قالت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، مقدمة برنامج “الضفة الأخرى"، ونائب رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إننا سنركز في حلقة اليوم على واحد من أهم هذه المفاهيم التي تروج لها الجماعات الإرهابية طبقا لفهمها الخاص لها والبعيد كل البعد عن حقيقة المفهوم في المجال الديني، ألا وهو مفهوم الشريعة وكيف استطاعت هذه الجماعات تلبيس الحق بالباطل والترويج لهذا الباطل لتنشره بين عدد كبير من الشباب التي تركز الجماعات المتطرفة جهودها لتجنيدهم حتى يكونوا وقودا لحربها ضد الإسلام والمسلمين.
وأضافت "عبدالرحيم"، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المُذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”، أن مفهوم الشريعة يعد أحد أكثر المفاهيم خطورة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، بسبب محاولة جماعات الإسلام السياسي أن تتلاعب به من أجل حشد الجمهور وراء سَعْيها للهيمنة على المجال العام في تلك المجتمعات، والتفسير الذي قامت به الجماعات المتطرفة للشريعة بعيد كل البعد عن أصل ومعنى المفهوم؛ فالشريعة في اللغة هي مصدر شرع، وتُطلق على معنيين، الطريق المستقيمة، ومورد الماء الجاري الذي يقصد للشرب.
وتابعت: وتُعرف الشريعة في الاصطلاح بأنها ما شرعه الله سُبحانه لعِباده من الأحكامِ التي جاء بها نبيٌّ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، سواءً كانت هذه الأحكام أحكاماً اعتقاديّةً أو أحكاماً عمليّةً ليُؤمنوا بها فتكون سعادتهم في الدنيا والآخرة، ورغم رحابة مفهوم الشريعة في القرآن إلا أن الجماعات المتطرفة ضيقت المفهوم واختصرته ليعبر عن الأحكام والحدود الإجرائية، أو بمعنى أدق العقوبات البدنية مثل الجلد والذبح وقطع يد السارق دون الالتفات إلى حقيقة المفهوم القرآني الأكثر رحابة، ومفهوم الشريعة في القرآن يفوق النظرة الضيقة للجماعات المتطرفة حيث يربط القرآن الشريعة بالمبادئ والقيم التأسيسة الكبرى للدين مثل العدل والإخاء والمساواة والرحمة وعدم التمييز وغيرها.
وأوضحت: اختزلت الجماعات المتطرفة مفهوم الشريعة وقامت بحصاره في فهمها الضيق ولم تتناول في خطابها الموجهة للشباب حقيقة المفهوم والفرق بين أحكام الشريعة ومقاصدها مما نتج عنه الترويج لغموض مفهوم الشريعة والتباسه واختزاله إلى مجرد منظومة فقهية دونارتباطه بكليات الدين التأسيسية الكُبرى، ومن هنا كان مفهوم الشريعة هو أكثر المفاهيم التي تحاول الجماعات المتطرفة استخدامه لممارسة التلاعب السياسي بسبب ما ينطوي عليه من أهمية تجعله الأكثر من غيره، حسمًا وفاعلية في الفوز بمعركة السيطرة على المجتمع والدولة؛ فيتم توظيف المفهوم سياسيا واجتماعيا مما يوحي بان أقوال هذه الجماعات تنطلق من الوحي الإلهي وأن خطابهم السياسي يقوم مقام التنزيل بعد ايهام الشباب والمجتمع بأن كل ما يطالبون به ويرددونه إنما هو الشريعة، من أجل السيطرة على المجتمع والدولة معا
واستطردت: وهكذا تقوم استراتيجية الذين يتلاعبون بالشريعة أساسا على إخفاء أهدافهم السياسية وفهمهم الخاص للشريعة في أنه هو النزيل الإلهي وأن ما يرددونه من آراء إنما هو من عند الله فيتم الترويج بأن الشريعة الإلهية هي في حقيقتها مجرد الفقه الذي هو بدوره نتاج إنساني ومحض نظام قانوني مشروط اجتماعيا وتاريخيًا، ولكن يجري إخفاؤه وراء قداسة أنه من عند الله.
فضائيات
داليا عبدالرحيم: الشريعة أحد أكثر المفاهيم خطورة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق