أغضبني صاحب الليلة أمس، فلكل ليلة صاحبها.. ولكل صاحب ليلة.. ولكل ليلى صاحبها.. ولكل صاحب ليلى.
لا عليكم فحين الغضب لا يملك صاحب «المُكعبات» من الحروف غير تفكيكها وتركيبها وأحيانًا يُشكل منها لحنًا أكثر سوءً من ذلك الذي لحنه جهبز الموسيقى مع جهبز الإعلام: "مصر تيرارارا مصر تيرارارا"، أو ذلك اللحن الخالد من الفيلم العظيم «كتكوت» "برررم.. برررم.. تيرارارا"، ورغم أن المقام الموسيقي في المقطوعتين الخالدتين واحد إلا أن لكل مقطوعة معنى ومغنى.
أعود بكم من حيث جئت.. ليتني أستطيع أن أعود حتى بنفسي إلى هناك، لكن لم يعد هذا بالأمر المُمكن.. لا يأت أحد إلى هنا ويعود.
أقصد أعود بكم في الحديث إلى ليلة أمس حيث استيقظت ليلًا أشرب الماء بعدما ألح علي سؤال: لماذا يترك الحُكام اللصوص في حاشيتهم؟ شربت الماء فأجرى علامات الاستفهام على لساني فخرجت ورقة وقلم لأسأل نفسي: لماذا ترك الله إبليس مع آدم في الجنة؟.. لماذا ترك موسى.. السامري بين قومه؟.. لماذا قرب المسيح منه الأسخريوطي حتى تمكن من خيانته.. لماذا أبقى الرسول على المنافقين في المدينة؟ ولماذا أعطى أبو سفيان الحصانة فقتل بني أمية أحفاده!.. لماذا يبٌقي دائما صاحب الشركة على "الموظف الفاسد" ويبقى الله على إبليس ويبقى الرئيس على اللصوص، ويتخذ الضباط من "المنحرفين" مرشدين!.
لماذا في كل حكاية يتسلل فيران توميش ويسرق ما في المتحف من لوحات ويصير اسمه بجوار بيكاسو، وهنري ماتيس، وجورج براك.. هم يسرقون في كل مرة "حمامة البازلاء" ويتركون لنا "حمامة المدير" أقصد عصفورته! ولكن الطيور تشابهت علينا.
في الصباح وبينما أنا أمر على أحد "الرادارات" المزروعة حديثًا محل الأشجار، استوقفني الأمر مع أنني أشاهده كل مرة عشرات المرات.
مكان الرادار معلوم! ما الجدوى!.. ألم تكن الحكومة تدس "الرادارات" قبل ذلك في الأشجار.. نعم هذا ما كان يتم!.. لكن..
حينما كان مجهولًا، كان معدل الخطأ أكبر.. كانت الحوادث أكتر.. وربما جني الأموال أكثر.. لكن الفائدة المردوة أقل بكثير، وبالطبع هذه ليست فكرتنا لكنها فكرة الدول التي قطعت هذا الشوط من التفكير، لأننا ما زالنا حتى الآن ننصب اللجان بجانب "الرادارات" ونُعين عسكري بجوارها خشية أن تتكاسل عن التسجيل.
الله خلق الشيطان كهذا الرادار، لأنه يُريد أن يمنعك من الخطأ ولا يريدك أن تقع فيه.. هذا الشيطان هو أدرى الناس وأكثرهم تمرسًا للمعصية لذا هو أجدر من يقوم بهذا الدور، كان من الممُكن أن يُجبره الله على الطاعة لكن ذلك معناه أنه لن تكون هناك حكاية.. لن يكون هناك اختبار!.. ولكن ألم يكن أفضل أن يأت الله بملاك معروفة أخلاقه.. لكن الملاك كان سيؤدي ذلك العمل بشعوره وليس بشعور "المترصد"، "المؤذي" الذي يحمل الجينات الأصيلة "للضرر" ففي فعله لذة ونشوة وإرضاء للذات ورغبة في شيطنة الكون.. ألا تراه بعد كل هذه السنوات لا يفكر حتى في التوبة أو على الأقل لا يكف أذاه عن الناس!.. ألا ترى كيف تبتسم الكاميرات وتضئ لك الأنوار في عينيك حينما تغافلك بمخالفة!.. أو لا تر كيف يبتسم رجل المرور وهو يحرر لك مخالفة الوقوف في الممنوع أو السير عكس الاتجاه!
ماذا لو لم يخلق الله الشيطان؟ وماذا لو قضى حكامنا على اللصوص؟ وماذا لو أقال صاحب العمل لص المكان"!
الإجابة التي وجدتها في "الرادار" أن ثوب الحياة تمت حياكته من الأساس بهذين الخيطين "الأبيض والأسود"، إذا لم يكن هناك شيطان فلن يكون هناك آدم.. إذا لم يكن هناك رادار فستكون هناك سرعة جنونية ولن تكون هناك مخالفة، أكاد أُجزم أن الشر خُلق أولًا وأن الخير ما هو إلا مراحل متطورة من الصنعة تفادت فيها يد الصانع العيوب السابقة.. لذا لا يستطيع الحصول عليه إلا القليل لأنه عال التكلفة وباهظ الثمن.
أخذنا الطريق ونسينا مؤشر الوقت والسرعة ونسيت أن أقول لك أن وجود الشيطان ونوميش ولص المكان والرادار أمر طبيعي لأنهم ببساطة الإطار الذي يحُد الفضيلة فلا نغالي فيها، لافتة السرعة المقررة حتى لا نرتكب الحوادث، الشئ الذي نكرهه الذي لابد أن يظل أمامنا حتى لا نفعله، المرآة الكاذبة لآدم والحُكام وأصحاب الأعمال التي لا غنى عنها لأنه لولا المقارنة لما صار سعر المرايا الصادقة أعلى من سعر الدولار.
قبل أن أكبح فرامل السيارة لأنني وصلت إلى نهاية الطريق والمقال وأظنني اكتسبت خبرة ولو قليلة مما رأيته في "المشوار" قالت روحي لنفسي: "حسنا إذا لقد كان وجودك دائما ضروريا، لأنك أنت الاختبار".
أرجو ألا يغضب مني الشيطان ولا لص المكان فإني ما قصدت إهانتهما، ولكني كنت أبحث عن إجابة لسؤال صغيري عن جدوى النعال!
آراء حرة
تامر أفندي يكتب: لماذا خلق الله الشيطان وتوميش ولص المكان؟!
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق