الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الأعياد في مصر القديمة.. البهجة تملأ الشوارع والمعابد والقصور

تميزت بالطقوس المهيبة والاحتفالات الضخمة

صورة بالذكاء الاصطناعي
صورة بالذكاء الاصطناعي للاحتفال بالأعياد في مصر القديمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لآلاف الأعوام، كانت البهجة سمة من سمات المجتمع المصري القديم؛ فقد أحب المصري الحياة، وتفنن في إقامة الأعياد، وإحياء الاحتفاليات في مناسبات عديدة. فالحصاد مناسبة تُقام لها الأعياد، وفيضان النيل الذي يأتي بالخير الوفير له أعياد واحتفاليات مهيبة، وتنصيب الملك له احتفالاته وطقوسه، وكذلك بناء المعابد له احتفالاته الدينية الخاصة ذات القدسية والطقوس المهيبة، والعديد من المناسبات التي قدّسها المصري القديم، وجعل حلولها أو ذكرى حلولها مناسبة تُقام فيه الاحتفالات والأعياد.

وقد وثّقت البرديات وجدران المعابد الكثير من هذه الاحتفالات، وما وصلنا على جدران المعابد والمقابر الملكية يؤكد أن المصري القديم قدّس معتقداته وملوكه وآلهة مصر القديمة وأقام لها الأعياد، وكانت هذه الأعياد أيام عطلة رسمية لعامة الشعب، ومختلف ممارسي الحرف والصناعات؛ عدا الأعمال ذات الطبيعة الخاصة، مثل بعض فرق الجيش، والقائمين على حراسة حدود المملكة، وموظفو الحاشية الملكية، وغيرهم من أصحاب الأعمال القائمة على خدمة المواطنين.

وعبر بعضًا من الصور المنشأة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، تحتفي "البوابة" مع قراءها، وتسرد لهم عن الأعياد في مصر القديمة.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

أعياد الآلهة 

في دراسة هامة تناول خلالها أهم الأعياد في تاريخ الدولة المصرية القديمة، قدّم الدكتور عبد الحليم نور الدين، عالم المصريات، وأستاذ اللغة المصرية القديمة، حكايات عن أهم الأعياد في مصر القديمة. فقد احتوى التقويم المصري القديم على العديد من الأعياد وأيام العطلات، منها ما ارتبط بالتقويم نفسه "أول السنة ونصف الشهر، وبداية الفصول"، ومنه ما ارتبط بالزراعة "الحصاد والفيضان"، ومنه ما ارتبط بتتويج الملك، والعيد الثلاثيني.

وكانت هناك من الأعياد ما ارتبط بالحياة الجنائزية، فكانت أعياد الموتى ترتبط بزيارة أسر الموتى للمقابر لتقديم الطعام لهم؛ وما زالت هذه العادة مستمرة في مختلف محافظات مصر حتى الآن، وإن لم يكن لها عيد منفصل مُخصص لها، ولكن ظلت طقوس زيارة الموتى وتقديم الطعام إحياء لذكراهم مظهرًا من مظاهر الأعياد في مصر.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

أيام الأعياد

خصص المصري القديم لكل عيد أيامًا، منها ما يذكره "حجر باليرمو"، مثل أعياد الآلهة "حورس، وسكر، وملمين، وأنوبيس وسشات"؛ إضافة إلى قوائم الأعياد الموجودة في معابد "كوم أمبو، وإدفو، وإسنا ودندرة"، والتي تعرفنا من خلالها على أعياد بعض من الآلهة، مثل "حتحور وسخمت"؛ كما توصّل علماء المصريات من خلال بعض المواقع الأثرية لأعياد بعض الآلهة الأخرى، مثل "عيد خنوم وعنقت" في الفنتين، ابتداء من 18 هاتور، وعيد "ساتت وعنقت" في إقليم الجندل الأول، ابتداء من 28 هاتور، وعيد "اللقاء الجميل" في إدفو، وثلاثة أعياد في إسنا، وهي "عيد رفع السماء"، وعيد "وصول نيت إلى سايس"، وعيد الإمساك بالفأس. وثلاثة أعياد في دندرة، وهي عيد "شرب الخمر، وعيد ولادة الإلهة، وعيد اللقاء الجميل".

أيضًا، كان هناك عيد يُطلق عليه، "عيد السنة الجديدة" وكانت احتفالاته تقام في إدفو ودندرة، وهناك تفاصيل أكثر عن الاحتفال بمظاهر العيد في هذين المعبدين، وخاصة معبد دندرة الذي يعطي وصفًا لما يتم من احتفالات في الليلة التي تسبق هذا العيد.

