لا زالت روسيا تحاول الخروج من نفق العقوبات الغربية المفروضة عليها جراء حربها مع أوكرانيا، بالتغلغل في عدد من أزمات المنطقة، والبروز كوسيط يمكن أن يحقق "نتائج فعالة" في أزمات مر عليها عقد من الزمن، ولعل الأزمة اليمنية التي دخلت عامها العاشر خير مثال ذلك، فبجانب الزيارات المستمرة التي يجريها مسؤولي ميليشيا الحوثي بشكل مستمر إلى الأراضي الروسية، والزيارة الأخيرة التي أجراها رئيس الحكومة اليمنية الشرعية «أحمد عوض بن مبارك» إلى موسكو مطلع مارس 2024، فقد أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن «هانس غروندبرج» زيارة إلى العاصمة موسكو في الفترة من (27- 29 مارس 2024)، وهو ما يشير إلى رؤية أممية تؤكد أهمية روسيا في الملف اليمني.
مباحثات روسية – أممية
وتجدر الإشارة أن زيارة «جرونبدرج» تمخض عنها عقد مباحثات مع كبار المسؤولين الروسين والتقى بنائب وزير الخارجية الروسي «سيرجي فيرشينين» وبنائب وزير الخارجية والمبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط «ميخائيل بوغدانوف» تناولت التطورات الأخيرة في اليمن والمنطقة وتأثيرها على تقدم جهود السلام، ومن جهته شدد المبعوث الأممي لليمن على أهمية استمرار الدعم المتضافر من المجتمع الدولي لتيسير التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية، كما أكد الجانبين على أهمية تكثيف الجهود الدولية الرامية إلى إقامة حوار وطني يمني مستدام تحت رعاية الأمم المتحدة.
جهود «جروندبرج»
ومن الجدير بالذكر أن زيارة المبعوث الأممي إلى موسكو تأتي بعد أيام قليلة من ختام زيارته لسلطنة عمان وذلك في إطار جهوده المستمرة وتحركاته الإقليمية والدولية لحشد الدعم من أجل تسوية الأزمة اليمنية التي دخلت عامها التاسع ودفع جميع الشركاء للتواصل مع مختلف ممثلي القوى السياسية اليمنية، لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية المتراكمة، بما يضمن استكمال عملية "خارطة الطريق" التي أعلن عنها المبعوث الأممي أواخر ديسمبر الماضي والتي تشمل التزام الحكومة الشرعية والميليشيا الحوثية بمجموعة تدابير لـ"وقف شامل" لإطلاق النار في عموم البلاد وتحسين ظروف معيشة المواطنين.
واختيار "جروندبرج" لروسيا، لأنها على علاقة جيدة بطرفي الطراع في اليمن، كما أنها دشنت مفاوضات مؤخرا مع مسؤولي الحوثي لمناقشة أحداث التصعيد في البحر الأحمر التي ستؤثر بلا شك عليها وعلى جميع الدول، وعليه، فإن المبعوث الأممي يريد من الدول المعنية بالأزمة اليمنية تكثيف التواصل مع جميع أطرافها لإبعاد أية تعقيدات تعرقل جهود تسوية الأزمة، وذلك في إشارة إلى تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر وردّ التحالف الذي تقوده أمريكا على هجماتهم على السفن التجارية.
إنقاذ خارطة الطريق
وحول دلالة هذه الزيارة التي تأتي في ظل استمرار تعقد الأوضاع بالأراضي اليمنية على خلفية أعمال القرصنة التي تقوم بها الميليشيا الحوثية في البحر الأحمر والتغييرات التي يقوم بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني «رشاد العليمي» لاستعادة مؤسسات الدولة اليمنية، يقول الدكتور «محمود الطاهر» المحلل السياسي اليمني أن الزيارة محاولة لإنقاذ خارطة الطريق التي كان من المتوقع أن يعلن عنها المبعوث الأممي بداية العام الجاري، غير أن التصعيد الحوثي في البحر الأحمر أجل ذلك.
ولفت «الطاهر» في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز» أن المبعوث الأممي يخشى من أن تعود مجريات الأمور إلى الصفر بسبب التناقضات الدولية، ولجوئه إلى روسيا، بهدف ضمان عدم تغيير الموقف الروسي من القضية اليمنية، ودعم المبعوث الأممي إلى اليمن في قرارات مجلس الأمن الدولي.
وأضاف أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الخاص بفرض عقوبات على زعيم الميليشيا «عبدالملك الحوثي» وعدد من مسؤولي الميليشيا الانقلابية؛ يبدو معضلة فيما يتحدث البعض عن أهمية إلغائه، بينما يعتبر البعض أن قرار إلغاء هذا القرار سيهز من صورة مجلس الأمن، وبالتالي زيارة المبعوث الأممي إلى دولة مؤثرة في مجلس الأمن يبدو أنها تناقش السبل في كيفية الخروج من هذا القرار الذي يعتبره الحوثي أنه لا ينطبق عليهم، ولا يمكن الامتثال له وتسليم السلاح للدولة اليمنية.