شاركت اليوم مطران اللاتين كلاوديو بمصر الراهبات الفرنسيسكانيات لقلب مريم الطاهر بمرور ١٥٠ على تأسيس مدرستهم بالإسماعيلية علي يد الأمالمؤسسة الطوباوية كاترينا تروياني وكان ذلك بطلب من المهندس الفرنسي فرديناند دليسبس الذي أشرف على مشروع حفر قناة السويس.
ويذكر أنها وُلِدَت في "ﭼـوليانو دي روما" جنوب غرب إيطاليا يوم 19 يناير 1813م، كإبنة ثالثة من أصل أربع أبناء لأب هو "تومازوتروياني" وأم هي “تريزا پانتشي”.
وعانت كثيراً من إضطرابات في طفولتها، بسبب حادث مقتل والدتها، لكنها كانت تصلّي إلى الله منذ طفولتها حتى يعينها ويعطيها السلام بناءً على نصيحة الراهبات المسئولات عن الملجأ، وقد احتضن المسيح الرحيم آلالام الطفلة البريئة المتكلة عليه وخصّها بمحبته وعنايته فنمتفي سلامه.
إلتحقت بالمدرسة التابعة للدير أيضاً، وهناك كانت كونستنسا لطيفة مسايرة لرفيقاتها تخصّهن بالمحبّة، وكثيراً ما كانت تجمعهنّ لتكلمهنّ عنيسوع وتشجعهنّ على محبّته.
مرّت عشر سنوات على دخول "كونستنسا" مدرسة الراهبات. وعندما حانت ساعة تركها للمدرسة لم ترغب بذلك، وترهبنت ونظراً لقدرتهاوأهليتّها الكبيرة، أسند إليها أسقف الإيبارشية وظيفة معلمة. وانتخبت مستشارة في الدير أيضاً وهي في الثامنة عشرة من عمرها فقط.
فقدّرت الأم الرئيسة حسن استعدادها للعمل، وشاءت أن تجعلها ساعدها الأيمن في إدارة الدير فعيّنتها أمينة سر، ومسؤولة عن السجلاتومديرة للتلميذات الصغيرات.
عاشت كاترينا حتى السادسة والأربعين من عمرها في دير "فرنتينو" وهي عالية المهمّة في العمل بواجباتها التعليمية والتربوية والرهبانيةدائمة السهر على التقدّم في الفضيلة والأمانة لله.
وفي 14 سبتمبر دَخْلن القاهرة وقصدْنَ من ساعتهنّ رعيتهنّ في حيّ "الموسكي" وسنة 1863 انتخبت "ماريا كاترينا" رئيسة عامة للرسالةفي الدير الجديد في القاهرة.
وإنّ ما كانت عليه الأم "ماريا كاترينا" من روح المبادرة والحيوية، لم يتمكن من حصرها في بيئة ضيقة هي حي "كلوت بك" بوسط القاهرة. وعليه، فخلال بعض السنوات، جعلت أديارها ومؤسساتها تنتشر في المنصورة، ودمياط، والإسماعلية، وكفر الزيات، والإسكندرية ومن ثم فيمالطة والقدس وايطاليا، حيث أخذت فتيات عديدات يتُقْنَ إلى الحياة الإرسالية وفي الواقع، إن شابات كثيرات من الشرق وأوروبا جئنَيسألن الانضمام إلى راهبات مصر الفرنسيسكانيات، لم تكن الأم "ماريا كاترينا" وراهباتها يعرفن الكلل في تعليم الشبيبة، ومعالجةالمرضى، واسعاف الشيوخ والفقراء والمعوقين، ومصالحة المُتخاصمين، وردّ السلام إلى الأسر. أما أهمّ الدلائل على ما امتازت به الأم مارياكاترينا من غيرة رسولية ومحبة، فكان العملان الرسوليان الاجتماعيان: العناية بالأفريقيات الصغيرات واللقطاء.
وفي الأشهر الأولى من سنة 1860، افتتحت ماريا كاترينا مدرسة للأفريقيات من أجل تربيتهن وتعليمهن. وقد بلغ عدد من هذّبتهم طوالأيامها 1574 لقيطاً وعدد من فدتهنَّ من الأفريقيات 748.
كانت الأم ماريا كاترينا شديدة الثقة بالقديس يوسف حتى راحت تعدّه وكيلاً على الدير، ورئيساً وربّاً وحارساً. وقد حدث أكثر من مرة، أنّهاعلّقت في عنق هذا القديس "كيس العناية الإلهية" فارغاً، فإذا بالكيس ملآن في الصباح من النقود التي كانت بحاجتها. لكنها سبقتفأحيت الليل كلّه في الصلاة. كما كان يترآى لها كثيراً في سيرها المتعب الطويل وعندما تضلّ الطريق أثناء ذهابها وعودتها.
في الخامس من يوليو 1868، أصدر مجمع انتشار الإيمان قراراً باعتبار إرسالية القاهرة مؤسّسة رهبانية جديدة، وعيّن خادمة الله مارياكاترينا رئيسة عامّة لها.
في يناير 1887 بلغت الأم الرابعة والسبعين من العمر وكانت صحتها تتقهقر ولكنها بقيت صابرة، تتألم بفرح ولا تُشعِر غيرها بأوجاعها الجسدية. ولم تتجاهل أن موتها قريب وكان ذلك فعلاً في يوم 6 مايو 1887. وما إن انتشر خبر وفاتها في القاهرة حتى توافدت الجموع منجميع الطبقات لتكرِّم جثمانها الطاهر وهي تردد: "ماتت أم الفقراء. ماتت الأم البيضاء".
عام 1972م أعلنت الأم مكرّمة. وفي اليوم 14 من إبريل 1985، وهو يوم مجيد في تاريخ راهبات قلب مريم البريء من الدنسالفرنسيسكانيات، أعلنها البابا يوحنا بولس الثاني طوباوية. وقد جاء ذلك تصديقاً على حدس الشعب وأمنيته الغالية برؤية الأم ماريّا كاترينامكرّمة على مذابح الكنيسة الجامعة.