أكد مندوب دولة فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير مهند العكلوك، دعم بلاده للجهود العربية والدولية في مجلس الأمن، الرامية إلى حل الصراع في المنطقة على أساس المرجعيات الدولية المعتمدة، وحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
ودعا السفير العكلوك - في كلمته اليوم /الأربعاء/ أمام الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين- جميع الدول والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات العربية المعنية بحقوق الإنسان والقانون الدولي، إلى التحرك العاجل ضمن آليات العدالة الدولية والوطنية لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم الوحشية المرتكبة بحق المدنيين والأطفال والنساء الفلسطينيين والأعيان المحمية، بما في ذلك في إطار محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي.
وقال العكلوك "إنه أمام كل هذا الإجرام والعدوان الإسرائيلي المنفلت أصبح لازمًا أن تنتقل دولنا العربية الشقيقة من القرارات الشفهية التي لا تعبأ بها إسرائيل، إلى اتخاذ إجراءات عملية مؤثرة تظهر المسؤولية العربية والمسؤولية الدولية للدول العربية تجاه إصرار إسرائيل على قتل آلاف المواطنين الفلسطينيين وتهجيرهم قسريًا".
وأكد الثقة في قدرة الدول العربية على اتخاذ إجراءات اقتصادية وقانونية وسياسية ودبلوماسية كتلك التي تضمنها تقرير لجنة المندوبين الدائمين برئاسة دولة الكويت والذي تم تعميمه على الدول العربية بتاريخ 30 يناير الماضي، والذي تضمن 19 إجراء يمكن للدول العربية القيام بها بشكل يجعلها أكثر قدرة على التأثير في وقف الإبادة الجماعية.
ودعا العكلوك إلى مباشرة تنفيذ ما جاء في قرار الدورة 161 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري رقم 8994 بشأن دعوة الدول الأعضاء إلى وضع قائمة 60 من المنظمات والمجموعات الإسرائيلية المتطرفة التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك والمرتبطة بالاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، على قوائم الإرهاب الوطنية العربية، وللإعلان عن قائمة العار لـ 22 من الشخصيات الإسرائيلية التي تبث خطاب الإبادة الجماعية والتحريض ضد الشعب الفلسطيني تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، وفرض مقاطعة اقتصادية على منظومة الاحتلال الإسرائيلي وجميع الشركات العاملة في المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967.
ونبه العكلوك إلى أنه على مدار 6 أشهر، بالتمام والكمال، تغوص إسرائيل في دماء الشعب الفلسطيني أمام العالم المندهش من هول ما يرى، فقد قتلت وأصابت إسرائيل على مدار 180 يومًا من الإبادة الجماعية 108،500 ألف مواطن فلسطيني( 33 ألف شهيد، و75500 ألف جريح) أكثر من 70% منهم أطفال ونساء.
وتابع العكلوك:"ولا شيء حتى الآن يكبح شهية إسرائيل لسفك دماء المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، ولا شيء حتى الآن يمنع طائرات ودبابات ومدافع العدوان الإسرائيلي من بتر أطراف أكثر من 1150 طفلا فلسطينيا، وحرق أجساد 14 ألفا آخرين، وتحويل أكثر من 17 ألف طفل فلسطيني إلى يتامى الأب والأم، أو أحدهما على الأقل. ولا شيء منع هذا الوحش الإسرائيلي المريض بشهوة القتل، المنفلت من الإنسانية والقانون الدولي، من إبادة (9220) امرأة فلسطينية في غزة".
وأضاف "هناك مئة ألف طفل وامرأة، ألقتهم إسرائيل في أفران الحرق والعذاب، ما بين قتيل وجريح ويتيم ومبتور الأطراف"،مؤكدا أن هذا الرقم الرهيب من الضحايا الأطفال والنساء يثبت بالقطع قصد إسرائيل قتل أجيال الفلسطينيين لعقود قادمة.
وأشار إلى أنه على مدار 180 يوما من الإبادة الجماعية، دمرت إسرائيل في قطاع غزة 370 ألف بيت تدميرًا كليًا أو جزئيًا، ودمرت إسرائيل أكثر من( 1000 )مدرسة وجامعة ومستشفى ومركز صحي ومسجد وكنيسة تدميرًا كليًا أو جزئيًا، إسرائيل دمرت أكثر من (1000) من الأعيان المحمية بالقانون الدولي.
ولفت إلى أنه على مدار 180 يومًا، قطعت إسرائيل الماء والكهرباء والدواء والغذاء عن 2.3 مليون مواطن فلسطيني في قطاع غزة، ومنعت دخول كل أسباب الحياة إليهم، حتى أحالتهم جميعًا إلى حد إنهيار الأمن الغذائي، وحولت مئات الآلاف منهم إلى مرحلة المجاعة الحقيقية، أي الموت جوعًا.
