في مشهد راق للتعايش بين الأديان والطوائف المختلفة، لن تراه إلا في مصر، جسد أسمى معاني الوحدة الوطنية، الذي تجلى في جلوس الرهبان بجوار الشيوخ على مائدة افطار رمضاني واحدة، في تقليد سنوي لدير سانت كاترين، بإقامة مأدبة افطار رمضاني داخل الدير، بحضور جميع الطوائف من القيادات التنفيذية والشعبية ومشايخ وعواقل بدو جنوب سيناء وأئمة الأوقاف والرهبان، وجمع غفير من أهالي المدينة، وعند حضور وقت صلاة العشاء يقوم أحد المشايخ ليؤذن للصلاة؛ ليؤكد الجميع أنه لن يستطيع أحد أن يؤثر في وحدتنا، ورابطتنا الوطنية، أو أن يفرق بيننا، فنحن جميعًا يد واحدة نعمل؛ لأجل هدف واحد، هو الحفاظ على الوطن وبناء مستقبل أجياله.
ولما لا؟ وسانت كاترين أرض الله ، فهي المكان الوحيد في العالم الذي تجلى فيه الله على جبل المناجاة، الذي تلقى فيه سيدنا موسى الوصايا العشر، وملتقى الأديان الثلاثة، حيث أن دير سانت كاترين لا يرمز للديانة المسيحية فحسب، بل يضم شجرة العليقة كرمز للديانة اليهودية، وكنيسة القديسة كاترين كرمز للديانة المسيحية، والمسجد الفاطمي كرمز للديانة الإسلامية، فضلًا عن أن القبائل البدوية عبر التاريخ، التي كانت تتواجد بمحيط الدير كانت تحمي الرهبان في الدير، وكانت العلاقة بينهم قائمة على نشر روح التسامح والتكاتف فيما بينهم، وحتى وقتنا هذا أهالينا البدو هم حراس الدير.
وأكد اللواء طلعت العناني، مستشار محافظ جنوب سيناء لمشروع التجلي الأعظم الذي حرص على المشاركة في مأدبة الافطار الجامعي لدير سانت كاترين، لـ"البوابة نيوز" أن الإفطار رسالة وطنية يظهر قوة الترابط المجتمعي الذي أبرزته مشاعر الود والمحبة بين الحاضرين، مشيرا إلى أن شهر رمضان هو شهر الود والمحبة والرحمة لدي كل المصريين على السواء وهو ما يميز المجتمع المصري عن المجتمعات الأخرى لذا يصعب اشعال الفتن بين المصريين بسبب الثقافة والروابط الممتدة عبر التاريخ التي ميزت المجتمع المصري بالترابط والاستقرار وقبول الآخر.
واضاف أن مصر لها طبيعة خاصة تتجسد في كل معالم الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب من مسلمين ومسيحيين، ودائما يتسم أهلها بالترابط والتسامح والجميع على قلب رجل واحد، وليس جديدًا على جنوب سيناء التي تحتضن المسلمين والأقباط، أن تتجسد بينهم أجمل مواقف الوحدة الوطنية التي تؤكد عمق العلاقة المتينة بين عنصري الأمة المسلمين والأقباط، ومدى التسامح الديني الذى يؤكد عليهم الجميع منذ سنوات طويلة كرسالة للجميع أن مصر دائما بخير وأمن وسلام ومحبة.
وأقال إن مصر تثبت دومًا أن مسلميها ومسيحييها يعيشون فى تآخٍ حقيقي، في ظل مجتمع آمن لا عنصرية فيه ولا طائفية، تجمعهم وحدة وطنية راسخة القواعد، وهيهات أن يستطيع أيا ما كان أن يفرق بين المسلم والمسيحي، فلنرفع جميعاً شعار "الدين لله والوطن للجميع "، ولنكرر ما قاله أسلافنا من قبل ... عاش الهلال مع الصليب.