رصدت صحيفة «الجارديان» البريطانية معاناة المدنيين الفلسطينيين من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يتم تدمير مبان ومستشفيات بأكملها.
ووصفت الصحيفة الحرب فى غزة بأنها الحرب الأكثر دموية فى التاريخ الحديث، خاصة بالنسبة للأطفال والصحفيين والعاملين فى مجال الرعاية الصحية وموظفى الأمم المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن العاملين فى المنظمات الإنسانية قلقون بشأن انتشار المجاعة فى غزة نتيجة الحصار الإسرائيلى للقطاع. ويقولون إن سكان غزة، فى الوقت الحالي، يعتبرون أعلى نسبة من الناس الذين يعانون من الحرمان الغذائى اكثر من أى مكان آخر فى العالم.
وقبل ٧ أكتوبر الماضي، عندما بدأت الحرب، كان سوء التغذية الحاد غير موجود إلى حد كبير فى غزة. ومنذ ذلك الحين، ارتفع بين الأطفال فى شمال غزة إلى ١٥٪، أى واحد من كل ستة أطفال دون سن الثانية، بينما وصلت النسبة إلى ٥٪ فى رفح فى جنوب غزة.
وقالت اليونيسف «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» أن ٩٠٪ من الأطفال دون سن الخامسة يأكلون أقل من مجموعتين غذائيتين فى اليوم، ويصنف ذلك بأنه «فقر غذائى شديد»، بينما يتأثر ما يقرب من ٩٠٪ بمرض معد، بما فى ذلك ٧٠٪ مصابون بالإسهال. ويتسبب نقص التغذية وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المعدية فى معاناة قاتلة لدى الأطفال، فالأطفال الجائعون أكثر عرضة للمرض وضعف جهاز المناعة نظرا لهشاشتهم، بينما يتسبب الإسهال فى فقدان الوزن والماء داخل جسم الأطفال.
وحذرت الصحيفة من المجاعة لدى سكان غزة، والتى يمكن أن تأتى فى غضون أسابيع، والتى تعنى النقص الحاد للغذاء المسبب للمرض والوفاة فى فترة زمنية قصيرة. وقالت الأمم المتحدة مرارا وتكرارا إن ربع السكان يواجهون بالفعل المجاعة، بينما يعانى جميع السكان البالغ عددهم ٢.٣ مليون نسمة من نقص الغذاء.
وعادة ما يتم الإعلان عن المجاعة عندما يتم استيفاء ثلاثة شروط. أولا، عندما يعانى ٢٠٪ من السكان من نقص حاد فى الغذاء. ولقد تجاوزت غزة بالفعل هذه العتبة. ثانيا، عندما يتجاوز سوء التغذية الحاد بين الأطفال ٣٠٪، والثالث عندما تكون حالتى وفاة لكل ١٠٠٠٠ يموتون يوميا بسبب نقص الغذاء وسوء التغذية. ونظرا لتدهور حالة الإغاثة الإنسانية ومحدودية الإمدادات الغذائية التى تدخل البلاد، تبدو المجاعة حتمية دون تدخل دولى عاجل.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه ليست مجاعة ناجمة عن الجفاف أو المشكلات البيئية أو لأن الدول الغنية لا تهتم، بل بسبب عزل غزة، ولا سيما الشمال، وعدم وصول الشاحنات المحملة بالأغذية والمعونة الإنسانية.
وفى ٢٠ فبراير الماضي، اضطر برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة إلى وقف عمليات تسليم المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة لأن الظروف غير آمنة للموظفين. ما يحدث هو حصار متعمد ومنع للإمدادات الغذائية الطارئة فى المنطقة، والتى على وشك رؤية آلاف الأطفال يموتون جوعا.
ونوهت الصحيفة إلى أنه لا يوجد هناك صراع سابق شهد «استخدم القصف والقناصة والمجاعة دفعة واحدة بهذه الشدة».
وقالت الصحيفة إن الأزمة التى تلوح فى الأفق هى المجاعة، التى ستحدث ما لم يتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار حتى تتمكن الشاحنات المحملة بالأغذية والمساعدات الإنسانية من دخول غزة. وسيتطلب ذلك أيضًا رفع الحصار الكامل عن قطاع غزة.
واستشهدت الصحيفة بتصريحات سابقة لوزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، قبل عدة أشهر، والذى قال: «نحن نضع حصارا كاملا على غزة... لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا غاز، تم منع كل شيء»، وشددت الصحيفة على أن نهج «العقاب الجماعي» هذا ينتهك بوضوح القانون الدولي.