حقق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فوزًا ساحقًا بفترة رئاسية جديدة حتى عام 2030، كما كان متوقعا إذ لم يكن أحد يراهن على فوز أحد منافسيه.
الرئيس الروسي، كان يراهن على نسبة مشاركة الناخبين، فهي بالنسبة له تمثل صورته أمام العالم كقائد تجتمع خلفه الأمة الروسية، وتثق فيه وتدعمه في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة التي تمر بها بلاده نتيجة حربها على أوكرانيا.
التصويت في الانتخابات سجّل أعلى نسبة مشاركة في تاريخ البلاد، إذ بلغ 77.44%، بتصويت أكثر من 87.1 مليون مواطن روسي، وفاز بوتين بنسبة 87.28% من أصوات الناخبين، يليه مرشح الحزب الشيوعي الروسي نيكولاي خاريتونوف، الذي حصل على 4.31%، فيما حصل فلاديسلاف دافانكوف على 3.85%، وأخيرًا حل ليونيد سلوتسكي، في المركز الأخير بعد حصوله على 3.20%، حتى أن جيك ساليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، اعترف بقوة الرئيس الروسي قائلا: “إن بوتين هو رئيس روسيا، وتتصرف الولايات المتحدة على هذا الأساس”.
كما تعكس نتيجة الانتخابات الروسية، أن بوتين زعيم قوي استطاع أن يبدأ معركة تغيير النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب بقيادة أمريكا منذ عقود، تمهيدًا لتأسيس عالم متعدد الأقطاب، وساعده على ذلك تحالفه الاستراتيجي مع الصين ثاني اقتصاد في العالم والمنافس الأول لأمريكا.
كما أظهرت الانتخابات الروسية، إدراك المجتمع الروسي لحساسية الانتخابات الحالية، والتحديات التي تواجه الدولة الروسية، وهو ما انعكس على نسبة المشاركة العالية في الانتخابات.
نسبة الأصوات الكبيرة التي حصل عليها الرئيس الروسي تؤكد الثقة العالية التي يحظى بها بوتين من المجتمع الروسي بمختلف توجهاته، وأعراقه، ودياناته، وهو ما أشار إليه بوتين في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد إعلان النتائج النهائية في مقر حملته، حيث أعاد شكر الأمة الروسية، وأكد أن هذا النصر يمثل نصرًا لوحدة الشعب الروسي، وأكد أن الأهداف والبرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي أعلنها سيعمل جاهدًا على تحقيقها.
هذا النصر المريح يمكن الرئيس الروسي من التفرغ لمعالجة ملفات داخلية وخارجية مهمة.
كما أكدت النتيجة أن سيف العقوبات الغربية لم يعد يخيف أحدًا، استطاع “بوتين” أن يتفادى آثار العقوبات الغربية غير المسبوقة على بلاده، وكان التأثير السلبي لهذه العقوبات في الاقتصاد الروسي أقل من تأثيره في اقتصاديات بلدان الاتحاد الأوروبي.
كما تبدو أمام الرئيس الروسي على الصعيد الداخلي عدة مهمات، منها إعادة الثقة بالحكومة الحالية برئاسة ميخائيل ميشوستين، بعد الأداء الجيد لها، وصمودها أمام ما واجهته من تحديات، خصوصًا العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب.
كما يرجح الخبراء أن يدعم الرئيس الروسي بوتين الحكومة بعناصر جديدة، قد تضفي مزيدًا من الحيوية على الأداء العام للجهاز الحكومي، مع الإبقاء على العناصر الفاعلة المهمة فيها، والحديث هنا عن محافظة البنك المركزي الروسي السيدة إلفيرا نابيولينا، التي تمكنت من الحفاظ على قوة الروبل في وجه العقوبات المالية الكبيرة التي فرضها الغرب، وكذلك وزير المالية أنطون سيلوانوف.
كما تتمكن القيادة الروسية، من إدارة الصراع مع الغرب، بمزيد من الصلابة والقوة، خاصة أن الدول القائدة في الغرب تواجه استحقاقات انتخابية شديدة الحساسية، وقد تشكل نقطة تحول، والحديث هنا عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، والانتخابات البرلمانية في أوروبا.
بينما يعد حصول نيكولاي خاريتونوف، على وصافة الانتخابات الرئاسية، نجاح للحزب الشيوعي الروسي، إذ تمكن من إيصال خطابه إلى فئات من المجتمع الروسي.