وقال العكلوك "على مدار 180 يومًا من الإبادة الجماعية، وقد حوّلت إسرائيل قطاع غزة، كما قال مفوض السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي، من أكبر سجن في العالم، إلى أكبر مقبرة في العالم، فشل مجلس الأمن، المسؤول عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، من حماية الأطفال الذين تقتل إسرائيل كل يوم منهم 78 طفلا، بل وفشل في إصدار قرار يلزم إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، بوقف إطلاق النار أو حتى إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ إلى 2.3 مليون إنسان بعضهم يُقتل جوعًا، وبعضهم الآخر يُقتل من قلة الدواء والعلاج، وبعضهم الآخر يُقتل قصفًا وقنصًا وتعذيبًا وتنكيلًا".
وأشار إلى أنه بعد العديد من المحاولات في مجلس الأمن العاجز عن حفظ الأمن والمُعطل بفيتو من يتمسك بكذبة كبيرة جدًا وهي أن إسرائيل، المعتدي المُحتل القاتل، تدافع عن نفسها، أصدر مجلس الأمن ثلاثة قرارات 2712 و2720 (2023)، وقرار المجلس الأخير رقم 2728 (2024)، والذي يدعو، ضمن أمور أخرى، إلى وقف إطلاق النار في شهر رمضان وإدخال المساعدات الإنسانية إلى كامل قطاع غزة دون عوائق.
وتساءل العكلوك:وما هي النتيجة يا مجلس الأمن؟ وما هي النتيجة أيها العالم المتحضر الذي بنى القانون الدولي على مدار 80 سنة وسمح لإسرائيل التي أفسدها الدلال، أن تهدمه في 180 يومًا؟
ونبه إلى" أننا مازلنا ندور في أن لا شيء يوقف سفك الدماء، لا شيء يطمئن صرخات الأطفال والأمهات والآباء الذين يحترقون في فرن غزة، ولا شيء يعطيهم الأمل بأننا نعيش في مجتمع دولي يحكمه القانون، وليس في غابة يحكمها الطاغوت".
وأكد أن النتيجة هي أن إسرائيل رفضت الانصياع للإجماع الدولي، وألقت بقرار مجلس الأمن في فرن المحرقة التي أوقدتها إسرائيل في غزة، ولم توقف إطلاق النار في رمضان، بل نحن اليوم في 24 رمضان قبل أقل من 6 أيام على نهاية شهر رمضان المبارك، وقد قتلت إسرائيل "المجرمة" منذ 25 مارس الماضي تاريخ صدور قرار مجلس الأمن، أكثر من 520 شهيدًا، وأصابت أكثر من 800 جريح، في 58 مجزرة، ارتكبتها إسرائيل نكاية بقرار مجلس الأمن، فهل سيصدر مجلس الأمن قرارًا بوقف إطلاق النار في العيد، وأي عيد؟
وقال العكلوك "النتيجة أن إسرائيل قتلت 65 مدنيًا فلسطينيًا كل يوم من بعد قرار مجلس الأمن".
ونبه العكلوك إلى أن إسرائيل التي أوهمت العالم أنها تمثل ضحية الإبادة الجماعية، تحولت اليوم إلى المجرم الذي يرتكب جريمة الإبادة الجماعية. وقد شهدنا جهدًا كبيرًا ومقدرًا من جنوب أفريقيا التي اتهمت إسرائيل في محكمة العدل الدولية بعدم الوفاء بالتزاماتها في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وقد أصدرت محكمة العدل الدولية أمرين بتاريخي 26 يناير و28 مارس 2024، تضمنا تدابير مؤقتة لوقف قتل المدنيين الفلسطينيين وإيذائهم بصفتهم مجموعة محمية باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء قطاع غزة، بهدف منع جريمة الإبادة الجماعية، وفي ضوء انتشار المجاعة في قطاع غزة،متسائلا: ما هي النتيجة؟
وأضاف "إسرائيل ألقت أوامر وتدابير محكمة العدل الدولية في فرن غزة الملتهب، الذي يقتل المواليد ويمنع الولادات ويدمر كل أشكال الحياة، وبدل أن تلتزم بأوامر المحكمة قتلت إسرائيل المُدللة منذ أمر المحكمة الأول بتاريخ 26 يناير الماضي 2422 شهيدا وأصابت 24،484 ألف جريح، أيضًا 70% منهم من الأطفال والنساء".
وحذر العكلوك من أن تنفيذ التهديدات الإسرائيلي باجتياح رفح سينتج عنه مئات المجازر الوحشية وسيعرض لخطر الموت، حياة أكثر من 1.5 مليون مواطن فلسطيني غالبيتهم الساحقة ممن نزحوا قسرًا إليها بأوامر من جيش العدوان الإسرائيلي على أساس أنها منطقة آمنة.
كما حذر من أن ذلك من شأنه أن يجعل تهديد وزراء حكومة العدوان الإسرائيلي بتهجير مئات آلاف الفلسطينيين خارج أرضهم، حقيقة واقعة، وهو ما يُشكل اعتداءً سافرًا على الأمن القومي العربي بمجمله، وخاصة على الأمن القومي لجمهورية مصر العربية الشقيقة.
