في أجواء فنية مبهجة، واحتفاء يسوده دفء المحبة والمشاعر الإنسانية النبيلة، شارك نجوم الفن في احتفال وتكريم أحد رواد المسرح العربي والفن المصري الأصيل الفنان الراحل محمود عزمي فارس الزمن الجميل، والذي نظمه المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، برئاسة الفنان إيهاب فهمي الأربعاء الماضي على خشبة المسرح القومي الذي أفني عمره في خدمتها.
وقد شاركه الاحتفاء الفنانون: سميحة أيوب، وسميرة عبدالعزيز، ومديحة حمدي، ومحمود حميدة، ومحسن منصور، وعزة لبيب، وأيمن الشيوي، ودينا عبدالله، وشريف خيرالله، والكاتب محمد سلماوي، وآخرون.
تضمنت الاحتفالية عرض فيلم تسجيلي بعنوان "محمود عزمي.. فارس الزمن الجميل" من إنتاج المركز، تعليق صوتي الفنانة سميرة عبدالعزيز، مادة علمية وسيناريو د. عمرو دوارة، وإخراج أحمد عادل، تناول خلالها السيرة الذاتية والفنية له.
كما تغنى المطرب أحمد محسن بمصاحبة التخت الشرقي، بباقة من أغاني زمن الفن الجميل، وفي ختام الحفل كرم رئيس المركز اسم الفنان واهداء نجله الدكتور هشام عزمي درع تذكاري وشهادة تقدير عرفانًا وتقديرًا لهذه القيمة الفنية والإبداعية الكبيرة.
في صبيحة عيد ميلاده الحادي عشر توقع الطفل أن تكون هدية الأب له دراجة أو ساعة يد، لكنه فوجئ بوالده يصطحبه إلى منطقة الفجالة، ليقفا أمام واجهة مكتبة باسم "دار مصر".
كانت المكتبة تنفرد بنشر أعمال الروائي الكبير نجيب محفوظ، حينها اشترى الأب لطفله مجموعة الروايات التاريخية التي كتبها أديب نوبل عن مصر القديمة "عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة".
كانت هي هدية عيد الميلاد للطفل الذي سيصبح فيما بعد الدكتور هشام عزمي، أستاذ المكتبات والمعلومات بكلية الآداب جامعة القاهرة، الأمين العام الحالي للمجلس الأعلى للثقافة.
وكان الأب الذي اختار المجموعة التاريخية لأديب نوبل، بهدف غرس قيم الانتماء والمواطنة، هو الفنان القدير محمود عزمي، الذي ولد في الأول من يوليو 1925، بمدينة المنصورة في محافظة الدقهلية، فهو الابن البكر لأسرة مكونة من سبعة أشقاء منهم ثلاثة أولاد وأربعة فتيات، بجانب الأب والأم.
انتقل مع العائلة إلى محافظة بني سويف، وانتهى به المطاف في قاهرة المعز؛ التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة - قسم اللغة الإنجليزية، ثم تخرج في معهد الفنون المسرحية، دفعته الأولى عام 1949، في عهد الفنان زكي طليمات، وكان من بين زملاء الدفعة الأولى كلا من: الفنان شكري سرحان، والفنان عدلي كاسب، والفنانة نعيمة وصفي، وغيرهم.
أجاد "عزمي" اللغة الإنجليزية، والفرنسية بطلاقة، وكان دائم التردد على المركز الأمريكي، وأيضا الفرنسي، حتى رشحه المركز الأمريكي إلى بعثة خارجية بعد معرفتهم أنه متخصص في المسرح، وبدأ في تجهيز كافة إجراءات السفر إلا أن وفاة جده اضطرته لتأجيل السفر والبقاء بجانب الأسرة.
الخديوية والإبراهيمية يشهدان على مرحلة الإبداع الفنى
انطلقت بدايته الفنية مع فريق التمثيل بالمدرسة الخديوية في المنيرة، وأيضا مدرسة الإبراهيمية الثانوية، وكانت هذه الفرق لها ثقلها في ذلك الوقت، حتى نمت هذه الموهبة بالدراسة والمشاركة في العديد من الأعمال الفنية سواء في السينما، والمسرح، والتلفزيون، والإذاعة.
شغل "عزمي" العديد من المناصب، حيث عين مديرا للمسرح الحديث في الفترة من 1975 حتى 1979، ثم مديرا لمسرح الجمهورية قبل أن يصبح تابعا للأوبرا الجديدة، ورئيس لجنة تحكيم المسرح لمهرجان الجمهورية للشركات بالإسكندرية لمدة 15 عاما.
عُرف بالجدية في حياته، والدقة والالتزام بالمواعيد، وأصبح مثلا للنبل والاحترام، أحب الفن بصدق واعتز بموهبته، وحرص على انتقاء أدواره بعناية، حيث برع في أداء دور ضابط الشرطة، ورئيس ووكيل النيابة، والمحقق البارع في الجرائم المتنوعة.
من أبرز أعماله السينمائية الذي تميز بها: "نادية"، و"آثار في الرمال"، و"الأخ الكبير"، و"شاطىء الأسرار"، و"بين السماء والأرض"، و"على ضفاف النيل"، و"هارب من الأيام"، و"مطاردة غرامية"، و"عودة أخطر رجل في العالم"، و"جريمة لم تكتمل"، و"المنحرفون"، و"الفريسة" وغيرها من الأفلام؛ أما في الدراما قدم العديد من المسلسلات من بينها: "الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين"، والجزء الرابع من مسلسل"محمد رسول الله"، و"ملحمة الحب والرحيل"، و"الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان"، و"هارون الرشيد"، وغيرها.
تزوج "عزمي" من الفنانة عايدة كامل، وأنجب منها ابنه الوحيد الدكتور هشام عزمي، الأمين العام الحالي للمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس دار الكتب والوثائق القومية الأسبق.
صداقة تكتمل بزواج الأبناء
عاش الفنان محمود عزمي في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، وكانت تربطه علاقة صداقة واحترام وطيدة بجيرانه، حيث عائلة الفنانة القديرة فاتن حمامه ابنة مدينة المنصورة أيضا، صاروا رفقاء رحلة فنية وعمرية مليئة بالذكريات الطيبة والإبداع، وتشاء الأقدار أن يلعب نجله "هشام" دورا محوريًا في استعادة تلك العلاقة عندما طلب من والده أن يتزوج إحدى زميلاته بالجامعة، ليكتشف أنها ابنة أخو الفنانة فاتن حمامة، الجارة القديمة، لتتواصل الصداقة بمزيد من العلاقات الأسرية.
البداية الإذاعية
برع "عزمي" في الأداء الإذاعي من خلال العديد من المسلسلات الإذاعية التي تخطت المائة عمل، ويتربع على عرشها المسلسل الشهير "عيلة مرزوق أفندي" الذي قدم في 1959م، ويعد أطول مسلسل إذاعي في تاريخ الإذاعة المصرية.
"هنا القاهرة.. إلى ربات البيوت.. سيداتي آنساني.. صباح الخير" بهذه الكلمات التي اعتادت الإعلامية صفية المهندس افتتاح برنامجها اليومي "ربات البيوت"، ذلك البرنامج الذي يتابعه ملايين السيدات والفتيات المصرية بشكل يومي منتظم على امتداد سنوات عدة.
حيث تناول هذا المسلسل مجموعة من الحلقات المنفصلة، التي تناقش في كل حلقة منفصلة مشكلة من مشكلات المجتمع المصري المختلفة مثل الإدمان، الهجرة غير الشرعية، وغيرها من المشكلات الأسرية المختلفة.
وقد تهدف هذه الحلقات إلى تقديم الإرشادات والحلول المتنوعة لمشكلات المجتمع وتعليم المواطنين والأزواج داخل الأسرة حقوقهم وواجباتهم، والعمل من تأليف فتحي عبدالله، وإخراج نشوى عبدالمنعم.
كما شارك "عزمي" في العديد من المسلسلات الإذاعية منها: "شخصيات تبحث عن مؤلف، والجريمة المزدوجة، وأغرب القضايا، والأبالسة، والجذور، والخطة رقم 13، وهارب من الأيام، والعمر لحظة، والليلة الأخيرة، والمليونير الفقير، وعروسة من باريس" وغيرها.
غضب في "الإذاعة" بعد إلغاء "عيلة مرزوق أفندي"
عقب تعيين الإعلامية انتصار شلبي، رئيسا للإذاعة المصرية بشهرين، أصدرت قرارا بإلغاء البرنامج الإذاعي الشهير "إلى ربات البيوت" بكل فقراته بما فيها المسلسل الشهير "عيلة مرزوق أفندي" وهي الخطوة التي وصفها العاملون بماسبيرو بالجريئة، وذلك نظرا للشهرة التي يتمتع بها هذا البرنامج بين مستمتعي الإذاعة طوال الـ50 عاما الماضية في ذلك الوقت، منذ أن أسسته الإعلامية صفية المهندس، وجمع فيه مجمع فنانين مصر.
