منذ اللحظات الأولى من طرح البرومو الدعائي لمسلسل "الحشاشين"، ظهرت حالة من الانبهار والإعجاب والانتظار ليس من الجمهور المصري فقط، بل العربي أيضا، نظراً لشكل البرومو الدعائي للمسلسل، وكم الإبداع الإخراجي والتكلفة الإنتاجية الهائلة بجانب توافر عناصر النجاح الخاصة بعمل فني وبالأخص من طبيعة الأعمال التاريخية، وهو ما ظهر جلياً في كل تفاصيل المسلسل بعد عرض الحلقات، وثارت حالة من الجدل حول المسلسل، والكثير من حالات التربص و التصيد لكل تفاصيل العمل الفني.
ولكن الجمهور العربي اصطف خلف المنتج الجديد، وحقق المسلسل نجاحاً منقطع النظير وأصبح حديث الشارع العربي، وكعادة الفن الذي يمكن أن يفرز للمجتمع العديد من التأثير الإيجابية والتي ترتقي بالذوق والثقافة وتعلى تفكير المشاهد، بدأت ظاهرة جديدة بسبب مسلسل الحشاشين، وهي البحث من قبل المتابعين عن كل تفصيله تاريخية خاصة بتلك المرحلة بالتاريخ، وبالشخصيات الموجودة، بل وفتح المسلسل باب التاريخ على مصراعيه، لتوطئ أقدام الجماهير كل درب في أرض الماضي، لتتحول كل حلقة من المسلسل بمثابة صفحة جديدة من التاريخ يقرؤها المشاهد بشغف المتلقي الفني، ليتحول إلى باحث خلف التاريخ، وهو ما أثرى عقول الجماهير وقدم مادة فنية وثقافية استثنائية، وفى السطور التالية نرصد لكم آراء الكتاب والنقاد وأهل الفن حول العمل وأبرز خمس عناصر جعلت من الحشاشين ملحمة فنية استنثانية.
عمل فنى مبهر
الناقد الفني طارق الشناوي أشاد بمسلسل الحشاشين باعتباره عملا فنيا مصريا، يقدم الجرعة التاريخية بشكل مبهر في كافة تفاصيله، فنياً وإخراجيًا وكتابياً، وعلى مستوى كل عناصر العمل.
وتابع الناقد الفني طارق الشناوي أن المسلسل قدم عناصر الجذب بكل براعة بداية من مخرج مثل بيتر ميمي قدم الصورة الإخراجية بأفضل شكل، وفنان بقيمة نجم عربي مثل كريم عبدالعزيز والذى استطاع أن يقدم شخصية حسن الصباح بكل تناقضاتها الفنية بكل سلاسة وإبداع دون أن تشعر معه بملل المادة التاريخية المعتاد.
وأبدى طارق الشناوي سعادته بحالة الدمج الفني التي تقدمها مصر لكل نجوم العرب بشكل دائم على مدار تاريخها الفني، وما قدمه مسلسل الحشاشين من نجوم عرب بالعمل سواء بالتمثيل أو حتي الموسيقي التصويرية، وهو ما يجعلنا نفخر بالفن المصري باب العرب دائماً، وقدم العمل التاريخي للفن المصري بما يستحق.
وأضاف، أن حالة الجدل التي صاحبت المسلسل تعتبر صحية جداً، وتدل بشكل كبير على حجم العمل وقيمته وكم المشاهدات الهائلة التي حققها المسلسل، وكيف لشركة المتحدة أنها استطاعت أن تقدم المائدة الفنية التاريخية بهذا النجاح.
واختتم الناقد الفني طارق الشناوي، بأن الجدل حول اللغة العربية أو العامية، ماهو إلا موروث خاطئ ربط الأعمال التاريخية باللغة العربية الفصحى، وهو أمر لا إلزام فيه، هناك عامية بيرم التونسي وهناك عامية شعبية لا تليق بعمل تاريخي، الشرط باستخدام العامية للعمل التاريخي هو ألا نستخدم مصطلحا مستحدثا خاصا بالعصر الحديث وهو ما يجرح الزمن ويؤثر سلباً على المتلقي.
