يزداد الموقف تأزما في مدينة إدلب السورية، الواقعة تحت سيطرة ميليشيات هيئة تحرير الشام الإرهابية (جبهة النصرة سابقا)، خاصة أنها تعج بعدة تنظيمات إرهابية لجأت إلى المدينة، تمارس عنفا داخليا ضد بعضها البعض، وعنفا ضد المواطنين المدنيين الذين خرجوا في مظاهرات بصورة يومية يطالبون بسقوط "أبو محمد الجولاني" زعيم الهيئة، الذي يفرض قيودا صارمة وقمعية على المواطنين.
وطالب المتظاهرون بضرورة الإفراج عن المعتقلين، وباتت الهيئة الإرهابية في مرمى الأسئلة والشكوك حول مقتل أبو ماريا القحطاني، الذراع اليمنى للجولاني، في تفجير استهدف محل إقامته.
قبل أيام، وفي تطور مريب، أفادت شبكة الأخبار العسكرية، التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، بمقتل أبو ماريا القحطاني الذراع اليمنى لأبي محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام الإرهابية، إثر عملية انتحارية استهدفت مقر إقامته في إدلب السورية.
وتعود قضية القحطاني إلى أغسطس من العام الماضي، حيث ألقت مجموعة أمنية تابعة للهيئة القبض على القحطاني وعناصر معه في تهمة الخيانة، حيث وجهت له الهيئة تهمة العمل مع خلية للعمالة لصالح قوات التحالف الدولي التي تقودها واشنطن، إلا أن الهيئة عادت وبرأته من تهمة الخيانة في محاكمة شكلية قبل شهر.
وقال رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصريحات تليفزيونية، أن الجولاني كان على خلاف دائم مع القحطاني، حيث زُج به في السجن لأشهر بتهمة العمالة لقوات التحالف الدولي، وجرى تبرأته شكليا وفق لجنة التحقيق وأفرج عنه قبل شهر، وقتل في عملية انتحارية في مضافته، وقتل الانتحاري، وفرَّ اثنان آخران من المكان دون أن يلقى القبض عليهما.
واتهمت بعض الميليشيات الإرهابية، في إدلب، قيادات بارزة في هيئة تحرير الشام الإرهابية بالتورط في الخيانة والعمالة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي أجبر الهيئة على اعتقال أبو ماريا القحطاني أبرز القيادات بالهيئة، والذراع اليمنى لزعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، ومعه مجموعة أخرى من القيادات تم اعتقالها ضمن خلية تعمل لصالح التحالف الدولي.
الاتهامات التي طالت قيادات رفيعة في الصف الأول للهيئة، جعلت خصومها يشنون عليها هجوماً جديدا، وُصِفت فيه الهيئة بالاختراق في مناصبها الحساسة، وتمت دعوة أعضائها للانشقاق عنها، ورغم تعامل الهيئة مع أزمة القحطاني بطريقة مثيرة للجدل، حيث أصدرت بيانا قالت فيه إن القحطاني "أخطأ في بعض التواصلات دون اعتبار حساسية موقعه"، بحسب ما ينقله المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويرى مراقبون أن التعامل مع أزمة القحطاني ليست على مستوى الأزمة ولا على مستوى الأهمية اللازمة، فالقحطاني نفسه له تاريخ طويل داخل الهيئة، وعلى علاقة قريبة جدا من زعيمها الجولاني، كما أن إيقافه أو وضعه تحت إقامة جبرية وحراسة مشددة.
ووصف جريمته بأنه نوع من الخطأ في الاتصالات، وعدم الانتباه الكامل لحساسية منصبه ومركزه في الهيئة، يظهر مدى التهوين من شأن أزمة القحطاني في نظر الهيئة.
إلى جانب قضية مقتل القحطاني؛ فإن الأزمة قائمة منذ أيام، حيث طالب المتظاهرون بكف القبضة الأمنية، وتبييض السجون من الشرفاء، وإطلاق سراح معتقلي الرأي، ووقف التعذيب، وتخفيف الرسوم والضرائب والإتاوات.
إلى جانب هذه المطالب فقد اعترفت الهيئة بمقتل أحد العناصر المحتجزين لديها من فصيل يسمى "جيش الأحرار" بعد 10 أشهر من إخفاء أي معلومات عنه وعن مصيره، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان عدة مظاهرات ضد الجولاني وميليشياته الإرهابية.