السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منير أديب يكتب: الإرهاب في روسيا والحرب الأوكرانية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

العملية الإرهابية الأخيرة التي ضربت مركز كروكس سيتي مول التجاري في روسيا أمس الجمعة لا يمكن أنّ نفصلها عن الحرب الأوكرانية والتي واجهت فيها روسيا الولايات المتحدة الأمريكية ومعها أوروبا، ولا شك أن كل منهما استخدم أدواته في مواجهة خصومه، بما فيها توظيف الحركة الجهادية في هذه المنطقة.

توقعنا في بدايات هذه الحرب قبل عامين أنها سوف تُؤثر إيجابًا على تنامي الحركة الجهادية في شرق أوروبا؛ لأسباب ترتبط بطبيعة هذه الحركة من جانب وقوة داعش خرسان من جانب آخر، فضلًا على انشغال القوى الدولية الكبيرة بالحرب بدلًا من مواجهة تنامي هذه التنظيمات.

الأخطر أنّ كلا من طرفي الصراع وجه انتقادًا للطرف الآخر في الحرب الأوكرانية يتهمه فيها بتوظيف جماعات العنف والتطرف في هذه المواجهة؛ وربما كانت المحصلة العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت قاعة حفلات موسيقية قرب موسكو، فضلًا عن احباط عمليات إرهابية لاستهداف كنيس يهودي منذ أيام.

لا شك أنّ الحروب والصراعات التي ضربت العالم بدءًا من شرق أوروبا وتحديدًا في أوكرانيا وانتهاءًا بالشرق الأوسط وتحديدًا في فلسطين ومرورًا بما يحدث في السودان وسوريا واليمن وعدد من الإنقلابات العسكرية التي ضربت بعض العواصم الأفريقية مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، كل هذا ترك أثرُا إيجابيًا على نشاط الحركة الحركة الجهادية العالمية.

التنظيمات المتطرفة وداعش على وجه التحديد ينشطون جميعًا بصورة كبيرة في ظل الحروب والصراعات؛ فدائمًا تلجأ هذه التنظيمات إلى صناعة الفوضى التي تُخلفها هذه الحروب، فأما وأنّ هذه الحروب والصراعات واقعًا قائمًا بالفعل، فمن الطبيعي تظهر هذه التنظيمات بصورة أكثر وضوحًا، ونتوقع معها عمليات نوعية مثل ما حدث في روسيا.

صحيح نجح التحالف الدولي في القضاء على دولة داعش منذ العام 2014، وأعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، انهيار دولة داعش في 22 مارس من العام 2019، لكن ها هو التنظيم يعود من جديد من خلال تنفيذ عمليات نوعية في كبرى دول العالم.

وهذا ما نقصدة من عودة داعش، صحيح قد لا يعود داعش بدولة له بعد أنّ سقطت في منطقة الشرق الأوسط، لكن هذه العودة قد تكون أخطر؛ وتبقى الخطورة في عدم وجود بقع جغرافية يٌسيطر عليها التنظيم، وإنما يتواجد في شكل خلايا خاملة ومنفردة ومتخفية، ولكنها قد تنشط في أي وقت وتقوم بتنفيذ عمليات نوعية مثل ما حدث في روسيا مؤخرًا.

صحيح مجتمع الاستخبارات الأمريكي حذر روسيا من إمكانية تنفيذ عمليات إرهابية على أراضيها بعدما تدفقت معلومات تفيد بأنّ داعش يعتزم مهاجمة روسيا، المعلومات كانت محدودة ولكنها ارتفعت إلى مستوى واجب التحذير، وهو ما تجاهلته روسيا ووصفت هذا التحذير بأنه استفزازي!

على كل الأحوال الصراع الدائر في أوكرانيا أثر على التنسيق الاستخباراتي ما بين المخابرات المركزية الأمريكية ووكالة الاستخبارات الروسية، وبالتالي كان نتيجة ذلك، تجاهل الأخيرة التحذيرات التي أبلغت بها، حتى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتبر أنّ الغرب يتدخل بشكل مُسيء لروسيا على خلفية هذه التحذيرات.

العملية النوعية الأخيرة لـ داعش في روسيا ليست الأولى بعد سقوط دولة داعش ولن تكون الأخيرة، بل هناك عددًا من العمليات الإرهابية خلال الفترة القادمة في كل قارات العالم؛ سواء في أوروبا المشغولة بالصراع الدائر في شرقها أو في أفريقيا بعد عدد من الانقلابات العسكرية أثرت على جهود مكافحة الإرهاب في القارة السمراء.

وهذه العمليات الإرهابية سوف تطول أيضًا منطقة الشرق الأوسط، فداعش نشأ فيها ومازال موجودًا بخلاياه في الرقة والموصل، ونفذ عشرات العمليات النوعية؛ فضلًا عن اتساع نطاق الصراع في أكثر من عاصمة عربية، منها السودان، حيث حذر تقرير أممي من تنامي التنظيمات المتطرفة في هذه المنطقة بعد استمرار الصراع ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

بدأت تخرج قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية من العراق بعد توتر العلاقات بين البلدان على خلفية ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط وتحديدًا في غزة؛ وهو ما قد يكون له تأثير إيجابي على بقايا داعش في هذه المنطقة، كما أنّ تأثير الصراع في أوكرانيا ظهرت ملامحه في هجوم موسكو الأخير.