نقله جديدة فى عالم الدراما
من جهتها أكدت الناقدة الفنية ماجدة موريس أن مسلسل "الحشاشين" يمثل نقله جديدة في عالم الدراما التاريخية، والعمل شمل الدمج بين الكثير من الدول خلال سرد الأحداث، وهو ما أضفي على العمل الفني تنوع فى الصورة والأحداث والكادرات.
واستطردت الناقدة ماجدة موريس أن المخرج بيتر ميمي والشركة المتحدة قدما مجهودا كبيرا جداً خلال العمل، وظهر جلياً من خلال تصميم المعارك وتنفيذها على مستوى الإخراج والإنتاج، إلى جانب الإهتمام بكافة تفاصيل الصورة والتى كانت غير موجودة فى الأعمال التاريخية السابقة، ولم تكن هناك أهمية وضرورة للمعارك وتتم بأبسط الوسائل.
واختتمت الناقدة الفنية ماجدة موريس أن المسلسل قدم المعلومة التى جعلت المشاهد يهتم باستكمال البحث والتدقيق، وتم طرح الطائفة بشكل درامي شيق ساعد على تقبل التاريخ والسرد الصعب للمادة التاريخية من خلال غلاف فني ضمن جذب المشاهد.
قدم ركنا فنيا هاما
وقالت الناقدة الفنية ماجدة خيرالله إن مسلسل الحشاشين قدم ركنا فنيا هاما لتلك النوعية من الأعمال، وهو أنه جعل المشاهد يسعي للاطلاع والمعرفة والبحث والقراءة حول تلك الحقبة الزمنية، وحول شخصيات مثل حسن الصباح وعمر الخيام.
واستطردت الناقدة الفنية ماجدة خيرالله حديثها أن مسلسل الحشاشين يقدم الفكر الإرهابي والتنظيم الذى ينتهج الإرهاب والقتل أسلوب لتصفية خصومه وكل من يخالفهم الفكر، وهو سرد هام يقدمه العمل لفصيل تاريخي يجعلنا نفهم الكثير من الأمور التي تتكرر.
وأبدت الناقدة الفنية ماجدة خيرالله استياءها من هجوم البعض بسبب استخدام لغة المسلسل بالعامية المصرية، وكشفت عن أن الكثير من الأعمال لبلاد أخري يتم صياغتها باللغة العامية، وهناك أيضاً أعمال بالسابق كانت محط سخرية من الجمهور بسبب استخدام اللغة العربية.
وأضافت الناقدة الفنية ماجدة خيرالله أن الجمهور يمكن أن يتلقي العمل كوجبة درامية وقصة مشوقه، لأن الأحداث تتميز بالتشويق والإثارة و التصاعد بشكل درامي جيد، وتتماشي مع الصورة والحالة الفنية التي يقدمها العمل، مما يعود بالإيجاب بالنسبة للمشاهد.
واختتمت الناقدة الفنية ماجدة خيرالله أن المسلسل يقدم الشكل التاريخي للأعمال الفنية بشكل مختلف ومتطور ويستحق المنافسة، وأن الإنتاج لم يبخل بأي شيء لظهور المسلسل بهذا الشكل المشرف، وعلينا تقديم التحية للمخرج بيتر ميمي لما قدمه من جهد كبير ورائع من خلال العمل، والأبطال جميعاً ومن بينهم كريم عبدالعزيز وفتحي عبدالوهاب وأحمد عيد وجميعهم يستحقون التقدير الكبير.
معيار مختلف
ومن جانبه أكد الكاتب والسيناريست أيمن سلامة أن الشركة المتحدة تقدم معيارا مختلفا من طرح فني وثقافي، بعيدًا عن الانحدار الذى تم الوقوع فيه خلال السنوات الأخيرة، وما ترتب عليه من أعمال لا تليق وتساعد على غزو ثقافي لأفكار ولغة حوار ومصطلحات لا تليق.
وتابع الكاتب والسيناريست أيمن سلامة في تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز"، أتابع جميع الأعمال وليس مسلسلي فقط، وهو المفروض لنا ككتاب أن نشاهد أعمال الجميع ونتابع ونقيم ونقف على كل جوانب الأعمال الفنية المطروحة خلال الموسم الرمضاني.
