الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أسطوات المهنة || الحلاق «زي المزين يضحك على الأقرع بطقطقة المقص»

اسطوات المهة الحلاق
اسطوات المهة الحلاق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الكتبة والمادحون وشيوخ الطوائف والبنائون والنحاسون، وغيرهم الكثير من المهن التي اشتهرت في مصر خلال العصرين العثماني والفاطمي والذي سجلت الجدران والمساجد إبداعاتهم التي ظلت راسخة ومنقوشة عبر مئات السنين، وتأخذكم "البوابة نيوز" في رحلة طوال شهر رمضان المبارك وحديث حول تلك المهن وشيوخها وأسطواتها التي اشتهرت في مصر والعالم العربي، والتي لا يزال الكثير منها موجودا حتى عصرنا الحالي ومنها ما اندثرت وأصبحت تراثا تشهد به جدران المساجد والقصور. 

وعلى مدار الشهر الكريم نقدم لكم حرفة من الحرف التي اشتهرت في تلك الفترة واقفين أمام إبداعات فنانيها وقوانيها التي كانت تتوارث جيل بعد جيل، وحكايات المعلم والصبي والأسطى الذي كان يعتبر رب المهنة.

قال المثل «زي المزين يضحك على الأقرع بطقطقة المقص»، وكمان قالو زمان "الحلاق أكل وداني" وهذان المثلان يدلنا على قوة وجود طائفة الحلاقة أو المزينين في الثقافة الشعبية، فقد عرف الحلاق منذ الحضارة المصرية القديمة، فبرزت صورته على جدران المعابد، وعثر الأثريون على الكثير من اللقى الأثرية ووجود أدوات الحلاقة والنظافة بجانب المتوفى. 

وكانت تمتاز طائفة الحلاقين والمزيم بالحذق والرشاقة والثرثرة أيضًا في بعض الأحيان، وكانت الطرق التي كان يمارسونها في مهنتهم غريبة بعض الشيء على غير وقتنا الراهن، فقد كانت أساليب الحلاقين مطابقة في أغلب الدول والمناطق، وكان الحلاق قديمًا إما أن يكون لديه "حانوت" والمقصود به المحل أو الدكان الصغير بأحد الأحياء، أو أن يكون حلاق متجول بشنطة جلد تحتوى على عدة الحلاق وهي الأمواس والمرايا والمقص، وفي الدكان أو الحانوت يوجد كرسي خشبي يجلس عليه "الزبون" ينتظر "المعلم" صاحب الحانوت، وكان قديما يقدم فنجان قهوة له، حتى يأتي دوره في الحلاقة. 

طائفة تميزت بالحذق والرشاقة والثرثرة أيضًا في بعض الأحيان

وبعد أن يجلس الزبون ويقوم الحلاق بغسل شعره وتنشيفه، يقوم الحلاق بترطيب لحية الزبون بالماء ترطيبًا جيدًا حتى يستعد لحلاقة الذهن وتهذيب الشنب، حيث يتناول الموس المصنوع من النصل، ويقوم برده وسنه على الجلد المعلق في الحائط، إذا كان الزبون جالسا على الكرسي أما إذا كان الدكان أو الحانوت بدون كرسي فيأخذ الحلاق الزبون ويركن رأسه على ركبته بعد تغطيتها بمنديل ويبدأ في قص وإزالة شعر اللحية ويكون اتجاه الموس من أعلى الخد إلى الأسفل، فقد كان الحلاقون يستعينون في سن الموس بحجر المسن وقطعة من الجلد، بحيث تصبح صالحة للاستعمال، ثم ينتقل الحلاق إلى الخد الأيمن ويقوم بتكرار نفس العملية، ثم يعقب ذلك تسوية شعر اللحية والشارب ويزيل ما يعثر عليه من الشعر، كما يقوم الحلاق بتسوية الحاجبين أيضًا، كما يقوم بتنظيف الشعر الموجود بداخل الأنف، والشعر حول الأذن إذا وجد. 

واشتهرت مهنة الحلاقة بالثرثرة ولهذا كان يخرج الزبون بعد أن يكمل نظافته وحلاقة شعره، ويكاد يميل رأسه من الصداع الناتج عن الثرثرة وربما في بعض الأحيان يقوم الزبون بفتح الحديث والثرثرة في كل ما يتعلق من أمور الحياة، وبعد أن ينتهي الزبون يقوم صبي الحلاق بجلب المرآة للزبون لكي يرى نفسه، ثم يتهيأ للخروج من الحانوت. 

كما أن الحلاق عُرف أيضًا بقدرته على المداواة وكان الكثير منهم يزاول مهنة الطب، ومنهم من كانوا يحملون الوصفات الطبية التي تساعد على الشفاء أو حتى الوصفات التي تزيد من الفحولة للرجال، وكان الحلاق أيضًا يشتهر بختان الأطفال، وكان يقوم ببعض العمليات الجراحية الصغيرة، وقديمًا كان لا يمكن للحلاق أو المزين أن يفتح دكانه أو يقوم بمزاولة المهنة إلا بعد أن يأتي شيخ الطائفة ويسمح له بمزاولة المهنة، ويأخذ ترخيص منه بذلك، ويكون مُبين في الترخيص الصنعة المأذون بها أو المصرح بها وأنواع الجراحات الصغيرة التي يقوم بها المزين وكان يدفع الحلاق مبلغا للحصول على تلك الرخصة. 

وقد عمل بعض الحلاقين لدي الحكومة وفي بعض المصالح، فقد تم تعيين حلاق في إحدى المدارس، وكان عمله مُخصص لنظافة التلاميذ، وكان الحلاق يأخذ أجرا عن ذلك.