انعقد هذا الأسبوع (٤-٦ مارس) في العاصمة العراقية بغداد، مؤتمر الأمانة العامة لاتحاد الجامعات العربية السادس والخمسون برئاسة الدكتور عمرو عزت سلامة، وقد تأسس الاتحاد في القاهرة سنة ١٩٦٤، أي قبل ٦٠ عامًا من اليوم. الاتحاد منظمة غير حكومية، وتضم في عضويتها أكثر من ٤٥٠ جامعة عربية، ويقع المقر الدائم للأمانة العامة في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية منذ العام ١٩٨٤.
من أهم أهداف اتحاد الجامعات العربية هو تحقيق التعاون بين الجامعات في الوطن العربي، والتنسيق بينها، وبين الجامعات والمؤسسات التعليمية الإقليمية والدولية، خاصةً فيما يتواكب مع مستجدات العصر وتقنيات التعليم وأنماطه الحديثة. وتفعيل انتقال الطلاب والباحثين وأعضاء هيئة التدريس بين المؤسسات التعليمية العربية، وهو ما لم يحدث بالشكل المنشود حتي اليوم.
نشاط غير عادي تبذله الأمانة العامة لاتحاد الجامعات العربية لتحقيق الربط المباشر بين الجامعات العربية والجامعات الدولية، فبعد مؤتمر العام الماضي (رقم ٥٥) في تونس، تم لقاء الجامعات العربية مع الجامعات الروسية في مدينة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقبل انعقاد المؤتمر الحالي، استضافت جامعة إسطنبول ايدن التركية يومي ٢٦-٢٧ فبراير الماضي، لقاء الجامعات العربية-التركية، وقمة الجامعات الآسيوية - الأوروبية (Euro-Asian) والذي شارك فيه أكثر من ٨٠٠ جامعة، كان وفد الجامعات العربية برئاسة د. عمرو عزت سلامة، قد شارك في اللقاء مع عدد كبير من وزراء التعليم العالي، ورؤساء الجامعات، والمهتمين بالتعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي. كان اللقاء شديد الثراء من حيث الإعداد والمحتوي، وتمت مناقشة موضوعات عدة أهمها تأثير العولمة (Globalization) علي مستقبل الجامعات والبحث العلمي.
العولمة في التعليم العالي، تعني زيادة تبادل الأكاديميين والباحثين والطلاب والمناهج والتكنولوجيا والبحث العلمي مع دول أخري عبر الحدود. في البداية، ظهرت فكرة ربط الجامعات بعضها ببعض داخل القطر الواحد، (مثل المجلس الأعلى للجامعات المصرية)، ثم ظهرت التحالفات الإقليمية (مثل اتحاد الجامعات العربية، واتحاد الجامعات الأمريكية والأوروبية وغيرها). تجربة الاتحاد الأوروبي للتعاون الأكاديمي، اكتملت بتوقيع إعلان "بولونيا" في عام ١٩٩٩. أدي إعلان بولونيا إلي إقامة محيط أوروبي للتعليم العالي، نتج عنه إنشاء نظام النقاط المعتمدة الأوروبية، (علي غرار نظام الساعات المعتمدة في الجامعات الأمريكية)، والتي أتاحت للطلاب الانتقال بحرية بين دول الاتحاد الأوروبي. نظام النقاط المعتمدة ساعد علي انتقال الطلاب بين بلدان الاتحاد الأوروبي، لدراسة فصل دراسي أو أكثر، مع احتفاظ الطالب بالنقاط التي اكتسبها من دراسته السابقة، وكذلك ساهم في توحيد المقررات في الكليات المتناظرة. هذا النظام معروف حاليا باسم: The European Credit Transfer System (ECTS).
ظلت الجامعات العربية تعمل دون نظام موحد يسمح بحرية انتقال الدارسين بينها حتي عام ٢٠٢١، عندما اقترحت جامعة بغداد إدخال مشروع عربي مشابه لمسار "بولونيا" الأوروبي. جامعة بغداد بالتعاون مع وزارة التعليم العالي في العراق وإقليم كردستان العراق، (جامعتي الموصل وأربيل) وممثلين من الجامعات العراقية والسفارة الهولندية ومفوضية الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، شاركت في المشروع سنة ٢٠٢١.
اليوم تتم دراسة مخرجات مشروع بولونيا العربي الذي اقترحته بغداد من قبل في مؤتمر الأمانة العامة للجامعات العربية الذي تشهده بغداد، وهناك جلسة مخصصة لهذا المشروع وهناك احتمال كبير أن يتم قبول تعميم المشروع في كل الجامعات العربية. ندعو الله أن يتحقق الحلم العربي في إنشاء نظام يسمح بحرية انتقال الطلاب بين الجامعات العربية وأن يكون هناك صندوق عربي لدعم هذا المشروع وأن تتكامل الجامعات العربية كما تكاملت من قبل الجامعات الأمريكية والأوروبية.
قولوا يارب.
د. السعيد عبد الهادى: رئيس جامعة حورس
آراء حرة
اتحاد الجامعات العربية والعولمة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق