية تطوير المعرفة ونشرها، لا سيما من خلال تعليم الأجيال الشابة فى فرنسا".
وأشاد المؤرخ الفرنسى فنسان دوكلير بشجاعة إيمانويل ماكرون، مشددا على أن هذا الاعتراف يفتح آفاقا جديدة للفهم والنقل والوقاية فيما يتعلق بجرائم الإبادة الجماعية، وذلك خلال مؤتمر رافائيل ليمكين السنوى الذى عقد فى مونبلييه بفرنسا، منذ أسبوع، والذى شارك فى تنظيمه معهد ميمونيدس وفريق بحث ERE-France، بالتعاون مع إيبوكا فرانس Ibuka-France، المتخصص فى الإبادة الجماعية وصاحب "تقرير دوكلير". وخلال المؤتمر أيضًا، أعلن سيباستيان كوستي، نائب عمدة مدينة مونبلييه ممثلًا لعمدة المدينة مايكل ديلافوس، عن افتتاح النصب التذكارى تخليدًا لذكرى ضحايا الإبادة الجماعية للتوتسى فى رواندا، فى ١١ مايو المقبل، فى حديقة أرمينيا فى مونبلييه.
المبادرات التذكارية
ويرمز تاريخ ٧ أبريل إلى بداية المرحلة الأكثر عنفًا من الإبادة الجماعية، والتى استمرت ١٠٠ يوم، وتميزت بفظائع لا توصف، تعود جذور هذه الإبادة الجماعية إلى سياسة العنصرية التى بدأتها الإدارة الاستعمارية فى الستينيات من القرن الماضى. وبعد مرور ثلاثين عامًا، تُبذل جهود كبيرة لتحسين نشر المعرفة حول هذه الإبادة الجماعية، وبالتالى منع تكرار مثل هذه الأحداث مرة أخرى. وفى رواندا، تتم رقمنة آلاف الأرشيفات وتقوم الحكومة بتنظيم إنشاء إمكانية الوصول الرقمى إلى المواقع التذكارية البالغ عددها ١٧٠ موقعًا فى البلاد.
يتم تنظيم الفعاليات التذكارية فى العاصمة الرواندية كيجالى وفى نفس الوقت فى باريس وفى العديد من المدن الفرنسية. وفى كيجالي، حضر وزير أوروبا والشئون الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، ووزير الدولة لشئون البحار، هيرفى بيرفيل، حفل كويبوكا ٣٠، الذى أعقبه مسيرة تذكارية.
وفى باريس، أقيم حفل تذكارى فى حديقة الذاكرة، بارك دو شوازي، كعلامة على التضامن الدولى وواجب التذكر فى مواجهة مآسى الماضي.
ولتكريم ذكرى الضحايا والتذكير بالحجم الهائل لهذه الجريمة، تم ويتم تنظيم احتفالات بالتعاون مع إيبوكا فرانس Ibuka-France فى مدن فرنسية مختلفة، بالإضافة إلى العديد من الاجتماعات والمعارض وعروض الأفلام والمؤتمرات.
فى رواندا، شعلة الذاكرة ضمن مراسم إحياء الذكرى بحضور الرئيس الرواندى ووزير خارجية فرنسا.. وتستمر مشتعلة لمدة مئة يوم
فى مونبلييه بفرنسا، مارسيل كاباندا رئيس إيبوكا فرنسا خلال حفل إحياء ذكرى الإبادة الجماعية للتوتسى الرواندية.
"أنك أسو": دكتوراة فى الآداب، وخبيرة بمؤسسة أوشفيتز فى بروكسل.. وأستاذة جامعية متخصصة فى تحليل الخطاب السياسى وتاريخ الإبادة الجماعية، ومؤلفة للعديد من الكتب حول هذا الموضوع.. وتعمل أيضا مراسلة لثلاث مجلات.. تكتب عن الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية للتوتسى.