لا زالت الميليشيا الحوثية الانقلابية تحاول فرض سيطرتها على مختلف المؤسسات اليمنية بإصدار القرارات التي تمكنها في المقام الأول من نهب ثروات اليمنيين في مناطق سيطرتها تحت مسميات عدة جبايات أو اتاوات أو زكاة أو غيرها، والادعاء بأن هذه الاجراءات هدفها تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لليمنيين إلا أن الهدف الحقيقي هو تمويل جبهات القتال وأعمالها التصعيدية القائمة في المنطقة على خلفية هجمات قواتها على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن وباب المندب وصولاً إلى المحيط الهندي.
عملة جديدة
في هذا الإطار، فقد أعلن محافظ البنك المركزي الحوثي في صنعاء «هاشم إسماعيل» في 30 مارس 2024، إصدار عملة معدنية فئة 100 في إطار مواجهة مشكلة العملة التالفة، مشيراً أنه "تداول العملة المعدنية الجديدة سوف يبدأ من يوم 31 مارس 2024، وذلك عبر فتح نقاط تعمل على مدار الساعة لاستبدال العملة التالفة، ومضيفاً أنه تم صك العملات المعدنية وفق أحدث المعايير العالمية، وأن طرح العملة المعدنية الجديدة لن يؤثر على أسعار الصرف كونها بديلا عن التالف.
ومن الجدير بالذكر، أن الآراء انقسمت حول إصدار الميليشيا الانقلاية للعملة الجديدة في هذا التوقيت، إذ أفاد بعض الداعمين للميليشيا بأن هذه الخطوة كانت ضرورية وتمت بتوافق سياسي ضمن خطوات التواصل لاتفاق شامل ينهي الحرب ويسهم في حلحلة الملف الإنساني والزعم أن هذه الخطوة هدفها استبدال التالف من العملة الورقية التي تهالكت بين أيدي السكان في مناطق سيطرتها.
وعلى صعيد آخر، فقد أكد آخرين بأن هذا الاجراء الحوثي يهدف لتحايل الميليشيا على قرارات الانفاق ومحاولات مسؤوليها لزيادة الانفاق العام سواء على النفقات الجارية بما فيها المرتبات أو على النفقات الاستثمارية، وتغطية حجم الإنفاق سيكون عن طريق طباعة نقود جديدة مما سيؤدى لتدهور سعر صرف الريال في كل من صنعاء وعدن، وقد يصل وفقاً لخبراء الاقتصاد إلى 2000 أو 3000 ريال للدولا، وهو ما سيؤدي بدوره إلى ارتفاع ضخم في أسعار السلع والخدمات وارتفاع معدل التضخم، الأمر الذي سينعكس بشكل سلبي على مستوى معيشة المواطنيين وخاصة الفئات الفقيرة.
موقف الحكومة الشرعية
وقد وجهت الحكومة اليمنية الشرعية انتقادات عدة إلى الجماعة الانقلابية عقب إصدار قرار العملة المعدنية وأفادت بأنه سيمعق الأزمة الاقتصادية، وقد حذر البنك المركزي الخاضع لسيطرة الحكومة الشرعية في عدن، من إقدام الحوثيين على طباعة أوراق من العملة الوطنية "بطريقة غير قانونية"، مهدداً باتخاذ إجراءات صارمة في حق أي مؤسسة أو جهة مالية تعمل مع ذلك، ومشيراً أن هذه الخطوة ستقضي على أي جهود للإبقاء على ما هو قائم من تبادل للسلع والخدمات بين مختلف المحافظات.
وبعد الانتقادات التي طالت الجماعة الانقلابية، فقد حاول مسؤوليها الدفاع عن الميليشيا بإطلاق مزاعم أن هذا القرار هدفها تحسين أوضاع اليمنيين، وهو ما قاله رئيس الوفد الوطني المفاوض الحوثي «محمد عبد السلام» في 30 مارس 2024، مشيرا بأن أن العملة المعدنية الجديدة خطوة إيجابية قام بها البنك المركزي بصنعاء على طريق المعالجة الشاملة، بهدف التخفيف من معاناة الشعب بعد سنوات من الصمود في مواجهة الحرب الاقتصادية والمالية والبنكية الشرسة التي كانت موازية للعدوان العسكري على صنعاء.
أهداف حوثية
وحول ما تقدم، يقول «عبدالحميد المساجدي» المحلل الاقتصادي اليمني، أن إصدار الحوثيين لهذه العملة المعدنية هو محاولة للخروج من أزمة السيولة التي تضرب القطاع المصرفي في مناطق سيطرتهم منذ عام 2016 وحتى الآن، ولكن هذا الإصدار لن يحل أزمة السيولة لانها عملات مساعدة تستخدم في المعاملات التجارية الضئيلة وستواجه مشكلات في التعامل مع المواطنين نظراً لصعوبة حملها او الاحتفاظ بها.
ولفت «المساجدي» في تصريح خاص لـ «البوابة نيوز» أن هدف الحوثيين "ادعائي" من خلال استمرار الصراع الاقتصادي مع الحكومة الشرعية، نظراً لكون الإصدر لن يسهم في ارتفاع اسعار السلع ولا انهيار قيمة الصرف نظراً لأنها السلع أسعارها مرتفعة بطريقة الحال إذ ما تم مقارنتها بنظيرتها في مناطق الشرعية واسعار الصرف يتم فرضها بالقوة في اطار سياسة البنك المركزي في صنعاء.
وأضاف أن هذا الإصدار يكرس للتقسيم الاقتصادي وتشظي البلد والتعدي على رمز من رموز السيادة اليمنية وكان ينبغي أن يوافق الحوثيين على الطبعة الورقية التي اصدرها البنك المركزي في عدن، والقبول بخارطة الطريق من خلال الموافقة على توحيد السياسة النقدية وتوحيد العملة وكان بامكانها أن تحقق نتائج إيجابية افضل من اصدارها لعملة معدنية ستجعل السلام ابعد ما يكون في اليمن.