يمر علينا اليوم الأحد الموافق ١٤ شهر ابريل ذكر افتتاح مسجدإشبيليه في الاندلس ، حيث جاء ذلك في ١٤ ابريل عام 1182، وكان المسلمون قد فتحوا إشبيلية في شعبان عام (94هـجري الموافق 713 ميلادي ،بقيادة موسى بن نصير بعد حصار دام شهراً واحداً وأقام عليها عيسى بن عبد الله الطويل، وهو أول ولاتها من المسلمين.و في عام95 هـجرس خلف «عبد العزيز بن موسى بن نصير» أباه والياً على «الأندلس»، واستقر في «اشبيلية»، واتخذها عاصمة له.
وفى 14 أبريل لعام 1182 افتتح جامع إشبيلية الكبير، فى زمن الوجود العربى الإسلامى فى الأندلس، الذى استمر حتى سقوط سقوط مملكة غرناطة عام 1492، والذى أصبح اليوم يعرف باسم كاتدرائية إشبيلية.
يرجع تاريخ إنشاء المسجد في إشبيلية، إلى عهد الخليفة الموحدي أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (حكم ما بين عام 1163 وحتي عام 1184،.
وأمر ثاني خلفاء دولة الموحدين ببناء هذا الجامع الجديد في ملتقى الطرق الكبرى، عند مدخل قصبة إشبيلية لمّا ضاق بالمصلين الجامع الأول المعروف بجامع ابن عديِّس، بعد مرور 3 قرون على بنائه في عهد عبد الرحمن الأوسط.
وكانوا يصلون في رحاب جامع ابن عديِّس وأقبيته وفي حوانيت الأسواق المتصلة به، فيبعد عنهم التكبير بالفريضة.
وكان أبو يعقوب يرغب في أن يُحاكي جامعه الجامع العتيد لقرطبة، سعة وارتفاعا وزخرفة، وعَهِد إلى أحمد بن باسه الأشبيلي، أكبر مهندسي عصره، بوضع تصاميم الجامع وقيادة أعمال التشييد فيه، ومعه نخبة من البنَّائين من أهل الأندلس وفاس ومراكش.
وبدأ بناء الجامع في شهر رمضان عام 1172، فهدمت الديار داخل القصبة، وأخلي المكان ليحتضن هذا المعلم الكبير، وكلف وزيره محمد بن عبد الملك بن زهر بالإشراف على مراحل إنشائه.
وقيل إن أساسات جدران الجامع حُفرت حتى ظهر الماء من باطن الأرض،.وظل البناء مستمرا لمدةة3 أعوام و11 شهرا، وكان الخليفة يتابع الأعمال بنفسه، إلى أن انتهى العمل في جوانبه الأربعة وجرى الربط بين أروقته والقباب.
واستكمل بناء السقف عام 1176، فأمر باستخدام المبنى الذي جرى افتتاحه في 14 أبريل ، في احتفال حضره مع ولي عهده، وجميع أبنائه وشيوخ وأعيان المدينة.
وانتهى دور مسجد ابن عديِس كمسجد جامع، عندما ألقيت أول خطبة جمعة في الجامع الكبير الجديد، ، وفي حرمه 17 أسطوانة، وله 5 قباب قائمة على جدار القبلة.
يتكون جامع إشبيلية الكبير أو كاتدرائية إشبيلية من 17 رواقا، واتجاهه من الشمال إلى الجنوب باتجاه القبلة،
وتمتاز المئذنة المطلة على سهول إشبيلية بجـدار يزينه شـبكتان من المعينات البارزة تختلف في كل وجه من وجوها، وتحتل المنطقة الوسطى بين الشبكتين أقواس متجاوزة ومفصصة في غاية الروعة والجمال،
وازيحت عنها الأغشية التي كانت تغطيها في احتفال حضره الحاكم وولـي عهـده النـاصر وجميع بنيه وأشياخ الموحدين والقاضي وأعيان المدينة، وذلك في ربيع الآخر عام 594هـجري -1197ميلادي. فبهرت ببريقها ولألأتها عيون الحاضرين.
سقوط اشبليه وتحول الجامع الي كنيسة
وحينما سـقطت إشبيلية على يد "فرناندو الثالث" ملك قشتالة، تحول المسجد الجامع إلى كنيسة ماريا، وظل المسجد قائما على تلك الحال ،و أقيمـت به عدة مصليات، منها المصلى الملكى
وتلاحقت عليه بعد ذلك المصائب على أثـر الزلـزال، فـاضطر المجـلس الكنسـي بإشـبيية إلـى اتخاذ قرار بهدمه وبناء كاتدرائية بقرطبـة مكانه، وبالفعل هدم الجامع، ووضع حجر الأساس في البناء الجديد عام1402د وقـد ظـل بهـو الجـامع ، محتفظا بسلامته إلى حد كبير حتى تهدمت مجنبته الغربية عام 1618ميلادي.
عمارة الجامع
تخطيط الجامع الأعظم يتبع طراز المسجد الجامع التقليدي، وهو الصحن الأوسط، والأربع ظلات المحيطة به، منها ظلة القبلة التي تشغل ثلثي مساحة المبنى، وتتكون من 17 بلاطة، أما الظلتان الجانبيتان فتتكون كل منهما من بلاطة واحدة فقط.
وكان الدخول إليه عبر 15 بابا، 7 منها في الضلعين الشرقي والغربي، والباقي في الضلع الشمالي، والباب الرئيسي يعرف بـ"باب الزعفران".
ويتكون من 17 رواقا عموديا على جدار القبلة، واتخذت السقوف أشكالا هرمية إلى يمين المحراب، وفتحت كوة في حائط المسجد (حائط القبلة)، لوضع المنبر المصنوع من الخشب، والمرصع بالصندل المعشق المطعم بالعاج ورقائق الذهب والفضة.
ثم أقيمت مقصورة أحاطت بالمحراب والمنبر لصلاة الخليفة، وبُني ساباك يربط بين المسجد والقصر؛ كان معدا ليمشي فيه الخليفة أثناء خروجه من قصره إلى الجامع لحضور الصلاة.
ويذكر المؤرخون أن الجامع جمع بين صور إنشائية وفنية، ظهرت في مساجد الموحدين في مراكش، وصور أخرى مستوحاة من جامع قرطبة، الذي أخذ منه مظهره الخارجي، وعظمة صحنه، كما اقتبس منه أسلوب زخارفه ونظام عقوده، وفي عدد بلاطاته الـ11، والتي كانت تتجه عمودية إلى جدار القبلة، وتتراوح ما بين 48 و50 مترا.