تزداد حدة التوترات في المشهد السوري، خاصة بعد العملية الأخيرة التي نفذتها إسرائيل باستهداف مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، وعلى إثرها استنفرت المليشيات والتنظيمات المسلحة التابعة لإيران في الداخل السوري، لتصبح في حالة تأهب للتعامل التطورات المنتظرة بعد الهجوم الذي أودى بحياة قادة عسكريين بارزين.
ومنذ مطلع العام الجاري، نفذ الاحتلال نحو 30 هجوما على عدة مواقع سورية، استهدف خلالها مخازن للأسلحة ومنصات لإطلاق الصواريخ ومقرات ومراكز وآليات، بينما تصدت منظومة الدفاع الجوي للنظام السوري لبعض الهجمات.
وخلقت التحركات العسكرية للمليشيات نوعا من التوترات الحادة ليس في الداخل السوري فقط، بل أيضا في الداخل العراقي خاصة بعد تنفيذ ضربات أمريكية ضد مواقع هذه التنظيمات ما خلق خلافا بين العراق وبين واشنطن وقوات التحالف الدولي، حيث طالبت بغداد بضرورة إنهاء مهام قوات التحالف الدولي، والتوقف عن تنفيذ أي ضربات داخل الأراضي العراقية لأنها تعد خرقا للسيادة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الميليشيات الموالية لإيران وحزب الله اللبناني، في سوريا، استنفرت في مواقعها ومناطقها التي تسيطر عليها بدء من ريف دمشق الغربي وجنوب دمشق وريف درعا والقنيطرة، إلى مناطق دير الزور وريفها الشرقي وصولا إلى البوكمال على الحدود السورية العراقية، بعد تلقيها أوامر صارمة ولأول مرة منذ بداية العدوان على غزة بضرورة توجيه رد قاسٍ لإسرائيل على خلفية اغتيالها لقادة ما يعرف بـ"محور المقاومة"، كما شهدت مواقع قوات النظام في درعا والقنيطرة وريف دمشق الغربي حالة من التأهب والاستنفار، مع تلقيها أوامر بعدم استهداف الجولان السوري المحتل من مواقعها أو محيطها.
استنفار من الجانبين
وأضاف المرصد السوري، أن الاستنفار هذا يأتي من قبل الجانبين مع تشديد نقاط المراقبة الروسية التي بلغ عددها 12 نقطة بالقرب من الجولان السوري المحتل، وتكثيف الدوريات لمنع اندلاع اشتباكات عند الحدود مع الجولان السوري المحتل.
وأكد المرصد أن المجموعات التابعة لحزب الله اللبناني استهدفت بعد منتصف ليل الأربعاء – الخميس، الماضي بـ 12 صاروخ أطلق 6 منها من الرفيدة بتل الفرس بريف القنيطرة، و2 من تل الدرعيات بالقرب من قرية المعلقة، و4 من تل الجابية في نوى بريف درعا الغربي على الجولان السوري المحتل، لترد إسرائيل بقصف المناطق المذكورة التي انطلقت منها الصواريخ.
وكانت الضربة الإسرائيلية قد استهدفت اجتماعا لغرفة عمليات "محور المقاومة" في الحرس الثوري الإيراني، ما أسفر عن مقتل 14 عسكريا من بينهم 7 من قيادات بالحرس الثوري الإيراني. ومن أبرز القتلى العسكريين محمد رضا زاهدي، قائد الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان وفلسطين، ونائبه ومدير مكتبه، ومستشارين إيرانيين، والعميد حسين أمير الله رئيس هيئة الأركان العامة للحرس الثوري الإسلامي في سوريا ولبنان وفلسطين، وفقا لبيانات المرصد السوري.
وعلى الرغم من استهدف القنصلية، فإن المرصد أفاد بأن المليشيات الإيرانية ضمن مناطق سيطرتها في شمال وشرق سوريا تلقت أوامر جديدة من قيادتها العسكرية تؤكد الاستمرار بعدم استهداف القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا، بعد توقف استهدافها منذ تاريخ 25 فبراير الماضي، باستثناء محاولة مسيرة الوصول إلى قاعدة التنف والتي أسقطت من قبل قوات التحالف الدولي عند السرية على بعد 4 كيلومتر من قاعدة التنف، والتي جاءت عقب حادثة اغتيال قادة "محور المقاومة" بغارة جوية صهيونية استهدفت مبنى ملحق بالسفارة الإيرانية بدمشق.
استهداف القواعد الأمريكية
وربما يفسر هذه الأوامر بعدم استهداف القواعد الأمريكية، ما قامت به واشنطن من إبلاغ طهران بأنها غير ضالعة في هذه الضربة التي وجهت لقنصليتها، رغم ما تفيد به تقارير من أن إسرائيل أبلغت واشنطن بضربتها قبل التنفيذ بدقائق، وأنها لم تنتظر الضوء الأخضر على تنفيذ الهجوم.
واستهدف الاحتلال المبنى الملحق بالقنصلية الإيرانية لعلمها بوجود اجتماع سري بين قادة جماعة الجهاد الفلسطينية وعناصر من المخابرات الإيرانية، وذلك في إطار عدوانها المستمر على غزة، إذ لجأت عدة تنظيمات مسلحة باستهداف قواعد أمريكية في سوريا، كما استهدف حزب الله اللبناني بعض المواقع الإسرائيلية، ما جعل الاحتلال يسعى لاستهدف قادة الجماعات الموالية لطهران.
إلى جانب التوترات في الداخل السوري، فإن العراق أيضا يمضي في طريقه لإنهاء مهام قوات التحالف الدولي، خاصة وأن بغداد مهمة فريق أممي كان يعمل على جمع الأدلة التي تدين تنظيم داعش الإرهابي، نتيجة مماطلة الفريق لتسليم الأدلة ومشاركتها مع الجانب العراقي.
في ذات السياق، استقبل مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، السفير الفرنسي في بغداد، باتريك دوريل. وشهد اللقاء، استعراض العلاقات العراقية الفرنسية، وبحث سبل تطويرها وعلى جميع الصعد، فضلا عن بحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات. وثمن الأعرجي، جهود ومواقف الدول التي دعمت العراق في مواجهة الإرهاب ومن بينها فرنسا.
وجدد مستشار الأمن القومي، رفض العراق للحرب الانتقامية ضد الشعب الفلسطيني، مشددا على أهمية إيقاف هذه الحرب وعودة النازحين، لإعادة الإعمار والحياة إلى المدن التي دمرتها الحرب. موضحا أن الحكومة العراقية أكدت موقفها الثابت برفضها أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات او منطلقا للاعتداء على دول الجوار، لافتا إلى ان العراق حريص على استمرار وتطوير علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية وتفعيل بنود اتفاقية الإطار الإستراتيجي، وفي جميع المجالات.