وفي معبدي سايس وأبيدوس، كان يتم الاحتفال بـ "أوزير"، من حيث معاركه، وموته وبعثه من جديد.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

رسمية ومحلية

كانت الأعياد في مصر القديمة تنقسم إلى عدة أنواع؛ فمنها الأعياد الرسمية، والتي يتم الاحتفال بها في مصر كلها، وهي "عيد السنة الجديدة" وعيد أول الشهر، وأعياد نصف شهرية، وبداية الموسم، و"عيد الفيضان" و"عيد تتويج الملك".

وكانت هناك أعياد محلية خاصة بإقليم أو مدينة معينة، مثل "عيد ميلاد الإله المحلي" و"عيد انتصار الإله على عدوه"، بالإضافة إلى الأعياد الخاصة، والتي كان يُطلق عليها الأعياد الشعبية، والتي تتعلق بفئة معينة أو مناسبة معينة خاصة بمجموعة أو مكان معين، إضافة إلى أعياد الزواج والميلاد، والأعياد الدينية، والأعياد الزراعية، والأعياد الجنائزية.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

طقوس الاحتفال 

بينما كانت العديد من الأعياد في مصر القديمة لها أسباب ظاهرة، ولكن هناك أيضًا أعيادًا كان لها أسبابًا خفية، تتمثل في تخليد أحداث معينة من قصص الآلهة لتمثل أمام الشعب في مناسبات مختلفة، وأثناء هذه الأعياد كانت تُرتّل أناشيد للطقوس، وتُزيّن المعبد وتضاء، وتُقدّم القرابين.

من أهم طقوس الأعياد في مصر القديمة، أن يرى الشعب صورة تمثال سيده "الإله" التي كانت تخرج من المقصورة، وتنقل إلى مكان ظاهر بعد أن تزين بالتمائم وقلائد الذهب، وتوضع في قارب حيث كانت السفن بوجه عام تُمثّل للمصري القديم وسيلة النقل المعروفة والأكثر انتشارا، وكانت توضع أمام الإله أعلام مزينة بصورة إلهية مثل "وب واوت، أي: فاتح الطرق"، وعند الدخول للمعبد يوضع تمثال الإله على قاعدة حجرية عالية ليراها كافة الناس، ويقدمون القرابين والبخور والأدعية.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

فيضان النيل

منذ فجر التاريخ، ومصر بلد زراعي في المقام الأول، ويؤكد الدكتور عبد الحليم نور الدين في دراسته، التي تحمل عنوان "الأعياد في مصر القديمة"، أن المصريين القدماء احتفلوا بعدد لا بأس به من الأعياد الزراعية؛ مثل "أعياد النيل، وأعياد الحصاد" في جميع أنحاء مصر، وهي الأعياد المخصصة لـ"رنتوتت" إلهة الحصاد أو "مين" إله الخصوبة، والتي كانت تُقام في فصل الحصاد "الصيف"، وفي شهر "كياك".

وكانت تُقام أعياد حرث الأرض، التي يمثل فيها الإله أوزير وهو يموت ثم يُبعث مثل الأرض التي ينمو فيها الزرع. كما اشتملت قوائم أعياد المصري القديم على أنواع أخرى من الأعياد، ومنها الأعياد الدينية، والأعياد الملكية"، ومن أمثلة الأعياد الدينية عيد الإله "مين" وهو عيد فيضان النيل المُقدّس.

ويقام عيد الإله "مين" في الشهر الأول من فصل الحصاد لارتباط هذا الإله بصفة الخصوبة. وفي أثناء هذا العيد يُطلق الملك مجموعة من الطيور في اتجاه الشرق والجنوب، والغرب والشمال كرمز لتجديد قوته، كما كان يتم بناء أشكال مخروطية ضخمة.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

عيد "ابت"

عيد "ابت" هو عيد انتقال آمون من معبده في الكرنك إلى معبده في الأقصر، وقد عُرِف هذا العيد من خلال مناظر معبد الأقصر التي ترجع لعهد الملكين توت عنخ آمون وحور محب، ومن خلاله كان الإله آمون ينتقل من الكرنك إلى الأقصر، ثم يعود إلى الكرنك. 