ونبه العكلوك إلى أنه ورغم أن موقف الولايات المتحدة المُعلن أنها تعارض اجياح إسرائيل لمدينة رفح، إلا أن صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نقلت موافقة الإدارة الأمريكية على تزويد آلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحزمة تشمل أكثر من 1800 قنبلة من طراز إم كيه 84، وقنابل زنة 2000 رطل فضلًا عن 25 طائرة حربية من طراز إف 35 إيه، ومعدات قتالية أخرى.
وأضاف أن الصحيفة أشارت إلى أن القنابل زنة 2000 رطل استخدمت في جرائم إسرائيلية سابقة أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا خلال العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسسطيني في قطاع غزة، وتلك القنابل القادرة على تسوية مبان بالأرض لم تعد تستخدم مطلقًا من قبل الجيوش الغربية في المواقع المكتظة بالسكان بسبب خطر وقوع إصابات بين المدنيين.
وقال "كنا قد حذرنا من خلال قرارت جامعة الدول العربية بأن تصدير السلاح والذخائر لآلة الدمار والإبادة الجماعية يجعل من الجهة المُصدرة شريكة في الجرائم الإسرائيلية، ومن هنا نحن نُدين تصدير الأسلحة والذخائر لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والتي تستخدمها في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وقتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم وكنائسهم وبنيتهم التحتية وجميع مقدراتهم، ونُكرر اعتبارنا أن استمرار تصدير هذه الأسلحة والذخائر لإسرائيل شراكة معها في عدوانها على الشعب الفلسطيني".
وأكد أن استمرار إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما يشمل قتلهم وتجويعهم وتهجيرهم، على الرغم من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والأمرين الصادرين عن محكمة العدل الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية، يستوجب تفعيل مواد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على أساس أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل هي من أعمال العدوان التي تشكل تهديدًا واضحًا وبالغًا ومتفاقمًا للسلم والأمن الدوليين.
ودعا العكلوك،مجلس الأمن لاتخاذ قرار يُلزم إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، ويجبرها على وقف عدوانها ضد الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية له، وفق الآليات الإلزامية التي يوفرها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يشمل فرض عقوبات عليها ووقف الصلات الاقتصادية والمواصلات وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، لضمان انصياعها لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والأمرين الصادرين عن محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية.
ونبه العكلوك إلى استمرار وتصاعد الجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، محذرا من أن هذه الجرائم تستهدف أيضًا التدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وبنيتها التحتية بقصد إعادة تهجيرهم وطمس قضيتهم، وكذلك الاقتحامات اليومية لعشرات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين الإسرائيليين، وقتل وإصابة مئات المواطنين الفلسطينيين، وهدم المنازل وحرق وتخريب المزارع والممتلكات، واعتقال آلاف الفلسطينيين في ظروف غير إنسانية.
وقال إن إسرائيل تتمادى بعدوانها واستهدافها اليومي لمواقع في الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية الشقيقتين، رغم كل الجهود والمطالبات والدعوات والإدانات الصادرة عن قرارات جامعة الدول العربية.
وثمن العكلوك التوجهات المتنامية بين دول الاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين، داعيا دول الاتحاد التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى مباشرة الاعتراف بها،كما دعا كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، إلى الاعتراف بدولة فلسطين، بصفة ذلك حق مشروع للشعب الفلسطيني، ورافعة للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وأكد أن جرائم إسرائيل الفظيعة تعدّت مفهوم جريمة الإبادة الجماعية، التي عرفها القانون الدولي بأنها استهداف مجموعة من الناس على أساس عرقي أو إثني أو ديني أو قومي للقضاء عليها جزئيًا أو كليًا.
وقال إن إسرائيل اليوم ومن خلال ذبح عشرات آلاف الأطفال والنساء والمدنيين في مشهد وحشي غير آدمي مستمر على مدار 180 يومًا، لم يسبق له مثيل في العقود الثمانية الماضية، ومن خلال التدمير المنهجي للمنظومة الصحية والتعليمية، وتجويع مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين بقصد قتلهم، ورغم كل القرارات والمطالبات والمناشدات، فقد تعدّت بالفعل مفهوم جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وأصبحت جريمتها ضد البشرية جمعاء، من خلال تشويه قيم ومفاهيم الطفولة والتعايش والرحمة والشفقة الإنسانية، وتشويه فكرة تعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان.
وحذر من أن التساهل والتسامح مع هذا السلوك المرضي الشاذ، وعدم لجمه ومعاقبته في أسرع وقت ممكن، سيجعل من العالم، وليس من غزة وحدها، مكانًا خطرًا يُهدد فيه السلام والأمن والاستقرار، وقريبًا سنحتاج لإضافة عبارات جديدة على مطلع ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتمد قبل 79 عامًا حيث قال: "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانًا يعجز عنها الوصف".
وتساءل العكلوك في ختام كلمته:أيها العالم أليس في غزة أحزانًا يعجز عنها الوصف؟.