“الزمن بيتغير وعاداتنا الحلوة بتفضل”.. أداء صلاة العيد بالثياب الجديدة بـ "الخلاء"
يتوافدون مجموعات بجانب بعضهم البعض متسارعين لحجز مكان في منطقة "الخلاء" بجوار مسجد سيدي الأربعين، تراهم بالجلاليب البيضاء وإسدالات الأطفال ويرتدي الأطفال ثياب العيد الجديدة وتملؤهم البهجة والسرور والحماس لممارسة طقوس الإحتفال بعيد الفطر المبارك، تفوح منهم رائحة العطور الذكية وتنجذب الأنظار إلى ملابسهم الزاهية المبهجة، وقفوا متصافين في زحام شديد ومن تأخر دقائق معدودات حُرم من مكانه بين الصفوف، وأدوا صلاة العيد في طقس يعد هو العيد بذاته.
العيد ليس بدايته اليوم فحسب، فيحتفل المصريون بقدوم العيد بطريقتهم المميزة، فتبدأ الاحتفالات قبل قدومه بأسبوع على الأقل فيقبل الناس على شراء الملابس الجديدة التي تعد طقسًا لا يتم التنازل عنه، وقلب منازلهم رأسًا على عقب فيما يطلقون عليه "تنضيف العيد" لتجهيز المنازل وتعطيرها لاستقبال الضيوف والأقارب والأحباب، وتتأجل معظم المناسبات السعيدة إلى بعد العيد، فتكثر حفلات الزفاف والخطوبة وعقد القران، وتشهد الشوارع المصرية زحامًا شديدًا في ظل وجود أغلب الأسر خارج المنازل لشراء الملابس الجديدة وخاصة للأطفال الصغار، ويتبادل الشعب المصري التهاني مع بعضهم البعض احتفالًا بعيد الفطر وإتمام شهر الصوم، ويبادر الأهالي بتوزيع الحلوى والبالونات على الأطفال بعد صلاة العيد حيث يتجمعون في مساحات واسعة في القرى والمدن فيما يعرف بـ "الخلاء"، ويتم فرش "الحُصر البلاستيكية" بجانب بعضهم البعض على مساحات واسعة ويصطف المصلين صفوفًا وراء بعضهم وبحوزة كل فرد "المصلية" الخاصة به، فترى الرجال في المقدمة وخلفهم النساء والأطفال الذين يرتدون "إسدال العيد" و"عبايات" بزخارف ونقوش إسلامية ويتحلى الأطفال بملابس العيد المبهجة ويبادل بعضهم البعض عبارات التهنئة.
سمي العيد عيدًا لعودته بالفرح في كل عام وانتشار البهجة والسرور بين الجميع، فهو احتفاء بانتهاء فريضة الصوم، أما عن "ليلة العيد" أو "الوقفة" كما يسميها المصريون، فلها طقوس مختلفة، حيث يقبل الشباب على صالونات الحلاقة، بالإضافة إلى ذهاب الفتيات لصالونات التجميل والبعض الآخر في المنزل يستعد لاستقبال العيد، فضلًا عن تنظيف المنزل والذي يبدأ قبل العيد بيوم أو اثنين، ومصطلح "وقفة العيد" يطلق على اليوم الذي يسبق يوم العيد مباشرة، حيث تمت تسميته بهذا الاسم ارتباطًا بعيد الأضحى، حيث يقف الحجاج على جبل عرفة في اليوم الذي يسبق أول أيام عيد الأضحى فيما يعرف بـ"وقفة عرفة"، ومن هنا أُطلق عليه يوم الوقفة، وارتبطت بعدها تسمية اليوم الذي يسبق أول أيام العيد بيوم الوقفة بالنسبة لعيد الفطر أيضًا.
وتشهد ليلة الوقفة سهرات شبابية عدّة وتجمعات كبيرة في المقاهي والكافيهات، حيث يسهرون للصباح قبل التوجه لأداء صلاة العيد في الساحات، حاملين معهم الهدايا لتوزيعها على بعضهم بعد الصلاة، وبعد انتهاء الصلاة تبدأ حفلة الكعك والشاي بالحليب فمن طقوس المصريين أن يتناولوا الكعك بعد الصلاة مباشرة وبعدها يبدأ المصريون في الخروج إلى المتنزهات والحدائق ودور السينما.
يقول "أحمد عادل" أن "العيدية" حتى ول كانت بسيطة تعد واحدة من أهم طقوس وعادات الاحتفال وأكثرها انتشارًا، ومن عادات وتقاليد العيدية أنها تختلف في القيمة بحسب السن، وكثيرًا ما يحصل الصغار على العيدية من الأبوين والجدين والأعمام والعمات والأخوال والخالات، ومن المعتاد أن تكون نقود العيدية جديدة، وتابع ضاحكًا "كنا زمان بناخد عيديات لكن دلوقتي ظهرلنا جيل مفروض نديله عيدية".
أما عن الوجبة الأساسية لأغلب المصريين في عيد الفطر، فيقول "محمد حسين" أنه في معظم الأعياد تكون الرنجة والفسيخ هما وجبتهم الأساسية، فهي من ضمن العادات الموروثة عند الشعب المصري، بالإضافة لبعض المأكولات البحرية، قائلًا "بنحرم نفسنا منهم ومن السمك طول رمضان عشان بنخاف من العطش في الصيام".
وقالت الحاجة "سمية صابر" أنها تفضل الطعام الجاهز في العيد ليظل المطبخ نظيفًا وحتى تأخذ هدنة من الوقوف لساعات طويلة لإعداد المائدة في شهر رمضان، خاصة أنه يتم عمل فطار وسحور لمدة ثلاثين يومًا وينبغي التنوع في الأصناف وتجهيز العصائر والحلويات للصائمين.
وأشارت "منة خالد" أنها في غاية السعادة هذا العام، حيث سيأتي خطيبها لزيارتها في أول عيد يجمعهما سويًا، مؤكدة أنها قد قامت بتنظيف منزل والدها بعناية شديدة لاستقباله مع أسرته، قائلة "فرحانة إنه هيزورني ولأول مرة هيديني عيدية".
قد تزينت الشوارع بزينة رمضان منذ أيام قليلة، واليوم قد ازدادت الزينة بزينة العيد وبمظاهر سعادة جديدة، فالمحلات قد رتبت "الكراتين" في صفوف خلابة وامتلأت الشوارع بالبالونات وألعاب الأطفال وترى الأسر تسير وفودًا لتبادل التهاني والمعايدات.