الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منير أديب يسأل: هل يستفيد الإرهاب من الصراع الإسرائيلي الإيراني؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا شك أنّ الصراع الإسرائيلي الإيراني الحالي سوف يُساعد في نشأة حركة جهادية بمنطقة الشرق الأوسط؛ هذه الحركة من مصلتحها نشوب حرب إقليمية في المنطقة واحتمالات أنّ يتطور هذا الصراع إلى حرب عالمية نطاقها ليس إسرائيل وإيران فقط.

خاصة وأنّ العالم انقسم في هذا الصراع إلى قسمين، وربما بدا ذلك واضحًا من جلسة مجلس الأمن الأخيرة والتي انعقدت على خلفية الضربة الإيرانية التي وجهتها طهران إلى تل أبيب، فضلًا عن المواقف والتصريحات التي ذهبت إلى الإصطفاف إلى طرفي الصراع.

داعش وتنظيمات العنف والتطرف ترى أهمية استمرار هذا الصراع وتطوره ليس لأنها تُريد فقط أنّ تصطف إلى جانب طرف دون الآخر، ولكن لأنها تُريد أنّ تُحي وجودها من خلال صراع طويل تستخدم فيها كل الدول الجماعات والمجموعات المؤدلجة في هذه الحرب.

كما أنّ الحروب تؤثر بصورة كبيرة على جهود مكافحة الإرهاب، حيث توجه هذه الجهود إلى الحرب بين الأطراف المتصارعة وإلى الصراع المستمر حتى بعد انتهاء هذه الحرب؛ فغالبًا تكون الصراعات أطول من الحروب، تعيش بعدها وتكون مقدمة للحروب قبل أنّ تنشب.

انقسم العالم قسمين ما بين مؤيد ومعارض لحق كل طرف في مواجهة الطرف الأخر وربما مدافع عنه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا قد يُؤدي إلى تصعيد إضافي ويحمل المنطقة إلى حرب عالمية؛ وهذا ما يبدو واضحًا من ردود الأفعال خلال الـ 48 ساعة الأخيرة بعد ضرب إيران تل أبيب بطائرات وصواريخ بدون طيّار.

وهنا تبدو أهمية الوسطاء لإحتواء ما حدث وما سوف يحدث في المستقبل لو استمر هذا الصراع على وتيرته الحالية أو تطور إلى حرب حتى ولو كانت محدوده في بدايتها، تأثيرها سوف يكون خطيرًا على أمن المنطقة والعالم؛ صحيح سوف تؤثر على مشروع إيران في المنطقة وعلى أذرعها التي إحتلت من خلالها دول عربية مستقرة، ولكن نشوب الحرب ليس في صالح المنطقة قبل أنّ يكون في صالح دولة  من طرفي الصراع دون أخرى.

وخطورة تطور الصراع يتمثل في خلق بيئة للعنف؛ بيئة لن تكون الأطراف المتصارعة فيها بعيدة عنها، كما أنّ هذه الأطراف لن تتورع من استخدام خطاب الكراهية أو على الأقل استثماره، وهنا يكون الحديث عن تنامي المجموعات المتطرفة ذات الخلفية السنية والشيعية والصهيونية، كل على حد سواء.

وهذا قد يكون خليط جديد من الإرهاب الذي يطل برأسه على العالم على خلفية هذه الحرب المتوقعة، ولذلك من المهم وقف هذه الحرب ووقف تداعياتها الكارثية على أمن العالم واستقراره، وعلى الأطراف المتصارعه أنّ يتحمل كل طرف مسؤولياته المتعلقة بتحقيق الأمن، ليس على المستوى الداخلي، ولكن على مستوى مواجهة المجموعات المتطرفة المنتمية إليه والتي سوف تأخذ مساحة أكبر لو استمرت هذه الحرب وقتًا أطول.

هناك مجموعات صهيونية لا يقل خطرها عن داعش أو حتى بعض الجماعات المتطرفة ذات الخلفية الشيعية؛ كل هذه المجموعات تتمتع بقدر هائل من الكراهية؛ كراهية متبادلة قائمة على الزوال من الوجود، ولذلك وجود هذا الخطاب سوف يضع العالم أمام مأساة جديدة وكابوس لا يختلف عن كابوس داعش وسوف يُعاني منه العالم من العشر سنوات القادمة.

بات العالم منقسمًا إلى نصعين بعد الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين، وهذا ساعد بصورة كبيرة في ولادة حركة جهادية في شرق أوروبا، وأوروبا وأمريكا وأوكرانيا لم يتورعوا في استخدام المجموعات المؤدلجة في صراعها مع الروس كما كان في الحرب الأفغانية في العام 1979، وهو ما أدى إلى ظهور تنظيم قاعدة الجهاد فيما بعد.

كما أنّ روسيا حاولت استخدام ذات السلاح في حربها مع الغرب وجندت ذلك من خلال مجموعات مؤدلجة للمواجهة كان أغلبها من الشيشان، وهذا ربما يًذكرنا بتوظيف روسيا للجبهة العالمية لمواجهة أمريكا وإسرائيل والتي أنشأها تنظيم القاعدة في العام 1987 والتي أدت في النهاية لتفجير برجي التجارة العالمي في العام 2001، فتم استخدام نفس السلاح في مواجهة الأمريكان من قبل الروس.

هذا ما سوف يحدث لو استمر الصراع بين إيران وإسرائيل على وتيرته الحالية وانتهى بحرب، هذه الحرب سوف تصب في صالح المجموعات المتطرفة بغض النطر عن الدين أو الطائفة التي تنتسب إليها هذه المجموعات، والتحذير هنا لا يُعني أننا أقف في منطقة دون أخرى ولكننا نضع علامات إرشادية لشكل وطبيعة الصراع المتوقع والمكاسب التي قد تعود على الإرهاب منها.