وأكمل الكاتب والسيناريست أيمن سلامة حديثه، الشركة المتحدة لم تبخل بأى شىء لتقديم الأعمال التاريخية على مائدة دراما رمضان، بشكل مشرف ويعيد مصر إلى الريادة الحقيقية، والجميع يعلم صعوبة تلك الأعمال لطبيعة الكتابة والإخراج وتجميع الأبطال وتكلفة الإنتاج، وهذا الأمر الأخير لولاه لما كان العمل من الأساس.
وأضاف الكاتب والسيناريست أيمن سلامة، أن العمل الفني خاصةً الأعمال التي تعتبر لها طبيعة تاريخية، ربما تثير الجدل لما لها من طبيعة خاصة من السرد الدرامي والتحضيرات للأماكن والإكسسوارات وملابس الشخصية طبقاً للزمن الذى يقدمه العمل، ولكن في الأخير الجمهور هو الحكم.
مجهود إنتاجي وتنظيمي كبير
وفى نفس السياق أشادت الناقدة الفنية دعاء حلمي بالشركة المتحدة والمجهود الإنتاجي والتنظيمي الكبير الذى تقدمه الشركة، لظهور عمل بحجم مسلسل "الحشاشين"، بهذا الشكل العالمي والذى يعد تقديم جديد ونقله هامة للدراما التاريخية بالإنتاج المصري.
وأضافت الناقدة الفنية دعاء حلمي في تصريحات خاصة لـ "البوابة" أن العمل يقدم سردا تاريخيا لمراحل هامة من الفصائل السرية، والتكوينات التى تعتمد على العنف، من طريقة انتشار الفكر والعمل على تزييف الحقائق، وتغييب عقول التابعين، وهو ما جعل العمل أكثر أهمية وتأثير منذ اللحظات الأولى لعرضه فى السباق الرمضانى.
وأبدت الناقدة الفنية استيائها من حملات التشويه الممنهج التي طالت المسلسل، حتى قبل مرور عدد من الحلقات لإمكانية تقييمه والحكم عليه، وأكدت أن اللجان الإلكترونية تعمل بشكل كبير تجاه التقليل من النجاح المذهل الذى حققه العمل.
وأعربت عن سعادتها وفخرها بالإنتاج المصري، وشكل الإخراج وأداء نجوم الفن المصري والعربي، داخل هذا العمل، والذى أظهر بدايات مختلفة لدراما وسينما تنافس أكبر سينمات ودراما الدول الأخرى فى أى مكان فى العالم.
عناصر نجاح مسلسل "الحشاشين" ملحمة الشركة المتحدة
العنصر الأول.. "الكتابة" عبدالرحيم كمال مفتاح النجاح
يعتبر الكاتب هو الركن الأساسي للعمل الدرامي، دون الكتابة وورق جيد للعمل لا يمكن أن تجتمع كل عناصر العمل، ويتميز الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال بطبيعة كتابية خاصة، وخيال مختلف لكل طرح درامي يقدمه من خلال أعماله، وتتميز مدرسة الكاتب عبدالرحيم كمال أنها من مدارس الكتابة التي توظف عقل المشاهد في كل مراحل التنقلات الفنية والسردية لكل تفاصيل العمل، ليتحول الجمهور إلى شريك فاعل من خلال التفكير والتأمل والتدبر للأحداث، ويعتبر طرفا أساسيا فى المعادلة الفنية خلال أحداث المسلسل.
وفى حالة الكتابة التاريخية لكاتب بمثل هذه المواصفات السردية، فقد قطعت شوطاً كبيراً فى رحلة من المتعة من خلال حلقات المسلسل، عليها ضمان فني ببلاغة كاتب يملك أدواته ويبدع فى مداعبة عقول جماهيره طوال الوقت.
العنصر الثاني.. "كريم عبدالعزيز"
يغرد الفنان كريم عبدالعزيز خارج سرب الفن، وتعدي كل مراحل أقرانه من أبناء "كاره" الفني، وأصبح ملهما للمرحلة الفنية الحديثة بعد جيل الكبار من نجوم السينما والدراما.
وجد الجمهور ضالتهم في الفنان كريم عبدالعزيز حيث استطاع أن يقدم أفلام الكوميديا ونجح وقدن قالب الفيلم الشبابي الخفيف، ولاقى قبولا كبيرا، وتوالت الأعمال من تلك النوعية، حتي تمرد النجم الوسيم على كل تلك الشعبية السهلة، وخاض معركة البطل الشعبي وقدم العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية التي تشبه كل فرد من جمهوره.
