أعلن فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس الوزراء للشئون الخارجية بالحكومة العراقية، عن أن بلاده لم تعد ترغب في استكمال عمل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم داعش، لأن الفريق لم يتعاون بنجاح مع السلطات العراقية، وأنه لم يرد على الطلبات المتكررة من الحكومة بشأن مشاركة الأدلة التي تدين التنظيم الإرهابي.
وكانت الأمم المتحدة قد مددت عمل الفريق حتى شهر سبتمبر ٢٠٢٤، وهي مدة اعتبرها المستشار الخاص كريستيان ريتشر، رئيس الفريق، غير كافية لإنجاز عمله بصورة كاملة.
وتثير الخطوة مخاوف المراقبين لتعزيز مساءلة التنظيم الإرهابي، والتأكيد على محاسبة أفراده وعناصره على تهم بعينها، مثل القتل والتفجير والاغتصاب وغيرها، بينما تظل التهم التي تلاحق عناصر التنظيم هي الانضمام لتنظيم إرهابي فقط، بينما لن تكون هناك طريقة لإثبات التهم على مرتكبيها، خاصة وأن فريق البحث عن الأدلة وتوثيقها معرض لإنهاء عمله بصورة تامة بعد إعلان العراق أنه لا يحتاج لعمل هذا الفريق طالما هو لا يتعاون مع السلطات بصورة مرضية.
وتشير تقارير ذات صلة، إلى أن الفريق أحجم عن مشاركة الأدلة التي تدين عناصر التنظيم الإرهابي مع السلطات القضائية العراقية نظرا لفوارق قضائية بين الجانبين، أبرزها حكم الإعدام الذي ينفذه العراق بينما يعترض على تنفيذه الفريق الأممي، ويماطل في مشاركة الأدلة التي عثر عليها.
وتعليقا على إنهاء مهام فريقه، أكد المستشار الخاص ريتشر، أن الفريق يحتاج للمزيد من الوقت، ووفقا لبيان بموقع الأمم المتحدة فإن الفريق عمل منذ تمديد مهام عمله لسنة إضافية من قبل المنظمة، قبل أن يعلن العراق رغبته في إنهاء العمل، على إعادة ترتيب أولويات موارده التحقيقية من أجل الاستجابة لمتطلبات قرار مجلس الأمن رقم ٢٦٩٧ (٢٠٢٣) وجدوله الزمني، بطريقة تسرع التحقيقات الأقل تعقيدا ومخرجاتها المخطط لها. ولكنه أشار إلى أن بعضا من تحقيقات الفريق الأساسية والمعقدة لن يتمكن الفريق، غالبا، من استكمالها خلال عام واحد، والمتضمنة التحقيق حول نية داعش لارتكاب الإبادة الجماعية ضد الشيعة، وعمل الفريق المتعلق بالعائدين من مخيم الهول، وهو ملف يتطلب سنواتٍ من العمل في العراق وخارجه.
وقبل شهر ونصف، تحديدا في ١٢ فبراير الماضي، قدم الفريق الأممي حزمة من الأدلة الأساسية التى استند إليها تقرير عن الجرائم المالية للتنظيم الإرهابي، وتم تسليم تقرير تقييم القضية بالإضافة إلى تلك الأدلة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى.
وأكد "ريتشر"، أن التقرير تضمن النتائج التى توصل إليها فريق التحقيق، حتى الآن، بشأن ديوان بيت المال لداعش، وهو أحد أهم مسارات التحقيق للفريق، حيث يتعمق فى البنية التحتية المالية التى وضعها تنظيم داعش للحفاظ على ديمومة العمليات العسكرية للتنظيم الإرهابي.
وأضاف رئيس الفريق الأممي، أن نتائج تقرير تقييم القضية تظهر إدارة تنظيم داعش لبيت المال، وبأن سلطة اتخاذ القرارات المالية واعتماد السياسات المالية كانت تقع فى أيدى السلطات العليا، والتى هى مجلس الشورى والخليفة.
ويعد فهم العلاقة بين الإدارة المالية لتنظيم داعش والهيكل التنظيمى والتسلسل الهرمى للتنظيم، أمرا بالغ الأهمية لتحديد هؤلاء الأكثر مسئولية عن الجرائم الدولية التى ارتكبها تنظيم داعش فى العراق. ويعد هذا الأمر محوريا للوقوف على الصورة الكاملة حول الجرائم الشنيعة التى ارتكبها تنظيم داعش.
وتقرير تقييم القضية هذا نتاجا للعمل على مدى عدة سنوات من التحقيقات المكثفة فى جرائم تنظيم داعش المالية والاقتصادية، والتى أجرتها إحدى الوحدات للفريق والمختصة بهذا المسار من التحقيقات.
وأشار إلى أن الفريق فخور للغاية بشراكته مع القضاء العراقى فى القيام بهذا العمل، إن القضاء هو الشريك الطبيعى لفريق التحقيق، ونحن نشيد بالدور القيادى لقضاة التحقيق العراقيين المختصين الذين وفروا كافة الدعم لعملنا الهادف لتعزيز المساءلة عن جرائم تنظيم داعش الدولية.
ولفت "ريتشر" إلى أن فريق التحقيق، خلال الأشهر المقبلة، سيقوم بتسليم القضاء العراقى سلسلة من تقارير تقييم القضايا التى تشمل النتائج القانونية المتعلقة بجرائم دولية محددة ارتكبها تنظيم داعش، بالإضافة إلى توفير الأدلة، بما يتماشى مع ولاية الفريق وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ووفقا لتقرير الأمين العام بشأن تنفيذ القرار ٢٦٩٧ (٢٠٢٣).
ولا تعد هذه الخطوة منفصلة عن خطوات سابقة للحكومة العراقية، التي أعلنت أكثر من مرة جديتها في إنهاء مهام قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في البلاد، خاصة بعد انتهاء مبرر وجودها، وهو القضاء على التنظيم الإرهابي، وأكد الحكومة العراقية على مطالبها بعد تنفيذ واشنطن لضربات ضد جماعات مسلحة موالية لإيران داخل الأراضي العراقية بينما اعتبر العراق ذلك تعديا على سيادته، وفي الوقت نفسه أصر العراق على احتفاظه بعلاقات جيدة وثنائية مع دول قوات التحالف في إطار الدعم المعلوماتي والأمن السيبراني، دون وجود قوات فعلية على الأرض تخترق سيادة العراق.