تقترب أيام شهر رمضان الكريم من نهايتها، وتزداد أهمية البحث عن الطاعات والعبادات التي تقبنا إلى الله في هذه الأيام المباركة، ومن بين هذه الطاعات، يأتي دور صلاة التسابيح، التي يبحث الكثيرون عن كيفية أدائها وحكمها في العشر الأواخر من شهر رمضان.
ماهيتها وحكم أدائها
صلاة التسابيح هي صلاة نافلة تتكون من أربع ركعات، يقرأ المصلي في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، ثم يسبح الله تعالى بقوله: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" خمس عشرة مرة بعد قراءة السورة، ثم يكررها عشر مرات في الركوع، وعشر مرات بعد الرفع من الركوع، وعشر مرات في السجود، وعشر مرات في الجلوس بين السجدتين، وعشر مرات في السجدة الثانية.
اختلف العلماء في حكم صلاة التسابيح: ذهب بعض العلماء إلى أنها سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مستندين إلى أحاديث وردت في فضلها، منها حديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة التسابيح، فقال: ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده وصغيره وكبيره وسره وعلانيته".
وذهب آخرون إلى أنها ليست سنة، مستندين إلى ضعف بعض أحاديثها، ومخالفتها لهيئة باقي الصلوات.
الراجح من أقوال العلماء هو أن صلاة التسابيح سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لما ورد في فضلها من أحاديث، ولأنها من أفضل النوافل.
كيفية أداء صلاة التسابيح:
أحديث صلاة التسابيح مرويٌّ من طرق كثيرة وعن جماعة من الصحابة، وقد أخرج حديثَها أئمةُ الإسلام وحفاظُه، وأمثل طرقها حديث عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّاهُ، أَلَا أُعْطِيكَ، أَلَا أَمْنَحُكَ، أَلَا أَحْبُوكَ، أَلَا أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ، إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ اللهُ لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ، عَشْرَ خِصَالٍ: أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ، قُلْتَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْكَعُ، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَسْجُدُ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، فَفِي عُمُرِكَ مَرَّة». رواه البخاري في جزء "القراءة خلف الإمام"، وأبو داود وابن ماجه في "سننهما"، وابن خزيمة في "صحيحه".
تصلى صلاة التسابيح كأي صلاة نافلة أخرى، مع الحرص على التسبيح في أوقاتها المحددة.
يمكن للمصلي أن يصليها في أي وقت من أوقات النهار أو الليل، إلا في الأوقات المكروهة للصلاة.
يمكن للمصلي أن يقرأ أي سورة في صلاة التسابيح، لكن يفضل قراءة سورة الفاتحة وسورة الإخلاص.
فضل صلاة التسابيح:
وردت أحاديث كثيرة في فضل صلاة التسابيح، منها حديث رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، ثم يقول إذا فرغ من القراءة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، غفر الله له ذنبه".
من فضائل صلاة التسابيح أنها تكفر الذنوب، وتُدخل الجنة، وتُبعد عن النار.