وفي العدد الصادر عن جريدة "المصري اليوم" بتاريخ 10 أغسطس 2009، تحت عنوان غضب في "الإذاعة" بسبب إلغاء "عيلة مرزوق" قال الفنان محمود عزمي، أحد أبطال هذا المسلسل الأساسيين: إن كل مسئول حر في قراراته ما دامت في حدود عمله، ولكن "عيلة مرزوق" ملك جميع الأمهات في مصر، وكل عام تجري عملية استفتاء على هذا البرنامج، ويحصل برنامج "ربات البيوت" على أفضل برنامج إذاعي، مؤكدا أن البرنامج ليس في حاجة إلى التجديد، لأنه يجدد نفسه يوميا بقضاياه الجديدة التي يتناولها، فهو برنامج شامل.
بينما تسائلت الفنانة عايدة كامل، إحدى بطلات العمل: كيف يمكن إلغاء هذا البرنامج؟ الذي ارتبط بتاريخ الإذاعة طوال خمسين عاما، وما زالت ربات البيوت تنتظره يوميا في التاسعة والربع صباحا لمتابعة حلقاته، مؤكدة أن شهرته امتدت لكل الدول العربية، فهو يتطور مع الزمن، فنحن نناقش كل يوم قضية مختلفة ومشكلة تعاني منها الأسرة المصرية.
"سكة السلامة"
إحدى روائع "عزمي" المسرحية التي تميز بها، وبرع في أدائها، فهو موهبة تحب الفن بصدق ويحرص على انتقاء أدواره بعناية، وقدمتها فرقة المسرح القومي في 1964، ومسرح التلفزيون المصري.
شارك في بطولة العمل كل من: سميحة أيوب، وتوفيق الدقن، وشفيق نورالدين، وعبدالمنعم إبراهيم، وفؤاد شفيق، ومحمد السبع، وأحمد الجزيري، وكمال حسين، ورجاء حسين، وملك الجمل، ومحمود عزمي في شخصية الأسطى "عويس" سائق سيارة الفنطاس، وحسن البارودي، وعبدالسلام محمد، من تأليف سعد الدين وهبة، وإخراج سعد أردش.
جسد الفنان محمود عزمي دور الأسطى "عويس"، الذي يعمل سائقا في إحدى شركات حفر البترول بالمناطق الصحراوية، وعندما فقدت الشركة الأمل في البحث عن البترول، تركت مكان العمل، واتجه "عويس" بسيارته المحملة بالبنزين خلف سيارات الشركة في الصحراء إلى أن اختفت منه السيارات وترك وحيدا في الصحراء باحثا عن الطريق إلا أنه تقابل بمجموعة من ركاب الأتوبيس الذي يضل طريقه تائها في الصحراء، فأراد "عويس" العودة بسيارته التي لا تسع إلا مكانا واحدا بجانبه، متجها إلى مدينة الإسكندرية.
حيث تسارع الجميع على من يذهب معه بمفرده دون الآخر، ولكن ينفرد "عويس" بكل منهما على حدى لمعرفة سبب الذهاب معه إلى مدينة الإسكندرية، حتى يستمع الجميع إلى صوت إنفجار السيارة ليصبح وحيدا معهم أيضا تائها في الصحراء، فيدعي أحدهم أن هذا المكان ملغما نتيجة الحروب، وفُزع الجميع خوفا من الموت، لكثرة ارتكاب الذنوب والأخطاء، خوفا من الموت جوعا وعطشا، حتى يقرر كل منهما التوبة والإصلاح من نفسه، ولكن هل سيتغير مواقفهم بعد النجاة.
شارك "عزمي" في العديد من المسرحيات منها: "بلاد برة، وطني عكا، والعمر لحظة، وعطيل، وعنترة"، وغيرها، أما على مستوى الإخراج فقد أخرج مسرحية "ست البنات" في الموسم المسرحي 74- 75، ومن إنتاج المسرح الحديث، وقدم على خشبة مسرح يوسف وهبي "الجمهورية سابقا".
