ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل تشهد حالة من التوتر الشديد تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وباتت تتجه نحو منعطف حرج.
وتُشير الصحيفة إلى تصاعد التوترات بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة، مما يُهدد بتصدع العلاقات التاريخية الوثيقة بينهما، وذلك بفعل التحركات التي قام بها نتنياهو والتي أثارت مواجهة مباشرة مع الإدارة الأمريكية منذ نهاية شهر أكتوبر الماضي.
وتطرقت الصحيفة إلى قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، معتبرة هذا القرار محطة مهمة تعكس التوتر الشديد بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مما يُظهر تدهور العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تشهد مستوى جديدًا من التوتر، وربما يكون القرار الأممي الأخير بمثابة فتحة جديدة في هذا الصدام الدبلوماسي بين الحليفين التقليديين.
ولفتت الصحيفة إلى أن التوترات الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تأتي في سياقٍ يتسم بالحساسية والتعقيد، خاصةً مع التحالف الوثيق بين البلدين والاعتماد الكبير من قبل إسرائيل على الدعم الأمريكي في المجال العسكري والدبلوماسي. ومع ذلك، يظهر سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو المواجهة مع الولايات المتحدة كخطوةٍ مفاجئة وقد تكون خاطئةً من الناحية الاستراتيجية.
ويأتي هذا التوتر بعد تقديم الرئيس الأمريكي جو بايدن دعمًا قويًا ومتواصلًا لإسرائيل بعد الهجمات التي شنتها في أكتوبر الماضي. وترى الصحيفة أن نتنياهو يُسعى إلى استخدام المواجهة مع الولايات المتحدة لتحقيق غايات سياسية محلية، بمحاولة التنصل من المسئولية عن الفشل في الحرب على غزة وإلقاء اللوم على القوى الخارجية كالولايات المتحدة.
كما يهدف نتنياهو إلى استغلال الإدارة الأمريكية وخاصةً الرئيس بايدن كوسيلة لتصدير الضغوط السياسية والتهرب من المساءلة عن تصرفاته الداخلية. وفقًا للتقرير، أدى اعتماد قرار الأمم المتحدة المدعوم لوقف إطلاق النار، وعدم مشاركة الولايات المتحدة في التصويت، إلى وضع إسرائيل في موقف حرج.
تعتبر ردود الفعل الغاضبة والمفاجئة من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على امتناع الولايات المتحدة عن المشاركة في التصويت محاولة للتضليل، وذلك على الرغم من تحذيرات إدارة الرئيس جو بايدن له بخطورة مواصلة التحدي للإدارة وعدم التعاون بشكل بناء فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية المتعلقة بالصراع في قطاع غزة.
وأشار التقرير إلى أن غياب استراتيجية سياسية إسرائيلية متماسكة لما بعد الحرب، زاد من تشدد التوترات في العلاقات الثنائية مع الشركاء الدوليين.
وفي تقريرها، أوضحت جريدة "الجارديان" أن تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لطلبات وتوجيهات الولايات المتحدة، إلى جانب سلوكه المتعنت والمواجه، ورفضه تقديم خطة لما بعد النزاع في قطاع غزة، كل هذه العوامل ساهمت في زيادة عزلة إسرائيل. وبالتوازي مع ذلك، حذرت وزارة الخارجية الأمريكية، مؤخرًا من الأضرار المحتملة على المدى البعيد لسمعة إسرائيل وصورتها الدولية نتيجة للصراع في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل خلال فترة حكم نتنياهو، أدى إلى تقييم سلوك إسرائيل بشكل سلبي من قبل إدارة الرئيس جو بايدن، حيث أصبحت إسرائيل غير موثوقة كشريك استراتيجي.
وأوضحت الجريدة أن مع مرور الوقت، تراكم لدى نتنياهو سجل كبير من عدم المصداقية في قضايا متعددة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، والخسائر المدنية، والعمليات العسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة، بالإضافة إلى عجزه عن التواصل والتعاون الفعال مع الرئيس بايدن.
وأفادت الصحيفة البريطانية بأن الصدامات والمواجهات السابقة التي خاضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الإدارات الأمريكية السابقة تزيد من حدة التوتر بين واشنطن وتل أبيب.
وذكرت الصحيفة إلى أن الوضع الراهن ينطوي على نتيجتين محتملتين، إحداهما إسقاط نتنياهو أو فقدانه للسلطة، مما قد يؤدي إلى إعادة تقييم محتملة للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، والأخرى تتمثل في إعادة الولايات المتحدة، بشكل جوهري، تقدير تحالفها مع إسرائيل تحت قيادة نتنياهو، حيث أصبحت قيمة إسرائيل كحليف غير مؤكدة".
وقالت: "ربما استغرق من الولايات المتحدة بعض الوقت لفهم الأمر، إلا أنها في النهاية أدركت أن نتنياهو لا يعتبر حليفًا موثوقًا".
ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، وجه وزير الدفاع الأمريكي، الجنرال لويد اوستن، نداءً إلى إسرائيل، حثَّ فيه على التخلي عن خططها لتنفيذ هجوم بري جنوب قطاع غزة، وفي الوقت نفسه، كما دعا إلى وضع استراتيجية جديدة لحماية المدنيين الفلسطينيين الذين هربوا إلى رفح للنجاة من القصف الإسرائيلي المستمر، تزامنا مع توترات حادة طفت على السطح بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي تعد أقرب حلفائها في الشرق الأوسط.
جاء ذلك في محادثات جرت بين أوستن ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في البنتاغون، حيث أكد على أهمية تجنب تفاقم الوضع الإنساني المأساوي في غزة، مشددًا على الضرورة الأخلاقية والاستراتيجية لحماية المدنيين في هذا السياق.
وأوضح «أوستن» أن الوضع الحالي في غزة يشهد ارتفاعًا مقلقًا في عدد الضحايا المدنيين ونقصًا حادًا في المساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أنه يتعين اتخاذ إجراءات فورية لتخفيف الأزمة الإنسانية الحالية.
وأكدت الصحيفة أهمية زيارة جالانت إلى واشنطن في هذا السياق، خاصة بعد إلغاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل مفاجئ زيارة وفد رفيع المستوى إلى العاصمة الأمريكية. وتشير التقارير إلى وجود اختلافات بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي بشأن السياسات الاستيطانية لإسرائيل وموقفها المتشدد من حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مما يزيد من التوترات بين البلدين.
وعلى الرغم من دعم الولايات المتحدة التقليدي لإسرائيل عسكريًا ودبلوماسيًا، فإنها أبدت استياءها إزاء ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في قطاع غزة وتدهور الوضع الإنساني هناك.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول دفاعي كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، أن إدارة الرئيس جو بايدن تدعم هدف إسرائيل في تفكيك حماس في رفح، ولكن الأولوية الحقيقية هي إيجاد نهج بديل يحمي المدنيين الفلسطينيين.
«أوستن»، الذي عمل سابقًا كجنرال في الجيش وشهد عمليات مكافحة التمرد في الشرق الأوسط وأفغانستان، يمتلك خبرة غنية في مواجهة الجماعات المسلحة، وبناءً على هذه الخبرة، يسعى الرئيس جو بايدن وإدارته للاستفادة من تلك الدروس للحد من خسائر الأرواح المدنية في غزة، حيث تحمل خبرته في تقليل الضرر المدني وتحقيق التوازن بين الأهداف العسكرية وحماية المدنيين أملًا في تطبيق استراتيجيات مشابهة للحد من الخسائر البشرية خلال النزاع الحالي.
كشف مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية أن وزير الدفاع الأمريكي، الجنرال لويد أوستن، أقر بضرورة تفكيك حركة حماس في رفح، ولكنه في الوقت نفسه أكد على الواجب الأخلاقي للبلدين والمصلحة الاستراتيجية في حماية المدنيين.
وأوضح المسؤول الأمريكي أن الهدف من ذلك هو مساعدة إسرائيل في العثور على بديل عن عملية عسكرية واسعة النطاق، التي قد تعرض للخطر أكثر من مليون مدني يحتمون في رفح.
وأكد المسؤول أن هناك متطلبات تشتمل على ضمان سلامة المدنيين وإمكانية مغادرتهم بأمان وتلبية احتياجاتهم الإنسانية أثناء توجههم إلى مناطق آمنة في غزة. وأشار المسؤول إلى تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت على التزامه بالتعامل مع هذه القضايا.
ومن دون تحديد تفاصيل المقترحات البديلة المطروحة من قبل أوستن، أشار المسؤول إلى ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية وأعلن أن الممر الإنساني البحري من المتوقع أن يكون جاهزًا للتشغيل في غضون أسابيع قليلة.