عادت هجمات الحوثيين العسكرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن إلى المنطقة، مما أدى إلى عودة ظاهرة القرصنة الصومالية من جديد بعد فترة توقف.
شهدت المنطقة عودة للقرصنة البحرية الصومالية مع استمرار هجمات الحوثيين العسكرية التي بدأت منذ 19 نوفمبر بشنّ هجمات مستمرة ضد السفن التجارية باستخدام الصواريخ والطائرات والزوارق المسيّرة، بهدف تعطيل التجارة الدولية وحركة الشحن.
في 12 مارس، أعلنت شركة "أمبري" البريطانية للأمن البحري عن اعتلاء 20 مسلّحًا سفينة بضائع قبالة الصومال وسيطروا عليها، وكانت السفينة تحمل علم بنغلاديش وتبحر من موزمبيق إلى الإمارات.
وفي نوفمبر الماضي، تمت محاولة احتجاز الناقلة "سنترال بارك" المحمّلة بحمض الفوسفوريك في البحر الأحمر، ولكن تمت محاصرة المهاجمين من قبل البحرية الأمريكية وتم إلقاء القبض عليهم.
تزاحمت الأحداث وتداخلت مع عمليات القرصنة الصومالية، حيث تم احتجاز سفينة "جالاكسي ليدر" وطاقمها من قبل الميليشيا الحوثية واقتيادها إلى الساحل اليمني.
بالرغم من تزايد الهجمات، إلا أن العمليات الدفاعية مستمرة بمحاولة السيطرة على القرصنة البحرية وضمان سلامة السفن والبحارة في المنطقة.
وأعلن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطاب له أن إجمالي عدد السفن المستهدفة في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن بلغ 73، مشدّدًا على أن عمليات جماعته مستمرة "طالما استمر العدوان والحصار على غزة".
وتراجعت أعمال القرصنة قبالة سواحل الصومال في السنوات الأخيرة بعد أن بلغت ذروتها في عام 2011 عندما شنّ القراصنة الصوماليون 212 هجومًا. وأصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 7 قرارات تستهدف القرصنة الصومالية بين ديسمبر 2010 ومارس 2022، ما سمح للقوات البحرية والجوية الأجنبية بدخول المياه الصومالية والقيام بدوريات فيها، وأذن بعملية "أتالانتا" للقوات البحرية للاتحاد الأوروبي، والتي تعمل في مهمة تقودها الولايات المتحدة مستخدمة القوة وجميع الوسائل اللازمة لقمع القرصنة والسطو المسلّح في البحر.
وتشير تقديرات دراسة أجراها البنك الدولي عام 2013، والتي لا يزال يستشهد بها على نطاق واسع حتى اليوم، إلى أن القرصنة تكلّف الاقتصاد العالمي حوالي 18 مليار دولار سنويًا.
ويعدّ البحر الأحمر أحد أهم الممرّات المائية على مستوى العالم، وتكمن أهميته الاستراتيجية في كونه طريق تجاري رئيسي، حيث يمرّ عبره ما يقارب 12% من التجارة البحرية العالمية، و40% من التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا.
وتختلف العمليات التي ارتبطت بالقراصنة الصوماليين في منطقتي خليج عدن والبحر الأحمر بشكل كبير عن العمليات التي ينفّذها الحوثيون من حيث الدوافع والوسائل والإمكانات، لكنها تشبهها في كونها قرصنة تهدّد هذا الممر المائي وتؤثّر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، عدا عن كونها من أسباب عسكرة البحر الأحمر.
وتصف ورقة بحثية أصدرها مركز "سوث 24" بعنوان "تاريخ القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن 1800- 2024، الدوافع والتبعات"، هجمات القراصنة الصوماليين بأنها أعمال قرصنة وسطو مسلّح على السفن المدنية الدولية المارة قرب السواحل الصومالية واختطاف لأطقمها، تنفّذها جماعات صومالية مسلّحة للحصول على الأموال، مستغلّة غياب السلطة المركزية في البلاد ومهدّدة الملاحة العالمية. وتزايدت عمليات القرصنة تلك بين العامين 2005 و2011.
وقدّر عدد المنضّمين لنشاطات القرصنة في الصومال حينها بنحو 3 آلاف شاب سنويًا، تتراوح أعمارهم بين 20- 35 سنة، وهم موزّعون على أربع مجموعات ومعظمهم من خفر السواحل السابقين، ولهم قدرات فائقة على اختطاف السفن حتى مسافة 240- 300 ميل داخل البحار، وأحيانًا 1000 ميل حسب المكتب الدولي للنقل البحري.
وفي عام 2008 قال وزير الخارجية الكيني إن القراصنة الصوماليين حصلوا على 150 مليون دولار جراء عملياتهم في عام 2007، وذلك ما شجّعهم على الاستمرار في القرصنة.
ويمكن القول إن الدافع الرئيس وراء أعمال القرصنة في الصومال هو دافع مالي بحت، إذ يمثّل هؤلاء القراصنة حسب خبراء اقتصاديين صوماليين قوة اقتصادية نظرًا لدخلهم السنوي الذي يقدّر بنحو 100 مليون دولار، وكان لهم تأثير في اقتصاد إقليم "بونتلاند" الذي لم يكن بمقدور حكومته دفع رواتب موظّفيها.
وعلى رغم أن عدد السفن التي اختطفها القراصنة الصوماليون وصل إلى نحو 149، إلا أن ذلك تم خلال أعوام. وكانت عمليات اختطاف السفن على يد قراصنة صوماليين قد ظهرت في مطلع القرن الماضي، وتضاعفت في العام 2007، وفق إحصاءات للبنك الدولي.