وكانت تبدأ الاحتفالات من معبد الكرنك، حيث يُقدّم الملك القرابين "لحوم، زهور، فاكهة طيور، لبن، وعطور"، كما يقوم بالتبخير ورش الماء أمام قارب آمون الذي يطلق عليه "وسرحات"، وأمام قاربي "موت، وخونسو"، ويمكن التعرّف عليهم من مقدمة المركب ومؤخرتها، والتي كانت تُزيّن برأس الإله صاحب المركب.

ويخرج الموكب من الصرح العاشر للمعبد، والكهنة يحملون قوارب ثالوث طيبة "آمون، وموت، وخونسو" فوق أكتافهم، وكان قارب آمون يحمله ثلاثون كاهنًا، يبدأون من قدس الأقداس إلى داخل المعبد، ثم يخرجون من الصرح الثالث، ويصلون إلى شاطئ النيل، وهنا يضعون قوارب الآلهة المقدسة على مراكب حقيقية، وتتجه المراكب شمالًا مع التيار باتجاه معبد الأقصر. وعلى ضفاف النهر تقف جموع المواطنين والموسيقيين لتحية الموكب، كما تقف كاهنات موت، ومعهن الآلات الموسيقية، كما تقف الشرطة لتنظيم الاحتفال، وعند النيل تنزل المراكب تتبعها مراكب القرابين، وعلى الشاطئ أمام معبد الأقصر يقف الناس يهللون ويهتفون ويساعدون في دفع المراكب في سعادة، ويرقصون ويرتلون الأناشيد ويعزفون بالصلاصل.

وعلى الطريق المؤدي إلى معبد الأقصر، تُقام أبنية صغيرة يُقدّم فيها الكهنة القرابين. وعند الوصول للمعبد يقوم الملك بنفسه بطقوس القرابين، والحاشية تنتظر أمام قدس الأقداس، وتبقى المواكب خلال عشرة أيام في هدوء داخل معبد الأقصر تُقدّم لها القرابين كل يوم، وتتم العودة إلى الكرنك بنفس الأسلوب.

وعلى جانبي النيل كان يقف الجند والحاشية لاستقبال المواكب، وعند الرجوع للكرنك تقدم القرابين ويستمر الاحتفال بهذا العيد فترة تستغرق من 11 إلى 24 يوما، ويحتفل سكان الأقصر إلى اليوم بأعياد مماثلة؛ مثل عيد سان جورج "الأقباط"، وعيد أبو الحجاج "المسلمين"، وفيها يتنزه الناس في نفس التوقيت في مراكب في النيل.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

عيد اللقاء الجميل

هو العيد الذي كانت تتجه فيه الإلهة حتحور من معبد دندرة كل عام لتمضي 15 يومًا في معبد ادفو مع زوجها حور وكانت هذه الرحلة مناسبة سعيدة يشترك فيها الشعب. 

كانت حتحور تترك معبدها قبل خمسة أيام من اكتمال القمر، وعلى حافة النهر تقدم لها القرابين "لحوم – طيور"، وكل ما هو "طيب"، ثم يتحرك مركبها مع عدد من الكهنة، وتصحبها مجموعة أخرى من المراكب، وعلى رأسها مركب حاكم المدينة، بالإضافة إلى مراكب الحجاج الذين كانوا يصحبون المركب من دندرة إلى إدفو.

لم تكن الرحلة تتم مباشرة، وإنما كانت مركب الإلهة تتوقف في الكرنك لتزور الإلهة موت سيدة "إشرو"، ثم تتوقف في ميناء جنوب "إسنا" حيث يُقدّم حاكم هذه المدينة الأطعمة للحجاج، وهي "500 رغيف من الخبز، و100 آنية من النبيذ، و30 كتفا من الماشية"، وفي طريقها لإدفو يزداد عدد الحجاج الذي يصحبونها، ثم تتوقف في نخن "الكوم الأحمر"، ليلحق بها الإله "حور" إله "نخن"، وفي إدفو نرى "حور" وحاملي أعلامه، وقد تركوا المعبد انتظارا للإلهة على شاطئ النهر بصحبة رئيس مدينة إدفو مع الكهنة والحجاج. 

وكان على الشاطئ يُعد مرسى لاستقبال مركب "حتحور" حيث تقدم لها القرابين وترتل الصلوات من كتاب حماية المركب المُقدّسة، وتُقدّم الخمر ورمز الأرض المزروعة، ثم تُطلق الأربع أوزات "رمز الجهات الأربعة الأصلية"، ثم يصطحبها الإله حور إلى الماميزي "بيت الولادة"، حيث يقضون الليل. 

