بعد مرور 12 سنة على نياحته، ما يزال هناك الكثير ليُكتَب عنه:
البابا شنوده صاحب قضية..
كلّما تذكرتُ البابا شنوده -ودائمَا ما أفعل- تذكرتُ أنه كانت له قضية ورسالة، عاش وحارب وتحمّل الكثير مقاتلًا لأجلها، وبذل وقته وجهده في سبيلها، شُتِم وعُيِّر وهُوجِم، بل وصل به الأمر إلى حدّالاعتقال، ولكنه أبدًا لم يتراجع ولم ينحنِ رغم اتضاعه، إذ كان يفرّق بين الحق الشخصي والحق العام. كانت قضاياه الثلاث الأشهر، هي: الإيمان، الوطن، حقوق الأقباط؛ هذه التي يجب ألّا نفرّط فيها.
كان يعرف أن العمر سينقضي يومًا مهما طال الزمن، ولكن المهم أن تكون له بصمة، وأن يترك أثرًا، وأن يضع إضافة، ومن ثَمَّ لم يُرد أن يكون رقمًا في قائمة، وهكذا لم تمضِ حياته كما تمضي حيوات كثيرين من البشر، فأصبح علامة فارقة في التاريخ القبطي الحديث.
لقد قال إبّان حياته إنه لم يستطع تحقيق كافة أمانيه، حيث كان في صدره ما لا يُحصى من الآمال والطموحات، ولكن لا الوقت أسعفه ولا الجهد، وإن كان قد قدّم أكثر من جهده، وأنجز أكثر مما كان متوقعًا، حتى وإن لم يكن هو راضيًا في النهاية عن نفسه، إذ كان يشعر بالتقصير دومًا، ولكنه ولأنه عمل قدر استطاعته وأكثر منها،فهذا يكفي أمام الله وأمام الكنيسة.
وكلما قرأتُ ما يُهاجِم به البعض البابا شنوده لا أتضايق، ولمأنقم مرّة على كاتب هجاه أو انتقده، بل حاولتُ تفهُّم ما يقول، وأخذه بموضوعية دون أن أعتبر أنه مجترئ أو متطاول أو له موقف شخصي،فلا يوجد اتفاق تام على إنسان ما، بل إن السيد المسيح نفسه لم يتفقوا عليه، لا في أيام تجسده ولا على مدار التاريخ.
نياحًا لروحه الطاهرة في فردوس النعيم، وليصلِّ لأجلنا أمام الله لنكمّل أيام غربتنا بسلام، وليقبل الله صلاتنا لأجله ويعوّضه عن تعبه وجهاده وصبره.
مكاريوس- أسقف المنيا