مواقف وذكريات
لا تخلو حياة الفنان من المواقف الطريفة والجميلة، التي تظل حاضره في أذهان الجميع ويتذكرها من وقت لآخر، وتدور في ذهنه وكأنه يشاهد فيلما يحمل العديد من المشاهد بصورها المختلفة.
ومن بين هذه المواقف يذكر منها نجله الدكتور هشام عزمي، أن الوالد أهداه في عيد ميلاده الحادي عشر مجموعة روايات تاريخية لأديب نوبل، ورغم سنواته المبكرة فإنه قد انتهى من قراءتها في غضون أسبوع واحد، وتعد هذه الكتب أفضل ما كتب عن قيمة وحضارة وتاريخ مصر العريق.
وفي عيد ميلاد الأديب نجيب محفوظ الستين، كتب الدكتور هشام عزمي رسالة يقول فيها: "ستون عاما مرت عليك.. ولسه القلم في إيدك.. اكتب لينا نمدح فيك.."؛ حيث لعبت كتابات وفكر نجيب محفوظ، دورا كبيرا في تشكيل وجدانه وفكره، وأصبحت القراءة بالنسبة له مثل الهواء النقي الذي يستنشقه، فلا يستطيع أن يمضي يوما دون القراءة.
ومن المواقف الطريفة الأخرى أيضا التي يرويها نجله: "في إحدى عزومات عمتي توجهت مع والدي إلى منزلها، وقد حضر إلى المنزل أيضا عمي شقيق والدي الأصغر، الذي يعمل ضابطا بالقوات الجوية، فاتجه عمي إلى البلكونة لشرب السجائر إلا أنه فوجئ بوالدي يذهب إلى البلكونة أيضا، فارتبك عمي من شدة الموقف إلا أن وضع السيجارة المشتعلة في جيب البنطلون، ليس خوفا من أخيه الأكبر، ولكن احتراما وتقديرا لمكانته، خاصة أن لا أحد من أخواته يجرؤ بالتدخين أمامه".
مقتنيات محمود عزمي
يقتني متحف المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية، برئاسة الفنان إيهاب فهمي، مجموعة متنوعة من مقتنيات الفنانين ورواد المسرح، التي من بينها مقتنيات الفنان الراحل محمود عزمي، الذي أهداها نجله الدكتور هشام عزمي، الآمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، إلى المركز حديثا.
وتنحصر هذه المقتنيات في بدلتين، وروب، وجواز سفر، ونظارة طبية، وعلبة السجائر، ومحفظته الشخصية، بالإضافة إلى شهادة تكريم من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته العشرين، والعدد الثاني من من نشرة المهرجان، والعصا، والطاقية الخاصة به.
وكذلك زجاجة عطر، وكارنيه نقابة المهن التمثيلية، إلى جانب صورة شخصية تجمعه بالدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق، والدكتور علي لطفي، رئيس الوزراء الأسبق، والفنانة سميحة أيوب، سيدة المسرح العربي، مدير عام المسرح الحديث في ذلك الوقت، والتي بدورها تُعد كنزًا من كنوز رواد المسرح الذي يشهد لها التاريخ على مر العصور.
جوائز وتكريمات
نال "عزمي" العديد من الجوائز والتكريمات كان من بينها: جائزة أفضل ممثل في التليفزيون ثلاثة مرات، وجائزة أفضل ممثل بمهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون، وجائزة المسرح القومي في الريادة، إضافة إلى تكريمه من قبل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته العشرين، وغيرها من الجوائز والتكريمات، التي كان من آخرها تكريمه من المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية الأربعاء الماضي وإهداء نجله درع تذكاري وشهادة تقدير.
وقد انتهى الجهاز القومي للتنسيق الحضارى، برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، من تعليق لافتة "عاش هنا" التي تضمنت اسم الفنان، وتاريخي الميلاد، والوفاة، واسم الشارع الذي يقطن به في منطقة وسط البلد ـ بجوار المعبد اليهودي بالقاهرة، وتعد هذه اللافته ضمن لافتات مشروع "عاش هنا" الذي أطلقه الجهاز تقديرا وتخليدا لقيمة الأدباء، والفانين، والمبدعين.
وفي السابع والعشرين من نوفمبر 2011 رحل الفنان محمود عزمي عن عالما تاركا إرثا فنيا غنيا في السينما، والمسرح، والتلفزيون، والإذاعة تتوارثه الأجيال.
