"زهدى".. حالة فنية نادرة وفريدة، تستعصى على التصنيف والترتيب والتقييم والفهرسة، لا يمكن أن ننسبه إلى مدرسة فنية معينة، بل يُعد هو مدرسة قائمة بذاتها، فهو أحد رواد فن الكاريكاتير في مصر والوطن العربي، والذى ظهر من خلال رسوماته الكاريكاتيرية موقفه السياسى، وعبر عنه بقوة وجرأة، كما تميزت بالمواقف السياسية الواضحة والأفكار الحماسية التي انحاز فيها للبسطاء وطبقة العمال والفلاحين بشكل خاص وتصدي من خلال رسومه للغلاء وجشع التجار والروتين والتطرف والإرهاب وكل صور الفساد السياسي والاجتماعي وقضايا الحريات.
نشأته
ولد طه إبراهيم العدوي "زهدى العدوي"، فى منيا القمح، واحدة من قرى محافظة الشرقية، عام ١٩١٧م، لكن قضى معظم طفولته بمدينة الزقازيق، كان والده مصورا بارعا يمتلك استديو للتصوير ويعد من أشهر مصورى الشرقية وكان يتابع العديد من المجلات ويحتفظ بها مثل “خيال الظل” والكشكول “والفكاهة” وهى مجلات صدرت فى منتصف العشرينيات من القرن الماضى، وكانت فرصة بالنسبة لزهدي أن يتصفحها وهو فى سن الثامنة ويقضى أوقاتا طويلة متأملا رسوم الكاريكاتير عبر صفحاتها، فى هذا الوقت اكتشف أن الرسوم أصدق فى التعبير عن الشخصية من الصور الفوتوغرافية.
عمل من التلاتينيات حتى التسعينيات فى الكثير من المجلات والصحف بلغ عددها ٣٧ مجلة وجريدة مصرية، وتم اختياره سنة ١٩٧٣ عضواً فى لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان الكاريكاتير، الذى نُظم فى الاتحاد السوفيتي، سعى جاهدًا بحماس ونشاط ومثابرة لإنشاء جمعية للكاريكاتير، ظهرت للوجود فى مارس ١٩٨٤.
تمصير الكاريكاتير
كان لزهدي دور كبير في تمصير فن الكاريكاتير مع رخا وعبد السميع وإن كان للفنان الكبير رخا الدور الأكبر والأهم في تمصير هذا الفن باعتباره أول رسام كاريكاتير مصري في تاريخ الصحافة المصرية والرائد الأول لفن الكاريكاتير المصري ثم يأتي من بعده عبد السميع وزهدي في استكمال مهمة تمصير هذا الفن وانتشاره في الصحف.
مسيرته الفنية
بدأ الفنان الكبير حياته الفنية في دار الهلال وعمل في مجلات وصحف عديدة مثل مجلة الهلال والمصور والإثنين والدنيا حتي استقر في مجلة روزاليوسف عام ١٩٥٥ وفي عام ١٩٥٦ صدر العدد الأول من مجلة صباح الخير وكان غلاف العدد الأول يحمل توقيع الفنان الكبير زهدي. وعندما تولي الكاتب الصحفي الكبير لويس جريس رئاسة تحرير مجلة صباح الخير ١٩٨٢-١٩٨٩ كان حريصا على وجود رسم أسبوعي لزهدي بالمجلة إلي جانب رسومه في روزاليوسف، كما أسهم برسومه فى صحيفة “الأهالى” فى إصدارها الأول.
رؤيته الفكرية والفنية
اعتمد الفنان الكبير "زهدى" في أسلوبه علي قوة بناء الشخصيات المرسومة والاهتمام بالتكوين والحركة والضوء والظل، وجمع في أسلوبه بين الكاريكاتير والجانب التوثيقي (بالرسم) في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وله الكثير من الأعمال التوثيقية الرائعة التي تسجل بشكل كاريكاتيري تلك الفترة من تاريخ مصر والعالم.
مؤسس جمعية الكاريكاتير
كان زهدي يتمني إنشاء جمعية للكاريكاتير تضم كل رموز هذا الفن العريق من كل الأجيال وبالفعل نجح في ذلك عام ١٩٨٤ ليتولي الفنان الكبير رخا مجلس إدارتها وبعد وفاته تم اختيار زهدي رئيسا للجمعية، لذلك يعد "زهدى" المؤسس الأول للجمعية المصرية للكاريكاتير.
رحيل شيخ رسامى الكاريكاتير
توفى "زهدى" فى ٢٠ يوليو عام ١٩٩٤، رحل شيخ رسامى الكاريكاتير وبقيت أعماله وتركت أثرًا فى وجدان مريدي هذا الفن الساخر.