قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، اليوم الثلاثاء، إنَّ النبي ﷺ بشرنا بأن من أدرك رمضان غُفر له، فقال في الحديث الصحيح ﷺ: (رمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، والعمرة إلى العمرة، والحج إلى الحج، مكفرات لما بينهن إذا ما اجتبت الكبائر)، ورمضان شهر القرآن .
وأضاف داود خلال حديثه بدرس التراويح بالجامع الأزهر في الليلة الثالثة من شهر رمضان: الله -عز وجل- حينما أراد أن يذكر رمضان في القرآن خصه من بين الشهور، مؤكدا أنه ليس هناك شهر في القرآن ذكر باسمه إلا هذا الشهر، : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾، وعرَّفه من بين الشهور بهذا التعريف الجامع، فجملة ﴿الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ لأنه أشهر فضائله، وأكرم فضائله، وأنبل مناقبه، كما تقول في التعريف بالإنسان، جوهر الصقلي الذي بني الجامع الأزهر، أو عمرو بن العاص الذي فتح مصر، فالتعريف بكلمة «الذي» يعني أنه اشتهر بذلك.
وأوضح أنَّ شهر رمضان شهرته وتعريفه والفضل الأكبر فيه أنه أنزل فيه القرآن، وبالنظر إلى كلمة «القرآن» نجد أن صياغتها على هذه الصيغة صياغة عجيبة جدا، يعني القرآن من القراءة والقراءة الكثيرة جدا، مشددا على ان هذه الصيغة تعني المبالغة في القراءة وكثرة القراءة والدوام على القراءة، كما تقول ملآن ظمآن عطشان، يعني المبالغة في الصفة، وهذا ليبالغ العباد في كثرة مدارسته وقراءته، فهذه هي سنة النبي ﷺ .
وطالب داود كل مسلم بأن يجعل له ختمة في قراءة القرآن، وختمة في التدبر، فإن ختمة التدبر قد تستغرق العمر كله، وهي مطلوبة لأن الله -سبحانه وتعالى- قال: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.
وأكد رئيس جامعة الأزهر أن تدبر القرآن هو الذي يفتح مغاليق القلوب، ولذلك الإمام الطبري رحمه الله- له في مقدمته كلمة نفيسة ، يقول فيها: «عجبت لمن يقرأ القرآن، ولا يعلم تأويله، كيف يلتذ بقراءته»، والقرآن معطاء وعطاؤه لا ينقطع، قال سهل بن عبيد الله -رحمة الله عليه-: «لو أُعطي العبدُ بكلّ حرفٍ من القرآن ألف فهم، لما بلغ نهاية ما جعل الله تعالى في آية من كتاب الله تعالى من الفهم، لأنّه كلام الله وكلامه صفته، وكما أنّه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه، وإنّما يفهمون على مقدار ما يفتح الله تعالى على قلوب أوليائه من فهم كلامه».
واشاؤ الى أن التدبر هو النعمة الكبرى التي يُرزقها العبد إذا سمع القرآن الكريم وإذا قرأه، والله قال: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾، ولم يقل أفلا يتلون؛ فالتدبر هو النعمة العظمى والعطاء الأكبر الذي لا ينتهي أمده، ولا ينتهي مداده.