حرص الحكام والخلفاء على مر الزمان على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، في كل نواحي الحياة، من العطف على المساكين ورد الحقوق لأصحابها، وحتى الرفق بالحيوان، فلقد وضع الإسلام تقاليد الرفق بالحيوانات سابقًا بها الدول الأوروبية، استنادا إلى الكثير من النصوص التي تدعو إلى الرحمة بالحيوان، التي تجعل للعبد سببًا في دخول الجنة، وقد ذكرت ذلك المستشرقة الأمريكية كريستين ستيلت قائلة: (( لقى بنى الإسلام على مبادئ الرفق والعطف والرحمة والعدل، والتي تعد من الأمور الجيدة، هذه المبادئ التي تنتشر من خلال نصوص الدين في القرآن والسنة، وأيضا من خلال ماجاء في التاريخ الإسلامي، حيث يأمرنا الإسلام بالعطف والرفق تجاه الحيوانات في كل الأمور)).
ومن مظاهر الرفق بالحيوان، سقاية الدواب أو حوض الدواب الموجودة خلف جامع الأزهر والتي بناها السلطان المملوكي قايتباي عام 1472، كنوع من الرحمة بالدواب، السائرين بالشوارع، وهو مبنى مكون من طابق واحد له ثلاث جهات مغلقة وناحية آخرى مفتوحة تدخل منها الحيوانات لشرب المياه لاستكمال حياتها.
وكانت تزود بالماء عن طريق مايشبه المواسير الآن مدفونة داخل الأرض تنقل المياه من مصدرها الأصلى بواسطة سواقي إلى الأحواض، حيث أنهم كانوا يملئون هذه الأحواض من خلال المواسير بشكل يدوي لقلة الإمكانيات حينها، ولكن هذا لم يجعلهم ينسوا الروح التي تعيش بينهم وقد أوصى عليها الله ورسوله.
وتعرف أحواض سقي الدواب بأنها أحواض ملحقة بالمنشآت المعمارية، معظمها حجري أو رخامي، وبنيت غالبا على أطراف المدن، لكثرة الحركة والسفر، كما أنها كانت تبنى بشكل متميز لتسهيل الأمر على الدواب الشرب منها، وانتشرت بكثرة في مصر وبلاد الشام خلال العصرين العثماني والمملوكي.