حتى جاءت مرحلة النضج الفني ليقدم كريم عبدالعزيز خلال الموسم الفني الواحد كل ألوان الأعمال الفنية، وتحقق كل منهم نجاح غير مسبوق، ليتربع فى قلوب جماهيره ,اصبح اسم كريم عبدالعزيز شهادة ضمان فني بين العمل والجمهور، حتي جاءت مرحلة الحشاشين وقدم من خلالها إبداعا فنيا بشكل مغاير لكل مراحل الظهور الفني السابق، وقدم نفسة لجمهوره بشكل ولوك فني جديد يثبت أنه الأكثر اختلافاً وسط أبناء جيله.
العنصر الثالث.. بيتر ميمي "مخرج مصري برؤية عالمية"
قدم المخرج المبدع بيتر ميمي العديد من الأعمال الفنية الهامة خلال مشواره الفني، وخاصةً الفترة الأخيرة.
ولكن يعتبر مسلسل تاريخي بحجم "الحشاشين" هو الاختبار الأصعب لأي مخرج، فكل تفاصيل العمل هو مسئول عنها فهو رب العمل، وتأتي صعوبة الأعمال التاريخية بسبب أن تفصيلة واحدة قادرة أن تنهي مجهود كل العاملين وكل ساعات وأيام وشهور التصوير.
إلى جانب التحدي الأصعب وهو تقنيات الصورة وتنفيذ المعارك، وهو الجانب الذي يساوي العمل بكل ما سبق من كل ما هو معتاد دون تقديم جديد، أو يقدم عملا فنيا يستحق المنافسة والتصنيف.
كل الصعوبات السابقة حولها المخرج المبدع بيتر ميمي، إلى نقاط قوة وعلامات مضيئة، وأبهر كل النقاد والجمهور والمتابعين بكادرات سينمائية درامية، وأثبت أن الفن المصري يملك المواهب الفنية والإخراجية التي تثبت ريادة مصر فى كل جوانب الفن.
العنصر الرابع.. فريق العمل "كتيبة النجاح"
العمل الفني هو عمل جماعي، وحين تتوافر عناصر النجاح يتوافر معها وصول العمل إلى أعلى مكانه فنية فى قلوب وعقول وذاكرة ووجدان الفن والجمهور.
وتميز مسلسل الحشاشين بالتفرد فى تلك النقطة، حيث كل عنصر من عناصر العمل هو بطل المشهد فى ملعبه، يقدم أفضل مردود فني وإبداعي سواء من الموسيقي والصوت والإضاءة، ومصممي المعارك والمجاميع والتزامهم، وجميع الفنانين المشاركين من نجوم الفن المصري والعربي، ومدى التمكن الذي قدمه كل فرد من منظومة الحشاشين، ليظهر لنا عملا فنيا أبدع كل من شارك فيه وأصبح بطلاً خاصاً فى مربع عمله.
العنصر الخامس.. الشركة المتحدة "إنتاج درامي بوعي فني"
لا يمكن أن تتلاحم كل تلك العناصر سالفة الذكر، دون إنتاج فني يليق بكل التفاصيل التي تم سردها، فعدم وجود شكرة المتحده بما قدمت من تكلفة إنتاجية، ووعي بدعم لما يستحق، ستكون الفكرة أحبار على ورق الكاتب، ولكن ما تم إنجازه من تسيهلات وإنتاج من الشركة المتحدة، هو ملحمة أنتجت لنا عملاً تاريخياً يليق بحجم مصر والفن المصري، ويليق بحجم الأعمال التاريخية.
وفرت الشركة المتحدة كل عوامل النجاح، من عناصر المادة والتجهيزات والتسهيلات، والدعم لكل أفكار المخرج التي يريد أن يطبقها لخروج العمل بهذا الشكل، إلى جانب تجميع نجوم الفن من العالم العربي فى عمل فني واحد، إلى جانب استخدام أحدث التقنيات والأدوات الحديثة، وتصميم المعارك بطراز عالمي، لتثبت المتحدة أن الحراك الفني والثقافي الهدف الأولى من أعمالها الفنية.