قال الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، إنّ رمضان هو الشهر الوحيد الذي ذُكر باسمه صريحًا في القرآن الكريم، كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]؛ فصار أفضل الشهور، ولقد حظي بمنزلة عظيمة دون غيره من الشهور، وفضَّل اللَّه العمل الصالح فيه عن غيره، كما ورد في حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه، قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]، والمراد: من صام رمضان تصديقًا بالأمر به، عالمًا بوجوبه، خائفًا من عقاب تركه، مؤمنًا باللَّه ومحتسبًا الأجر والثواب في صومه من اللَّه فإنَّ المرجو أن يغفر له ما تقدم من ذنوبه.
وتابع «عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّ شهر رمضان شهر فرصة عظيمة لترقيق القلوب، لأن الصائم يصوم في نهار رمضان عن الطعام والشراب، وفي الليل تصوم جوارحه عن الحرام طاعة لله وابتغاء للأجر واجتناب نواهيه، وبذلك تنزع الشهوة من النفوس، وتجعل القلوب هينة لينة.
وأضاف الواعظ بالأزهر الشريف، أنّ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان يُبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان ويحثّهم على الاعتناء به؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: لما حضر رمضان قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «أتاكم شهر رمضان، شهرٌ مبارك، فرض اللَّه عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردة الشياطين، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرم خيرها فقد حُرم» [رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني]، وقال بعض العلماء: هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان؛ فكيف لا يُبشَّر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟!! وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟!! وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟!!
وأكد الدكتور صفوت عمارة، أنَّ المسلم يحتاجُ إلى تهيئة نفسية وبدنية حتى يدخل شهر رمضان وهو في أعلى درجات الجاهزية للصيام والقيام؛ فعليه أن يجدد العهد مع اللَّه تعالى بتوبه صادقة، ويتأكد أمر التوبة في مثل هذه الأزمنة الفاضلة لشرفها وعظم أجر الأعمال الصالحة فيها؛ لأن الذنوب والمعاصي من أعظم أسباب حرمان العبد من الخير والإقبال على اللَّه تعالي؛ فقد جاء رجل الى الحسن البصري رحمه اللَّه، وقال يا أبا سعيد إني احضر طهوري وأستعد لقيام الليل فلا أستطيع فما السبب ؟ قال "قيدتك ذنوبك".
وذكر «عمارة»، أنَّ السلف كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أخرى أن يتقبل منهم، وكان من دعائهم: اللهم سلمنا إلى رمضان وسلم لنا رمضان، وتسلمه منا متقبلًا؛ فقد سُئل ابن مسعودٍ: كيف كنتم تستقبلونَ شهرَ رمضانَ؟ فقالَ: ما كان أحدنا يجرؤ أنْ يستقبل الهلال وفي قلبه مثقالُ ذرة حقدٍ على أخيه المسلم؛ فاللهم بلغنا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، وارزقنا الإخلاص والقبول.