وفي الصباح تبدأ الطقوس في حضور الموسيقيين والراقصات، ثم تبدأ رحلة الزوجين لزيارة المعبد الذي دفنت فيه آلهة "تاسوع أتوم"، المحنطين وتستمر الاحتفالات حتى اليوم الثالث عشر، وبعد انتهاء مراسم العيد تُبحر المراكب من جديد عبر نفس طريق الذهاب، وينفض الحجاج كل في اتجاه مدينته.

عيد السنة الجديدة

يبدأ هذا العبد في الليلة التي تسبق السنة الجديدة، حيث يتوجه مجموعة من كبار الكهنة يقودهم كبير الكهنة الذي يحل محل الملك في أداء الطقوس، وهم أربعة كهنة أساسيون في المعبد، والكاهن المرتبط بدندرة، والذي يُطلق عليه عازف الموسيقى.

تتوجه هذه المجموعة إلى المقصورة الموجودة أقصى يمين الحائط الجنوبي ويطلق عليها "بيت اللهب"، ويبدأون في النزول إلى القبو حيث يصلون إلى الغرفة الأولى التي تحتوي على مقصورة بها تمثال الإلهة حتحور على شكل طائر برأس أدمي مصنوع من الذهب أو من الخشب المذهب"، حيث يقومون بأداء بعض الطقوس، ثم يحملون التمثال إلى القبو ليصعدوا به إلى بيت اللهب"، حيث ينتظر مجموعة من جملة الأعلام.

يبدأ الموكب في التحرك إلى الغرفة الطاهرة التي تجري فيها مجموعة من الطقوس التي يُطلق عليها "ترتيب التيحان"، تحصل أثناءها الإلهة على 8 تيجان مختلفة من ثامون هليوبوليس، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الحلي والأقمشة، ثم تخضع الإلهة للتطيب والتبخير بعد انتهاء هذه العلميات يحين وقت وضع الأطعمة المختلفة على الموائد "خبز، ولحم، وحلوى، وحيوانات كاملة، وطيور وعطور وباقات من الزهور"، بالإضافة إلى أدوات الإلهة حتحور الخاصة مثل "الصلاصل، والتاج الذهبي، وإناء الخمر الذي كان يقدم في عيد الخمر"، ثم يصعد الموكب إلى سقف المعبد عن طريق السلم، حيث يظهر حملة الأعلام والكهنة الذين يرتدون أقنعة الإلهة، ويحملون القرابين، ويسبقهم الملك والملكة، وتتلى أثناء الصعود الأناشيد المصاحبة للعيد، وعند الوصول للسقف يوضع التمثال في المقصورة الخاصة به، والتي تتخذ الأعمدة الخاصة بها الشكل الحتحوري وحول المقصورة توضع القرابين، وهنا يتحقق أهم حدث، وهو الاتحاد مع قرص الشمس، والذي يحدث عند بزوغ أشعة الشمس أول أيام العام الجديد.

عيد الوادي "عيد آمون في الوادي"

في هذا العيد يتوجه الملك بعد أن يرتدي ثيابه الفاخرة وتاجه، للبحث عن أمون في معبده، وذلك لدعوته لزيارة "وادي الأموات" في غرب طيبة، وكان عبور النهر يتم في موكب تقودها الآلهة، وكان هذا العيد يستمر أحد عشر يومًا في فترة حكم تحتمس الثالث، وأربعة وعشرين يوما أثناء الأسرة التاسعة عشرة وسبعة وعشرين يوما أثناء حكم رمسيس الثالث.

العيد الثلاثيني "حب سد"

في هذا العيد، ويطلق عليه "عيد اليوبيل الثلاثيني"، يتم الاحتفال بانقضاء العام الثلاثين للملك لارتقاء العرش، ويظهر الملك على عرشه في كامل قوته، ويُعاد بناء مقاصير اليوبيل في المعابد من الذهب والفضة والأحجار الكريمة، وتكرر الطقوس مرتين للملك حاكم الجنوب والشمال.

عيد تولي العرش

من خلال حجر "باليرمو" استطاع علماء الآثار التعرف على المراحل الثلاثة التي يمر بها هذا العيد، وهي أولًا: ظهور ملك الأرضين، وفيها يصعد الملك نحو مبنى مرتفع يضم مقصورتين ظهرا لظهر، في كل منها عرش، ويجلس الأمير على كل عرش منهما، حيث يرتدي في المرة الأولى التاج الأبيض، ويظهر كملك مصر العليا، وفي المرة الثانية يرتدي التاج الأحمر، ويظهر كملك مصر السفلى. ثانيًا: اتحاد الشمال والجنوب "سماتاوي"، وهو طقس يتم في حضور الملك، ويقوم به الإلهان "حور، وست" أو الكهنة الذين يؤدون وظيفة الآلهة، وفيه يتم ربط نباتي الشمال والجنوب حول عمود يرمز للتوحيد. ثالثًا: الجري حول الحائط وفيه يسعى الملك حول جدار رمزي يرمز لجدار منف.

عيد المعبد

في هذا العيد يُغادر الملك قصره، ومعه حملة الأعلام ليذهب إلى مكان المعبد، تساعده الإلهة "سشات"، ويقوم بوضع أوتاد لوضع حدود المعبد، ثم يصل بينهما بالحبال، ويبدأ في حفر الأرض ورسم حدود المعبد، ثم يبدأ في صب الرمال وتجهيز أحجار الأساس التي توضع في أركان المعبد الأربعة، وتتخذ أشكال الآلهة الحامية وسبائك الذهب وقطع من الأحجار الكريمة ونصف الكريمة. 

وعند انتهاء عمليات البناء، يحضر الملك افتتاح المعبد، فيلقى أولا بحبوب البخور حول المعبد لتطهيره، ثم يهب المعبد وهو يرفع يده اليمنى في حركة طقسية، وأحيانًا نرى الملك يضرب باب المعبد بعصاه البيضاء اثنتي عشرة ضربة.

صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي عن الاحتفالات في مصر القديمة - البوابة نيوز

شم النسيم

الباحث علي أبو دشيش، خبير الآثار المصرية، يقول أن الأعياد كانت تُسجل بالأسماء، حيث كانت تجمع المصريين لتدل على مدى الترابط بين أفراد المجتمع وكان المصري القديم عاشقا للطبيعة وللألوان، وكان يقسم السنة إلى ثلاثة فصول وهى "أخت" فصل الفيضان، "برت" فصل الإنبات، و"شمو" فصل الحصاد، ومن هذه التسمية أخذت كلمة "شم" وتعني فصل "شمو" أي الحصاد وتجدد الحياة واستمرار الوجود.

وكان أول ظهور لكلمة "شمو"، فى مقبرة "ميروركا" في الأسرة السادسة بسقارة، وأضيفت لها في لغتنا العربية كلمة "النسيم" مثلما تضاف الكثير من المسميات المصرية مثل صان، وأضيف لها الحجر فأصبحت مدينة "صان الحجر" الأثرية، و"تونا" وأضيف لها الجبل، فأصبحت "تونا الجبل" الأثرية، وتمت إضافة كلمة النسيم ليصبح اسم العيد "شم النسيم"، فكان العيد قديما في فصل شمو، يرمز إلى تجدد الطبيعة من حيث الحصاد وتفتح الزهور وعيد الخلق وبداية الزمن، وكان المصري القديم محبًا للطبيعة، وكان متأملا لكل ما فيها ووثق ذلك على جدران المقابر والمعابد.

ومن مظاهر الاحتفال بعيد "شم النسيم" الانطلاق إلى الأرض الخضراء والأرض الصفراء وعلى ضفاف نهر النيل والاستمتاع بالرقص والموسيقى، والخروج باكرا، وركوب النيل، والغناء والطرب، والاستمتاع بالطبيعة واستنشاق الزهور. كان الاحتفال عند قدماء المصريين على نهر النيل، على ضفاف "حابى" رب النيل، والذي صور في هيئة بشرية تجمع الذكر والأنثى، ويرمز إلى القوة والخصوبة، وكان يُقدم السمك، والذي ارتبط بهذا العيد فكان رمزا للحياة والنماء والخير، ووجود النيل العظيم وأما عن السمك المملح أو الفسيخ "رم"، فقد كان السمك عند المصري القديم هو أكثر شيء يتعرض للتلف، فلذلك عمد المصري القديم إلى تجفيفه وتمليحه للبقاء أطول مدة كافية بعيدا عن التلف للحفاظ عليه ويعطى وجبة مفيدة ليس بها دهون، وأما عن رمزيته فكان يذكرهم دائما بتجديد الحياة نظرا لتكاثر السمك بشكل كبير جدا فيذكر نفسه بالتجدد والاستمرار.