ساهمت منصات ومواقع التواصل الاجتماعي في انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا (الخوف غير المبرر من الإسلام) لا سيما في المجتمعات الغربية والأوروبية، وهو ما ينتج عنه إضرار بسمعة هذه المنصات، فعلى الرغم من أنها تدعي توفير بيئة آمنة لجميع المستخدمين، وامتلاك سياسات ترفض نشر خطاب الكراهية، إلا أنه من المستحيل مراجعة حجم محتوى وسائل التواصل الاجتماعي يدويًا، وبالتالي أصبح من الضروري التفكير في إيجاد بدائل تقنية تقوم بهذا الدور.
ومع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative artificial intelligence)، ونماذج تعلم الآلة (Machine learning)، التي تم تعزيزها بما يعرف بالتعلم العميق (Deep learning)، أصبح من الممكن الاستعانة بهذه الأدوات في الكشف عن خطاب الكراهية، بالاعتماد على تقنيات تحليل المحتوى (متعددة اللغات) والكشف عن الموضوعات التي يمكن تصنيفها على أنها معادية للإسلام، وذلك بعد تدريب هذه الأدوات على مجموعات كبيرة من البيانات المشروحة التي تسهل عملية الكشف عن المحتوى المطلوب حظره بدقة أكبر.
ومن خلال هذه الأدوات يتم تصنيف الأعضاء ووصفهم بالكراهية إذا كانت منشوراتهم تتضمن عبارات وألفاظ سلبية ضد المسلمين مثل وصفهم بالإرهابيين أو المتطرفين، أو الدعوة إلى منعهم من دخول البلدان أو منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية، ومهاجمة ملابسهم النسائية (الحجاب) أو التحريض ضد رموزهم الدينية لاغتيالهم أو ملاحقتهم.
ولا يتوقف الأمر عند المنشورات فحسب، وإنما يمكن تحليل التعليقات وتصنيفها، بالإضافة إلى تحليل الرموز التعبيرية أيضًا، خاصة تلك التي تحتوي على إساءة أو سخرية من المسلمين.
يقوم الذكاء الاصطناعي بتحويل النصوص (التغريدات والتعليقات) إلى ميزات مفهومة بواسطة خوارزميات التعلم الآلي، التي يستخدمها في بناء نموذج التنبؤ الذكي، الذي يعد أحد نماذج التعلم العميق.
ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على تحليل المحتوى المنشور عبر الإنترنت فحسب، وإنما يمكن من خلاله تطوير تطبيقات ونماذج الرد الآلي على مروجي الإسلاموفوبيا، والدردشة الآلية (Automated chatbot) معهم، بحيث يتم تغذية هذه النماذج بردود ذكية وموثقة لتصحيح المعلومات الخاطئة وتعزيز الفهم الصحيح للإسلام.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بدور تثقيفي وتوعوي من خلال تطوير واستحداث منصات وتطبيقات تقدم معلومات دقيقة وموثقة عن الإسلام والثقافة الإسلامية، وتصحح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالدين الإسلامي، وتصميم حملات على نطاق واسع حول الإسلاموفوبيا وآثارها السلبية على المجتمعات. بحيث تشمل هذه الحملات العروض التقديمية التفاعلية والفيديوهات والمواد التثقيفية المتنوعة، مما يساعد في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتقليل الجهل، والحد من التحيز والكراهية.
ربما واجه الذكاء الاصطناعي عددًا من التحديات في الكشف عن المنشورات المروجة لكراهية الإسلامية، لا سيما تلك التي تتعلق بلغة التغريدات والمنشورات، مثلما يحدث في اللغة العربية العامية، بسبب احتوائها العديد من الأخطاء النحوية والإملائية، كما أنه في بعض البلدان العربية هناك كلمات تعتبر كراهية، بينما في بلدان عربية أخرى هي لا تعتبر كذلك، مما يجعل النتائج المترتبة على تحليل المحتوى العربي غير دقيقة بالشكل الكافي، في مقابل نسب أعلى بكثير من الدقة في تحليل المحتوى المكتوب بلغات أخرى، خاصة اللغة الإنجليزية.
أقرت الأمم المتحدة اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام، في الخامس عشر من مارس من كل عام، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على التحيز والعداء ضد المسلمين والترويج للتسامح والسلام في المجتمعات العالمية، ورفع الوعي حول خطورة هذه الظاهرة وتبعاتها السلبية على المجتمعات المتأثرة بها. ويشمل جهود المكافحة تعزيز التسامح والتفاهم بين الثقافات، وتشجيع التعايش السلمي واحترام حقوق الإنسان للجميع بغض النظر عن انتمائهم الديني.