توقفت فى المقال السابق عندما سأل "آينشتين" عالم الطبيعيات الأكبر وصاحب نظرية النسبية الأستاذ "هيكل" بقوله هل أنت جاهز للمشى وكان الرد السريع هو انه جاهز وقد قبل كل شروطه من أجل مقابلة أعظم الاحياء في القرن العشرين فرد عليه بحياء:
-انتم تعطونني اكثر مما أستحق...
وسأله الكاتب دعني أولا أسألك في موضوع شخصي وهو: أنا لا أعرف كيف أَوْجُه الخطاب إليك فهل أستطيع أن أستعمل لقب "بروفيسور" فقد كنت حائرًا فى هذا الموضوع وأنا أضغط زر الجرس على باب بيتك وكنت أَفَاضِل بين مناداتك بالدكتور" آينشتين" أوالمستر" آينشتين" لكن شقيقتك التي فتحت لي الباب قدمت لي على الفور ما أتصور انه حل موفق واشارت إلَيك بلقب "البروفيسور" هل أستطيع أن أستعمله أنا أيضا... وكان رده: لا بأس...
وذكر الكاتب بِأَنَّهُ طرح معه أسئلة تدور حول عدة قضايا منها نظرياته ومنها حياته والقنبلة الذرية وسلام العالم في ظلها وقال إنها كانت رؤوس قضايا وكان يريد أن يسمع رأيه فيها...
وعلق "آينشتين" بقوله هذه قضايا كثيره بعضها متشابك وأضاف بأن الحقيقه كل القضايا متشابهة... فالأصل فيها واحد وهو الطبيعة والإنسان... فمثلا سؤالك عن تفاصيل اكتشاف نظريه النسبية وأريد أن تعرف انه ليس هناك إنسان في الدنيا يجلس إلى مكتبه أو في معمله وفي قصده أن يكتشف نظرية...مثل ذلك لا يحدث...لذا فانا أوافق على قول الفيلسوف وعالم الرياضيات البريطاني الكبير "برتراند راسل" بأن اكتشاف أي نظرية في أي جانب من الجوانب مُعَلَّق بمعادلة رياضية صاغها على النحو التالي:
إرادة إِنْسَانِيَّة+خيال طليق+علم عميق بموضوع البحث، ثم انتظار لحظة الهام تعطيك تصوّرًا مترابطا تطرحه للاختبار...ذلك ما يحدث...
مشكلتنا الآن هى نفس المشكلة القديمة: أن قوة الانسان سبقت يقظة ضميره... وأن نمو عضلاته جاء قبل نمو تفكيره...
وقال الكاتب أن "آينشتين" توقف اثناء المشى ليلتقط قرنًا جافًّا سقط على الأرض من فرع شجرة وكسر طرفا منه وتساقطت بعض البذور فى راحه يده،ثم قال: أنت لا تعرف اية حياة بديعة يمكن ان تنبثق من هذه البذور عندما تحتضنها تربة الأرض...!؟
وقال: كثيرون يتهموني بِأَنَّنِي شاعر خيالي وحالم...لا...
أنتم فقط تأخذون الطبيعة قضية مسلما بها... بانها موجودة... مجرد وجود...و تنسون أنها حَيَّةٌ تحكمها نفس القوانين التي تحكمنا... لها روح ولها عقل...
ثم أشار إلى طائر كان يُحَلِّقُ امامهما بقوله: هل تتخيل أن هذا الطائر يعرف عن الجغرافيا أكثر مما نعرف... يطير مئات الأميال ثم يعود إلى بيته... ويهاجر في الربيع والخريف ثم يعود من حيث أَتَى... لا يفقد اتجاهه أبدا... أما نحن فقد فقدنا الأتجاه لأن الفرد أسلم نفسه لفكرة الدولة وكأن الدولة هي التي صنعت الانسان وليس الانسان هو الذي صنع فكرة الدولة...!
هذا ليس كلام مثالى وليس خيالا، وعلى أي حال فاذا كان كذلك قبل اختراع القنبلة الذرية فإنه الآن بعد وجودها لم يعد يصح أن يكون مجالا لخلاف!.
وقال الكاتب انه بعد أن مر عام أو أكثر على لقاء عالم الطبيعيات الأكبر "آينشتين" جاء "البانديت جواهر لال نهرو" فى زيارة للقاهرة لأول مرة وحضر الغداء مع الرئيس " جمال عبد الناصر على مائدة "نهرو" فى المأدبة وقال انه فوجئ بالرئيس يقول عنه:
- هذا هو الرجل الذى قابل آينشتين.
وقد تحدث فى كتابه الشيق" زيارة جديدة للتاريخ " عن زيارة "نهرو" فى مكتبه بمقر الحكم الرسمى بعاصمة الهند...
الأسبوع المقبل باذن الله أحدثك عن هذه الزيارة.