قدمت الأمم المتحدة توصيفًا للأزمة الأمنية والإنسانية في هايتي وسبل تحقيق الاستقرار فيها، موضحة أن الوضع في هايتي اتسم منذ فترة طويلة بالخروج عن القانون؛ حيث تسيطر عصابات قوية على جزء كبير من العاصمة بورت أو برنس وأضافت الأمم المتحدة أن شهري يناير وفبراير 2024 كانا الأكثر عنفًا في العامين الماضيين، مع مقتل أو اختطاف أو إصابة أكثر من 2500 شخص منذ بداية العام، وزاد الوضع تعقيدًا بعد قرار رئيس الوزراء أرييل هنري بالتنحي.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، حذرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في هايتي أولريكا ريتشاردسون من أن العنف في هايتي يمتد الآن إلى مناطق جديدة في العاصمة، بما في ذلك الضواحي التي كانت تنعم بالسلام سابقًا، بعد أسابيع من هجمات منظمة من قبل العصابات على السجون والموانئ والمستشفيات.
وأشارت المسؤولة الأممية إلى الأزمة الإنسانية المتزايدة التي تواجهها هايتي، حيث يوجد أكثر من 362 ألف نازح داخليًا، فيما يفتقر السكان للمياه النظيفة، وأقل من نصف المرافق الصحية في بورت أو برنس تعمل بكامل طاقتها الطبيعية. كما وصل الجوع إلى مستويات غير مسبوقة، وفقًا لتحليل التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي صدر في 22 مارس، حيث يواجه 4.97 مليون شخص مستويات "أزمة أو أسوأ" من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بما في ذلك 1.64 مليون شخص يواجهون مستويات "الطوارئ".
وأكدت الأمم المتحدة، أنه فيما يتعلق بالاستجابة الإنسانية، فإن توزيع المساعدات كان يتم تحت النيران، حيث قام برنامج الأغذية العالمي بتوزيع حوالي 160 ألف وجبة ساخنة، في حين قامت منظمة الصحة العالمية بتوصيل مجموعة من الإمدادات الصحية الأساسية، وقامت طائرات الخدمات الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة بنقل حوالي 800 كيلوغرام من أكياس الدم.
وتحاول الأمم المتحدة وشركاؤها معالجة عدم توفر المياه النظيفة للسكان، بجانب تقديم الدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان والمنظمات غير الحكومية الشريكة لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، من خلال خط ساخن يقدم المساعدة النفسية والاجتماعية، وعيادة متنقلة للصحة الجنسية والإنجابية ولضحايا العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في أحد مواقع النازحين.
وأكدت الأمم المتحدة أن الطريق لإنهاء الأزمة الهايتية كان موضوعًا للعديد من الاجتماعات رفيعة المستوى بالأمم المتحدة. وفي 21 مارس، أصدر مجلس الأمن - وهو الهيئة الأممية المكلفة بصون السلام والأمن الدوليين- بيانًا أكد فيه من جديد دعم أعضائه "لعملية سياسية يقودها ويملكها الهايتيون"، وشدد على ضرورة مضاعفة المجتمع الدولي لجهوده الرامية إلى تقديم المساعدة الإنسانية للسكان، ودعم الشرطة الوطنية الهايتية.
وأعرب أعضاء مجلس الأمن أيضا عن قلقهم البالغ إزاء التدفق غير المشروع للأسلحة والذخيرة إلى هايتي، والذي يظل عاملا أساسيا لعدم الاستقرار والعنف. وفي أكتوبر 2023، صرح مجلس الأمن بنشر قوة دعم أمني متعددة الجنسيات في هايتي، بناء على طلب الحكومة آنذاك.
وأشارت الأمم المتحدة إلى مواصلة العديد من كبار المسؤولين في منظومة الأمم المتحدة الدعوة إلى زيادة كبيرة في تمويل الجهود الإنسانية، فقد أشارت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في هايتي أولريكا ريتشاردسون إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لهايتي، والتي تتطلب 674 مليون دولار، لم يتم تمويلها سوى بنسبة ستة في المائة، مؤكدة أن "الوقت ينفد".
وفي وقت سابق من شهر مارس الجاري، حذر برنامج الأغذية العالمي من أزمة الجوع المدمرة في البلاد، فيما أكدت المديرة التنفيذية للبرنامج "سيندي ماكين"، على الحاجة إلى تكثيف جهود المانحين حتى التمكن من التصدي لموجة الجوع المتزايدة ووقف الانزلاق إلى الفوضى.
وفيما يتعلق بمستقبل الأزمة في هايتي، ذكرت الأمم المتحدة أنه من المتوقع أن تقود كينيا بعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات لدعم الشرطة الوطنية الهايتية التي تعاني من نقص في الأفراد والموارد، ووعدت العديد من دول الكاريبي بإرسال قوات للمشاركة فيها. كما تعهدت الولايات المتحدة بتقديم نحو 300 مليون دولار لدعم البعثة. وهذه ليست بعثة أممية، لكنها تستمد تفويضها من مجلس الأمن الدولي بموجب القرار رقم 2699 الصادر يوم 2 أكتوبر 2023.
وشددت الأمم المتحدة على أن هناك اتفاقا واسع النطاق على أن هايتي بحاجة ماسة إلى المساعدة لتحقيق بيئة آمنة ومستقرة، إذ دخل مستقبل البعثة في حالة من الغموض بسبب استقالة رئيس الوزراء هنري، الأمر الذي دفع كينيا إلى الإعلان عن أنها ستؤخر نشر القوات حتى الإعلان عن تشكيل حكومة هايتية جديدة.
وبحسب تقارير أممية، فإن الجماعات السياسية تقترب من الاتفاق على مجلس انتقالي يتولى السلطات الرئاسية إلى حين إجراء الانتخابات. ومن غير الواضح ما إذا كان المجلس سيتولى السلطة ومتى، أو متى ستبدأ البعثة الأمنية عملها على الأراضي الهايتية.