قال الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها عبر صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: “تحية إلى هذه الأم في هذا العيد نرسل عدّة تحيات إلى مجموعة من الأمهات، تحية إلى الأم التي أدركت من الساعة الأولى معنى الأمومة ومسئولياتها، وأعطت الأمومة الأولوية في حياتها الأسرية، فكانت نِعمَ الأم لأولادها، حتى صاروا آباء وأمهات”.
وتابع: "تحية لكل أم بذلت صحتها وجمالها الجسدي في سبيل اهتمامها بأسرتها، كشمعة تحترق لأجلهم.
ووجه التحية لكل أم أنجبت وقدمت لنا عمالقة في شتّى الميادين، وعلى مدار التاريخ وتحية إلى الأم التي ترمّلت مبكرًا، وعاشت بقية أيامها تجترّ آلامها وتمزجها بالشكر، وتستعين عليها بالصبر ومناجاة الله، وكذلك كل الشكر والتحية للأم التي اُضطُرَّت أن تقوم بدور الأب والأم، وذلك لغياب الزوج خارج بلده أو تخلّيه عن مسئولياته وهو فيها، فجمعت الأبوة والأمومة في شخصيتها، وتحية إلى الأم التي تنكّر لها أولادها بعدما كبروا وتزوجوا، ناسين كل ما فعلته لأجلهم، فلم تغيّر موقفها منهم، ولم تتخلَّ عن أمومتها لهم، وتحية إلى الأم التي صارت "أمًّا" لأمها وأبيها بعد أن تقدما في أيامهما، فجمعت بأمومتها جيليْن، بحبها وحنانها.
تحية إلى الأم التي أبت أن تحيا مع أولادها في منازلهم الجديدة، وألّا تقتحم حياتهم وتجرح خصوصياتهم وتثقل عليهم، فعاشت وحيدة راضية.
تحية إلى تلك الابنة التي صارت أمًّا لأمها وأبيها وإخوتها، متخلّية عن طفولتها وحقوقها كصغيرة، وأحنت كتفها للنير منذ صباها، وربما تنازلت عن حقها الطبيعي في تكوين أسرة.
تحية إلى الأم التي اختارت أن تحيا خلف باب بيتها وفي الظل، ولم تظهر في المجتمعات والمحافل، وحسبها فقط أن تفرح وتفخر بخدمة أولادها ونجاحهم.
تحية إلى الأم التي لم تتزوج ولم تنجب، وإنما صارت أمًا حنونًا لأولاد غيرها، بفرح وشكر، ودونما تقصير أو تذمًّر.
تحية إلى المربية التي صارت أكثر وأفضل من أم، التي تعلّقت قلوب الأولاد بها، فلازمتهم بقية حياتهم في منازلهم الجديدة وتحية إلى الأم التي صارت أمًا للمعاقين والمسنين والأيتام واليتيمات والمرضى، بحنو وبذل عطاء مستمر.
تحية إلى الخادمة التي صارت أمًا مثالية لأطفال مدارس الأحد، وقامت معهم بما يجب على الأمهات المثاليات.
تحية إلى كل رجل يحمل في داخله حنو الأم وصفاتها، وقام بدور الأب والأم في الأسرة وتحية إلى الزوجة التي صارت أمًا لزوجها، وليس أولادها فقط، فاحتضنت الأسرة بكاملها.
تحية إلى الأم التي سلّمت الإيمان لأولادها وأعدّتهم للاستشهاد، وربما اُستُشهِدت قبلهم وأمامهم، واستقبلتهم في الفردوس وإلى كل أم روحية، كانت منارًا لكثيرين وكثيرات في الإيمان والحب، سواء في الرهبنة أو التكريس أو الخدمة.
تحية إلى الأم التي ما تزال تبكي على أولادها مثل راحيل، وتأبى أن تتعزى حتى يصبحوا موجودين، ومثل الأم مونيكا والتي لم تكفّ حتى عاد ابنها القديس أغسطينوس ووصلاة من أجل كل أم تخلّت عن أمومتها وطبيعتها، فآذت أولادها وأساءت إليهم.
وتحية إلى كل أم ماتت وطفلها في مهده، أو لم تره بعينيها يوم وُلِد، ولم تسعد به وهو يشبّ ويخرج عن الطوق ولأمهاتنا اللائي فارقننا إلى الفردوس يصلين عنا، ونذكرهن بكل الخير والامتنان وإلى كل إنسان لم يرَ أمه، ولم يصله حنانها، ولم ينعم بدفئها وحبها الغامر ولمصر، أمنا الغالية، نحيا في كنفها، وننعم بخيرها، ونفخر بها بين جميع أمهات العالم.
وكما وجه التحية للكنيسة "الأم" التي من بطنها (جرن المعمودية) وُلِد جميع المسيحيين أولادًا لله.. التي جعلت جميعنا إخوة، وما تزال تطعمنا وتسقينا وتحتوينا وتحية إلى أمّ كل حيّ، مريم العذراء، رمز الأمومة، حواء الجديدة ومجدًا لله الذي قال: «كإنسانٍ تُعَزّيهِ أُمُّهُ هكذا أُعَزّيكُمْ أنا» (إشعياء 66: 3).