وسط زحمة عروس البحر المتوسط وضجيجها، يقف شارع النبي دانيال شامخًا، شاهدًا على تاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، فمنذ نشأة الإسكندرية على يد الإسكندر الأكبر، كان هذا الشارع شريانًا رئيسيًا يربط بين مختلف أجزاء المدينة، ويتجلى التنوع الثقافي والحضاري للإسكندرية في شارع النبي دانيال بشكل جليّ، فمن كنيسة مار مرقس، أقدم كنيسة في أفريقيا، إلى معبد إلياهو النبي، ومسجد النبي دانيال، يزخر الشارع بالمعالم الدينية التي تُجسد التعايش السلمي بين الأديان، كما يضم الشارع العديد من المباني التاريخية العريقة، مثل قصر المنتزه وقصر فريال، والتي تُذكرنا بمجد الإسكندرية في الماضي.
ولا يقتصر سحر شارع النبي دانيال على معالمه التاريخية فقط، بل هو أيضًا مركز ثقافي نابض بالحياة، فمن المكتبات العريقة، مثل مكتبة سان ستيفانو و"مكتبة مصر الجديدة"، إلى المقاهي الأدبية، ويُشكل الشارع ملتقى للثقافيين والفنانين من مختلف الأجيال.
ويُعرف شارع النبي دانيال أيضًا بسوقه الشهير للكتب المستعملة، فهنا يمكن للمرء أن يجد كنوزًا أدبية نادرة من مختلف العصور والثقافات، وهذا ما يجعله وجهة مميزة لمحبي القراءة والبحث عن المعرفة، ومع مرور الزمن، وبعد عملية التطوير والتجديد تحرص “البوابة نيوز” على اصطحابكم في جولة داخل شارع النبي دانيال بالإسكندرية.
استعاد شارع النبي دانيال بمحافظة الإسكندرية، لرونقة من جديد بعد أن خضع إلى أعمال تطوير خلال الفترة الماضية، حيث يعد الشارع من أهم وأبرز معالم المحافظة، لكونه يجمع بين الثلاث أديان، حيث أنه يضم الكنيسة المرقسية وهي أقدم كنيسة في أفريقيا من القرن الأول الميلادي، ومعبد إلياهو هنابي وهو أقدم المعابد اليهودية التي شُيدت في الإسكندرية، ومسجد النبي دانيال الذي شيد في القرن الثامن عشر.
وتأتي أعمال التطوير المرحلة الأولى من بداية من شارع الشهداء مع ميدان محطة مصر حتى شارع فؤاد بطول 300 متر، من خلال إعادة ترميم ودهان الواجهات الخاصة ب 16 عمارة مع مراعاة المباني التراثية، والعمل بأنظمة إضاءة للواجهات.
وتتضمن الأعمال ايضًا نموذج موحد لكافة المحالّ الموجودة بالشارع مع مراعاة توحيد اللافتات الإعلانية تزامنًا مع استخدام خط الإسكندرية بالإضافة إلى دهان وعمل واجهات (جى ار سى) لأسوار إدارة الإشارة والمعهد الديني والمركز الثقافي الفرنسي مع إعادة تأهيل ودهان المنطقة الأثرية (الصهريج).
ومن جانبه أكد اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية إعادة تأهيل ودهان مسجد سيدي عبد الرازق وبوابة مسجد النبي دانيال، بجانب الإلتزام بوجود سوق للكتب بما يتناسب مع الهوية البصرية للمكان وتغيير الأرصفة وتشطيبات الأرضية ليتحول الشارع إلى ممشى تراثي مع مراعاة الإضاءات الجانبية للشارع بأعمدة إضاءة ديكورية وإضاءات على العمائر لإبراز الزخارف المعمارية وذلك بعد رفع كفاءة البنية التحتية للشارع بجميع المرافق.
وأضاف محافظ الإسكندرية أن تكلفة أعمال تطوير ورفع كفاءة شارع النبي دانيال بصفته أقدم شوارع الإسكندرية تبلغ 103 مليون جنيه.
وقال "الشريف" أن شارع النبي دانيال هو مجمع للأديان السماوية الثلاثة، حيث يضم الكنيسة المرقسية وهي أقدم كنيسة في أفريقيا، ومعبد إلياهو وهو أقدم المعابد اليهودية التي شُيدت في الإسكندرية، ومسجد النبي دانيال، مما يخلق حالة فريدة من تجمع الأديان في أنحاء العالم وتجسيد مصري حقيقي لمقولة "إن الدين لله والوطن للجميع".
