تصحبكم «البوابة » خلال شهر رمضان الكريم، في رحلة للقراءة، وحلقات جديدة من حلقات "كتاب في سطور"، وفى كل يوم نقدم قراءة فى رواية أو عمل أدبى أو سيرة لأحد المشاهير، أو بعض الكتب الفكرية التي تناقش الأحداث التاريخية .
يحمل كتاب "التمصير عن المسرح الإنجليزي" للدكتورة نجوى عانوس ، والصادر عن دار اليوم الأول للنشر والتوزيع ، استكمالا لمسيرتها العلمية في مشروعها عن التمصير في المسرح المصري، والتي بدأته مع التمصير في المسرح الفرنسي، والتي تناولته في إصدارين هما التمصير في المسرح المصري من يعقوب صنوع 1970 وحتى الحرب العالمية الثانية 1945، والآخر كتاب "نصوص ممصرة عن المسرح الفرنسي" .
ويعد الكتاب هو الحلقة الثانية في مشروعها العلمي حول التمصير في المسرح المصري، والذي يُعد من أهم المشروعات التي تناولت موضوع التمصير عن المسرح العالمي، حيث قدمت الدكتورة في هذا الكتاب دراسة مقارنة بين عدة نصوص مسرحية وهي مسرحية سيدتي الجميلة والتي قدمها سمير خفاجي وبهجت قمر عن بجماليون لبرناردشو، وفيها قدمت تقسيما لأنواع التمصير وكيف تعامل المؤلفون مع النص المسرحي الأجنبي ، وكيف تم نقل النص إلى منطقة أخرى أخذًا في اعتباره العادات والتقاليد والبيئة والأماكن حتى أسماء الشخصيات بما يعكس الحالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، ووفقا لعاداته وموروثاته.
التمصير في المسرح
قسمت "عانوس" أنواع التمصير إلى ثلاثة أنواع منها تمصير العنوان وأسماء الشخصيات، وهو النوع الأول ، أما النوع الثاني فهو القائم على نقل النص الفرنسي إلى الزج العامي، وهو ما قدمه محمد عثمان في مسرحياته وتمصيره لمسرحيات موليير ومنها مسرحية مدرسة الأزواج ، والنساء العاملات، والتي قام فيها بتمصير أسماء الشخصيات والعناوين والأماكن مع الالتزام بالنص المسرحي الفرنسي، أما النوع الثالث فهو القائم على تمصير العناوين وأسماء الشخصيات والأشخاص والأحداث إلى البيئة المصرية، بكل ما تحمله من عادات وموروث ثقافي، وهو ما قام به يعقوب صنوع في تقديمه لمسرحية مريض الوهم لموليير وقدمها تحت عنوان "العليل"، وما قدمه محمود تيمور "العشرة الطيبة" المنقولة عن مسرحية "اللحية الزرقاء: والجنيه المصري التي قدمها بديع خيري وغيرها من الأمثلة .
الثقافة الفرنسية والتمصير
ولفتت "عانوس" في كتابها إلى أن الثقافة الفرنسية كانت رائجة في تلك الحقبة الزمنية مع بدايات المسرح المصري، ولهذا جاء أكثر الأعمال المسرحية التي تم تمصيرها من جعبة المسرح الفرنسي، إذ قالت :" انتشر التمصير أولاً عن المسرح الفرنسي إذ كانت الثقافة الفرنسية لها أكبر الأثر والأكثر انتشارًا على كتاب المسرح المصري، ثم يأتي بعدها المسرح الإنجليزي نتيجة الاحتلال البريطاني وفرض اللغة الإنجليزية في المدارس، في حين ظلت اللغة الفرنسية هي لغة الطبقة الاستقراطية"
الاحتلال وأثره على التمصير
في دراستها لفتت الدكتورة نجوى عانوس إلى الأثر الذي تركه الاحتلال البريطاني على مصر وفرض تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس والذي أدي إلى انتشار الثقافة البريطانية، وبدأت اللغة الإنجليزية تزهو وتنتشر وهو ما أدي إلى توجه الكتاب والمسرحيين إلى التعرف على تلك الثقافة الرافدة، وبدأت حركة التمصير تتوجه إلى المسرح الإنجليزي وهو ما ظهر جليًّا في مسرح إبراهيم رمزي والذي قام بتمصير مسرحية "لو أني ملك" عن ماكرثي وهي المسرحية الملهمة من ألف ليلة وليلة من حكايات هارون الرشيد، وأيضًا تمصيره لمسرحية "ورق اليانصيب " عن صموييل بيزلي.
وأشارت "أستاذة النقد في كتابها "التمصير عن المسرح الإنجليزي، إلى أن عملية التمصير لم تتوقف عند حدود المسرح بل إن الموضوع قد تطرق إلى شاشات السينما، قائلة :" ومع ازدهار السينما تم تمصير عدد من المسرحيات الإنجليزية إلى أفلام سينمائية مثل تمصير مسرحية "غادة ليون للورد ليتون والتي تحولت إلى فيلم ارحم دموعي، وحب وكبرياء".
وأهم ما يميز الكتاب هو نشر نص مسرحية "فتافيت السكر" لأبو السعود الإبياري والتي تقدم لأول مرة مع التحقيق العلمي وتقديم النص الممصر، مع دراسة علمية مقارنة تناولت خلالها "عانوس" مقارنة بين أسطورة بيجماليون ومسرحية برنارد شو ومسرحية "سيدتي الجميلة" واستخرجت في تلك الدراسة أوجه التمصير والتي تناولت المكان وأسماء الشخصيات وكيف تعامل كل من أبو السعود الإبياري وسمير خفاجي وبهجت قمر مع النص الإنجليزي وكيف قدموا نصوصا مسرحية تتواكب مع المجتمع المصري .