نموذج فني لن يتكرر
يرى كوكبة من نجوم الفن، أن تجربة الفنان الراحل محمود عزمي الإبداعية يصعب تكرارها على الساحة الفنية، فهو نموذج مثالي في الإبداع والعطاء فنًا وخلقًا، وقدوة يحتذي بها.
سميحة أيوب: تعاونت مع محمود عزمي في عدة مسرحيات حققت نجاحًا كبيرًا
في البداية؛ قالت سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب: لقد تعاونا سويًا في العديد من الأعمال المسرحية منها: "العمر لحظة" لفرقة المسرح المصري الحديث، ولعب خلالها دور الزوج الذي كان يعمل مدير تحرير لإحدى المجلات الإخبارية، وقد أجاد هذا الدور ببراعة واحترافية شديدة.
وأيضًا مسرحية "سكة السلامة" التي قدمت على المسرح القومي، وقدم خلالها شخصية "السائق" وهي أيضًا من أروع الأدوار الذي قدمها الفنان محمود عزمي، وكذلك شخصية "كليبر" في مسرحية "سليمان الحلبي" وغيرها من المسرحيات التي كللت بالنجاح.
آمال رمزي: محمود عزمي إنسان بمعنى الكلمة.. ولن أنسى مواقفه
وقالت الفنانة آمال رمزي: "لقد حالفني الحظ بتقديم روايتين تحت رئاسة الأستاذ محمود عزمي، فكان إنسان بمعنى الكلمة وعلى خلق عظيم".
وأشارت رمزي إلى أحد مواقفه التي لا تنساها، عندما كانت تعمل في مسرحية وبمشاركة الفنانة منى جبر، التي اتجهت إلى مكتبه غاضبة عما حدث بشأن كتابة اسم الفنانة آمال رمزي قبل اسمها على أفيش العمل، فقال "عزمي" لها: "أنتِ مذيعة تليفزيون ولو آمال مذيعة سيكتب اسمك قبلها، لكن هنا نحن نتحدث عن المسرح، لذلك فهي فنانة ولا بد من كتابة اسمها في الأول لأنها ممثلة وليست مذيعة".
عمرو دوارة: محمود عزمى قدم مع فرقة المسرح القومي عدة مسرحيات مميزة
قال المؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة، إن الفنان محمود عزمي يعد من خريجي دفعة عام 1949، وهي الدفعة الثالثة من خريجي الفنون المسرحية، وكان أول دفعته مع نخبة تضم كبار الفنانين، وقد استطاع الفنان زكي طليمات تأسيس فرقة خاصة بعنوان "المسرح المصري الحديث" عام 1950م.
وأضاف دوارة، أن "الفرقة القومية المصرية" جمعت كل نجوم فرقتين "رمسيس"، و"جورج أبيض" او فاطمة رشدي، فكان خريجي المعهد في ذلك الوقت ممن يقومون بالبطولات والأدوار العالمية بمعهد الفنون المسرحية، وينتظرون الفرصة لإثبات ذاتهم،.
فقد حصل اشتباك كبير بين هؤلاء النجوم، وهم: جيل معهد الفنون المسرحية، والجيل الراسخ القديم بالفرقة القومية، فقد تم حل مشكلة تأسيس فرقة المسرح المصري الحديث، واستمرت حتى عام 1953، وحققت نجاحًا كبيرًا سواء على مسرح الأزبكية أو الأوبرا.
وفي هذا العام أيضًا صدر قرار بضم فرقتين "المسرح المصري الحديث"، و"المصرية للتمثيل والموسيقى" وأطلق عليها الفرقة "المصرية الحديثة" الذي انضم لها بعد ذلك الفنان محمود عزمي واستمر معها حتى أطلق عليها بعد ذلك فرقة "المسرح القومي" عام 1958، وقدم خلالها عددا كبيرا من العروض المسرحية المتميزة.
مديحة حمدى: محمود عزمي فنان لا يشبه جيله وممن سبقوه
وأضافت الفنانة مديحة حمدي، أنها كان لها الشرف بالعمل مع الفنان محمود عزمي، فعندما كانت تشاهده في التلفزيون وخاصة الأعمال السينمائية تراه فنان سهل الأداء، ذو شخصية خاصة، لا يشبه أحد من جيله أو ممن سبقوه.