وأشار إلى أن الغرض من أعمال التطوير هو ترميم ودهان جميع المباني الموجودة في الشارع مع الالتزام بكود اللون الأصلي للمباني التراثية وترميم ما هو بحاجة إلى ترميم للحفاظ عليها حيث يوجد نحو 15 مبني تراثي بالشارع.
ولفت المحافظ إلى وجود تكامل بين تطوير شارع النبي دانيال وأعمال التطوير التي جرت في ميدان محطة مصر والمتحف اليوناني الروماني وذلك لإعادة إحياء المناطق والشوارع والميادين التراثية والتاريخية ووضعها على خريطة السياحة العالمية.
وانتهت الجهات المسؤولة عن تطوير شارع النبي دانيال من إعادة تأهيل ودهان المنطقة الأثرية "الصهريج" ومسجد سيدي عبد الرازق وبوابة مسجد النبي دانيال مع مراعاة إقامة سوق للكتب بما يتناسب مع الهوية البصرية للمكان وتغيير الأرصفة وتشطيبات الأرضية ليتحول الشارع إلى ممشى تراثي.
كما يتضمن المشروع مراعاة الإضاءات الجانبية للشارع بأعمدة إضاءة ديكورية وإضاءات على العمائر لإبراز الزخارف المعمارية، وذلك بعد رفع كفاءة البنية التحتية للشارع بجميع المرافق.
والجدير بالذكر، أن شارع النبي دانيال هو واحد من أقدم وأعرق الشوارع المميزة في عروس البحر الأبيض المتوسط الإسكندرية، والذي لا يعرفه الكثير أن الشارع يعود تاريخه إلى عام 331 قبل الميلاد، حيث أمر الإسكندر الأكبر مهندس إغريقي دينوقراطيس ببناء مدينة الإسكندرية، لتكون عاصمة جديدة داخل مصر لإحياء إمبراطوريته وبدأ في بناء موقع ممتاز يجعلها أساس للعصر جديد وكان شارع النبي دانيال هو جزء من الشارع الرئيسي الطولي للمدينة وقت إنشائها.
ويتمتع الشارع العريق بطابع ثقافي لثراءه بالعديد من المباني التراثية من القرن التاسع عشر به، وكذلك منشآت تاريخية مميزة مثل مبنى جريدة الأهرام التاريخي ومبنى المركز الثقافي الفرنسي، فضلا عن أكشاك الكتب والصحف الممتدة على جانبي الشارع وشكلت دورا هاما في تكوين الثقافة المصرية خاصة لأبناء المدينة الساحلية خلال السنوات الماضية.
شخصيات مشهورة عاشت في شارع النبي دانيال بالإسكندرية:
1. كليوباترا:
عاشت كليوباترا، ملكة مصر القديمة، في قصرها الشهير على ساحل البحر المتوسط، الذي يُعتقد أنه كان يقع في شارع النبي دانيال الحالي.
2. الإسكندر الأكبر:
يُعتقد أن الإسكندر الأكبر، مؤسس الإسكندرية، قد عاش في القصر الملكي الذي بُني على أنقاض مدينة راكوتيس القديمة، والتي تقع في شارع النبي دانيال.
3. أفلاطون:
زار الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون الإسكندرية في القرن الرابع قبل الميلاد، ويُعتقد أنه أقام في شارع النبي دانيال خلال هذه الزيارة.
4. القديس مرقس:
يُعتقد أن القديس مرقس، كاتب إنجيل مرقس، قد عاش في شارع النبي دانيال خلال رحلته التبشيرية في مصر.
5. سعد زغلول:
عاش الزعيم الوطني المصري سعد زغلول في شارع النبي دانيال خلال فترة نضاله ضد الاحتلال البريطاني.
6. نجيب محفوظ:
عاش الكاتب المصري الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ في شارع النبي دانيال خلال فترة طفولته.
7. أم كلثوم:
عاشت المطربة الشهيرة أم كلثوم في شارع النبي دانيال خلال فترة حياتها الفنية.
8. أحمد شوقي:
عاش أمير الشعراء أحمد شوقي في شارع النبي دانيال خلال فترة حياته الأدبية.
9. عباس العقاد:
عاش الكاتب والناقد المصري عباس العقاد في شارع النبي دانيال خلال فترة حياته الأدبية.
10. توفيق الحكيم:
عاش الكاتب المصري توفيق الحكيم في شارع النبي دانيال خلال فترة حياته الأدبية.