بعد تصدر مسلسل الحشاشين لترند الأعمال الدرامية الرمضانية عام 2024، تكشف «البوابة» أوجه التشابه بين هذه الفرقة التاريخية، وتنظيم «داعش» الإرهابي من خلال عدة عوامل على النحو التالي:
ظروف النشأة
تشابهت نشأة كل من فرقة الحشاشين وتنظيم «داعش» من حيث الظروف السياسية المضطربة التي نشأت فيها كل منهما رغم السياقات التاريخية المختلفة، حيث استغل "الحشاشون" بداية الضعف الذي دب في الخلافة الفاطمية داخل مصر وناصبتها العداء، في حين استغل «داعش» حالة الضعف في الذي ساد كلًا من العراق وسوريا.
أساليب التجنيد
اعتمد التنظيمان على أساليب تجنيد متشابهة، حيث إلغاء العقل وتقديس زعيم التنظيم، فقد سلم "الحشاشون" عقولهم للإمام المعصوم –حسب زعمهم، في حين بايع الدواعش خليفتهم المزعوم، واستغل التنظيمان حالة التمزق والضعف التي تعيشها الأمة الإسلامية، ليحثوا العناصر المستهدفة بالتجنيد على الانضمام لهم لاستعادة الوحدة التي تتميز برابطة قوية من الولاء بين عناصرها والتفاني في الخضوع للزعماء، مثلما حرص داعش على استثمار فشل المسارات السياسية للتغيير في المنطقة العربية، وحالة الإحباط السائدة نتيجة لتردي الحالة المعيشية، وتنامي الخطاب المعادي للإسلام والمناوئ للشريعة، من قبل بعض التيارات، مع عجز المؤسسات الدينية الرسمية على مواجهتها؛ لاستقطاب عناصره.
وفي حين استهدف مؤسس الحشاشين في تجنيده فئة البطالين والفساق؛ ووفَّر لهم الإقامة الباذخة نسبيًا والممولة من السرقة والسلب، وأسقط عنهم الفرائض، وقصَّر طريقهم إلى الجنة في طاعة الإمام وحده دون التزام بأحكام الشريعة وفرائض العبادات، وخدرهم بوعوده وبستانه النضر، فإن داعش حرص على استقطاب عناصر من تنظيم القاعدة، وآخرين من الفصائل السورية المقاتلة (لا سيما أحرار الشام وجيش الإسلام) وأتباع (التيار الجهادي) عمومًا في سائر البلدان الإسلامية، علاوة على تجنيد الشباب عبر الإنترنت خصوصًا في الدول الأوروبية.
واستهدفت كلتا الجماعتين فئات الشباب المُحبطين والباحثين عن الانتماء، مستغلتين شعورهم بالظلم والتهميش، مع تقديم تُقدم وعود كاذبة بـ "الجنة" و"الحور العين" و"الخلافة الإسلامية" لجذب الشباب المُتطلع إلى تغيير الواقع.
الشعارات المرفوعة
قام الخطاب الداخلي لأتباع الحشاشين على تحقيق الطاعة التامة والفداء والتضحية والزهد، وشعارهم ودعايتهم الزائفة إقامة الإمامة للمسلمين، في حين أعلن «داعش» صراحةً عن هدفه بـ (إقامة الخلافة الإسلامية) المزعومة و(تطبيق الشريعة الإسلامية) كشعارات خادعة، تستخدم كذريعة للتغطية على أهدافهما الحقيقية، مثل السيطرة والنفوذ والوصول إلى السلطة.
الجرائم التي قاموا بها
تُمارس كلتا الجماعتين العنف والإرهاب ضد المدنيين، مُستهدفةً زعزعة استقرار المجتمعات، حيث اختار الحشاشون أسلوب المؤامرات والتخفي والاغتيالات والعمليات الانتحارية؛ لإقامة دولتهم، وكانوا بحق الإرهابيين الأول الذين استطاعوا تطويع الإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية، وعلى الخطى ذاتها سار «داعش»، الذي شرع في تهجير بعض الأقليات غير المسلمة، وأقام الحدود الشرعية في المناطق التي خضعت له؛ مستخدمًا أداة لتصفية مخالفين لداعش في الرأي، ثم انتهى إلى تصفية كثير من العناصر المناوئة للنظام العراقي.
كما ساهم في تصفية الثورة السورية وإضعاف جميع فصائلها التي لم تحظ بتسهيلات عسكرية أو لوجيستية كتلك التي حظي بها التنظيم، الذي أفسح له المجال أيضًا للاستيلاء على مناطق إستراتيجية كآبار النفط ومصافيها.
ونفذ التنظيم عمليات اغتيال ممنهجة ضد كلِّ مَن يمثل خطرًا على الأنظمة العراقية والسورية الموالية لإيران، وقدم مبررًا لتشكيل حرس ثوري عراقي (ميليشيا الحشد) طائفي تمامًا بخلاف الجيش العراقي الذي تراجع دوره، وكذلك وصف الثورة السورية بالإرهاب، وهو ما أبقى النظامين العراقي والسوري قائمين.
العلاقات مع القوى المعاصرة
أقامت كلتا الجماعتين علاقات مشبوهة مع بعض الدول والقوى، مُستفيدةً من دعمها لتحقيق أهدافها، ففي القرن الثالث عشر الميلادي أصبح الحشاشون أنفسهم تابعين لفرسان الإسبتارية، وانضمت كتيبة من الحشاشين تحارب إلى جانب بريموند حاكم أنطاكية ضد نور الدين بن زنكي، بعد أن ألغى الأذان الشيعي في حلب عام ١١٤٨م.
في حين يُنظَر لداعش على نطاق واسع باعتباره صناعة استخباراتية، حيث نجح في إفشال كل المشاريع النهضوية في العالم العربي، وكان له علاقات مشبوهة بدول كالولايات المتحدة، والنظام العراقي، والنظام الإيراني وفرنسا، وبعض ميليشيات ليبيا؛ وعلى الرغم من أن التنظيم يبدو في ظاهره "جهادي سلفي"؛ إلا أنه في الحقيقة مارس دورًا باطنيًا لا يقل ضررًا عما أحدثه الحشاشون في وقت ما.