وأوضحت حمدي، أن الفنان محمود عزمي كان رئيسًا لها في العمل بفرقة المسرح الحديث، فلم يختلف كسلوك وطبع سوي حتى في طريقة حديثه مع الآخرين، فهو فنان بسيط ومتواضع وديمقراطي، وكان يحرص دائما على زيارة زملائه الفنانين في الكواليس أثناء أي عرض مسرحي، وذلك مساهمة منه في خلق روح طيبة بين الفنانين وبعضها.
وأشارت حمدي، إلى الفنان محمود عزمي عندما كوّن أسرته التي تتكون من الزوجة والزميلة عايدة كامل، ونجلهما الوحيد الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الحالي، كانت بتوفيق من الله على حسن هذا الاختيار، فقد شرفت "حمدي" بالعمل مع الفنانة عايدة كامل في "ثلاثية" نجيب محفوظ، وغيرها، وتزاملنا سويا خارج القاهرة، فكانت خير مثال للإنسانة الكريمة والأم المعطاءة، وكذلك الابن الدكتور هشام عزمي فقد أخذ من والديه كثيرًا، فهو شخص هادئ، دمث الخلق، دائم الابتسامة، ومكتبه مفتوح للجميع في أي وقت سواء في الإدارة أو العمل الفني.
إيهاب فهمى: محمود عزمى رمز من رموز التقاليد الفنية الرصينة
وأعرب الفنان إيهاب فهمي، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، عن سعادته باختيار وتكريم اسم الفنان الراحل محمود عزمي، قائلا: تحرص وزارة الثقافة من خلال قطاع شئون الإنتاج الثقافي ممثلا في المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية دائما على استمراية الاحتفاء برواد الفن المصري، والتعريف بالقامات الفنية أصحاب السيرة والمسيرة الرائدة في مجالات المركز الثلاثة، وذلك بهدف تعزيز الروابط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وأضاف فهمي، أن الفنان الراحل محمود عزمي هو نموذج مثالي في الإبداع والعطاء فنا وخلقا، ورمز من رموز التقاليد الفنية الرصينة، وقدوة نحتذي بها، تجاوز في عمله مجرد التسلية إلى رقي الذوق والفن الأصيل.
هشام عزمي: ورثت من الوالدين الاحترام وحب الناس
وقال نجل الفنان محمود عزمي الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، إن الولد الفنان محمود عزمي كُرّم في العديد من المهرجانات الفنية والمسرحية منها: الإذاعة والتليفزيون، والمسرح القومي، ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته العشرين، لكن كما هو عظيم أن يأتي التكريم من بيته.
وكم هو رائع أن يكون هذا البيت هو الصرح الثقافي منارة المسرح العربي "المسرح القومي"، تلك الخشبة التي شهدت إبداعات لقامات وأساتذة كبار منهم: سعد الدين وهبة، ونعمان عاشور، وألفريد فرج، ويوسف إدريس، وكمال يس، وعبدالرحيم الزرقاني، وسعد أردش، فقد شهدت أيضا مسرحيات "السبنسة"، و"الناس اللي تحت"، و"سكة السلامة"، و"الفرافير" وغيرها.
وتابع: كان هناك طفل يشاهد من خلال البنوار الأيمن لخشبة المسرح في لحظة إبداعية واحدة على هذه الخشبة سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب، ومعها توفيق الدقن، وعبدالمنعم إبراهيم، وكمال حسين، ومحمود عزمي، وشفيق نور الدين، وفؤاد شفيق، ورجاء حسين، ومحمد السبع، وعبدالسلام محمد، كل هؤلاء وقفوا على خشبة المسرح القومي في مشهد إبداعي واحد يندر أن يتكرر بمسرحية "سكة السلامة".
هكذا كان المسرح، والإبداع أيضًا، ولأن الفنان محمود عزمي كان يقضي في هذا البيت أكثر ما يقضيه في بيته وسط أسرته، نظرا لأن أبناء هذا الجيل العظيم تربطهم علاقات اجتماعية وأسرية وصداقة أزعم أنها نادرة الوجود الآن.
وواصل عزمي: لقد ورثت من الوالدين كنزًا عظيمًا من الاحترام، والاعتدال بالنفس، وحب الناس، لذلك أوجه الشكر للدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، والمخرج خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، والفنان إيهاب فهمي رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، والفنان أيمن الشيوي مدير المسرح القومي، على هذه اللافتة والاحتفاء والتكريم بهذه الشخصية الذي أشرف بحمل اسمها، وهو الفنان محمود عزمي.