الصورة لها فعل السحر على الأشياء قد تكون سهامًا موجه للعالم كي ينتبه، وجزء من ذاكرته البصرية، هذا السحر وهذا السجل التاريخي قد يكون سببا في انقاذ حياة قرى ومدن، وقبائل، هذا ما استطاعت الصورة أن تقدمه عن حياة قبيلة يانومامي في إحدى قبائل غابات الأمازون.
ففي أعماق غابات الأمازون المطيرة، تخوض قبيلة يانومامي وهي أحد الشعوب الأصلية، وقد ظلت معزولة نسبيًا عن العالم الخارجي، في معركتها من أجل البقاء، وسط هذا اللهث وراء الذهب، لولا عدسات المصورين التي ألقت الضوء على ماتعانيه تلك القبيلة من حروب ضد عمال المناجم الباحثين عن الذهب، متسببين في أضرار بيئية كبيرة، وكان لـ "البوابة نيوز " حوارًا مع زعيم القبيلة الناشط البيئي "جونيور هيكوراري" والذي يبلغ من العمر 36 عامًا على هامش مشاركته ودعوته بمهرجان “اكسبوجر” في دورته الثامنة والتي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة.
بين الحياة والموت
يقدر أفراد القبيلة بنحو 30 ألف مواطن، يعيشون على صيد الأسماك وجمع الفاكهة في حياة شبه منعزلة عن العالم حتى عرف اللاهثون وراء الذهب طريق تلك القبيلة التي تقبع في غابات الأمازون ليعيشوا صراعًا من أجل البقاء، ضد عمال المناجم الذين يواصلون عملهم دون النظر لما تتسبب أعمالهم من أخطار جسيمة على السكان الأصليين، وهو ما أكده زعيم القبيلة الناشط البيئي جونيور هيكوراري قائلاً :" فقد أصبح الجو حار جدًا لدرجة أنه لا يمكن العيش فيه تقريبًا، فلم نشعر أبدًا بغابات الأمازون ساخنة كما هي الآن، وإن إزالة الغابات تجعل الشمس تصل إلينا وهو أمر غير معتادين عليه، ذلك لأن الأشجار كانت تحمينا، كما الأنهار جفت ومن الصعب جدًا أن العيش في هذا النوع من البيئة، كما أن عمليات التعدين غير القانونية تزيد الأمر سوءًا.
وتابع "أن أعمال التنقيب عن الذهب تسببت بأضرار لحقت بغابات الأمازون ما تسبب في قطع الكثير من الأشجار ما تسبب في تغير طبيعة المناخ هناك وأصبحنا نعيش في جو مختلف عن الذي تعودنا عليه، وبالتالي أثر بشكل كبير على نمط الحياة، كما أن هذا التغير أثر بشكل كبير على المياه، والتي باتت مليئة بالزئبق الأحمر الذي تسبب في موت الكثير من الأطفال"
جو ساخن
واستكمل "أن هذا التغير المناخي جعل الجو حار للغاية، هو ما لم يكن كذلك من قبل، وأصبحت الحياة صعبة للتأقلم مع هذا التغير، ما تسبب في وفاة الكثير من السكان الأصليين، وانتزاع الأشجار من الغابات اجبرتنا على الانتقال للعيش في أماكن أخرى، نكافح من أجل البقاء، وهو الأمر الصعب للغاية"
وأضاف :" هناك ما يقرب من خمسة وعشرين ألفا من الغزاة "عمال المناجم" الذين يبحثون عن الذهب، والذين يملكون عادات مغايرة عن قبيلتنا، ودائمًا ما يشتبكون معنا، وكل ما نقوم به هو حماية هويتنا وتراثنا وحياتنا لحماية المناطق، من تلك الهجمات، والأضرار التي لحقت بغابات الأمازون هائلة وضخمة.
ضيف غير مرحب به
ويعتبر وجود "عمال المناجم" أو كما يُطْلِق عليهم السكان الإصليون بـ "الغاريمبيروس" مصدر تهديد لأهالي قبيلة اليانومامي، لم يحدثوه من أضرار جسيمة على السكان الاصليون، من اعتداءات على النساء والفتيات، وجلبهم للخمور والمخدرات، وهو ما أكده "الناشط البيئي "هيكوراري" زعيم القبيلة، إذا قال: "أن حياتنا باتت مهددة بالخطر، ونحاول مقاومة ما يقوم به عمال المناجم من أعمال تهدد أفراد قبيلتي، والتي توليت قيادتها أبًا عن جد، وهذا دوري للحفاظ عليها، غير أننا نحاول العيش وسط أجواء مناخية صعبة، وتدني مستوى الصحة خاصة الأطفال الذين يعانون الجفاف وسوء التغدية، بسبب الزئبق المتسرب للمياه والتي أثرت على جودة الغذاء والثمار التي نجمعها من الغابات والتي تأثرت بشكل كبير وقلت قيمتها الغذائية، وابتعدنا عن النظام الغذاء التقليدي .
الأضرار التي لحقت بغابات الأمازون هائلة وضخمة
ولفت إلى أن الأضرار التي لحقت بغابات الأمازون هائلة وضخمة كما أن البيئة البحرية قد تضررت أيضًا وأي الزئبق المتسرب إليها سببًا في الإضرار بالثورة السمكية، ونحن نعتمد على جني الثمر والصيد في نمط حياتنا".
وأكد أن كل ما يحتاجون إليه بشكل أساسي هو إخراج 25 ألفًا من الغزاة الذين يبحثون عن الذهب، وما نحتاجه في الأساس هو حماية أرضنا وأخذهم بعيدًا، فهؤلاء الغزاة يستخدمون الشرطة والجيش لمنع الناس من الذهاب إلى الغابة والتي نعتبرها منزلنا.
قوة الصورة
وعن دور الصور الفوتوغرافية في إلقاء الدور على معاناة السكان الأصليين بقبيلة "اليانومامي" أوضح قائلاً :" أن الصورة كان لها دور كبير في القاء الضوء على ما يعانيه شعب قبيلتي من اعتداءات، وكان لها دور في تسليط الضوء على تلك المنطقة التي لم يكن يعرف العالم عنها أي شيء، ومع نشر أول صورة، باتت قضيتنا ومعاناتنا معروفة في جميع أنحاء العالم، ولولا الصورة ما كنا سنكون متواجدين بالإكسبو بالشارقة"
وأكد " لقد كانت الصورة بمثابة السهم الذي يطلق على الفريسة في الغابة، فحينما التقطت أول صورة في مجتمعنا تعرف العالم على قضيتنا، وهي الرسالة التي حملتها الصورة للعالم ليعرف ماذا يحدث لنا، فالصور مهمة جدًا، فهي كالسهم الذي يعرف وجهته، حاملاً معه القوة الكافية للوصول للهدف"
ولفت " إلى أن الصورة كانت الأصدق في التعبير عن أنفسنا ولحماية أنفسنا كما أننا شعرنا بأننا لسنا وحدنا وأن هناك من يساندنا ويدعمنا، من خلال قنوات الاتصال المختلفة لنكشف من خلالها ما يحدث في قبيلتنا، ولنتحدث عن مشاكلنا بداخل المجتمع، وهو ما تحقق من خلال عمل قنوات محلية".
هي الرسالة التي حملتها الصورة للعالم ليعرف ماذا يحدث لنا، فالصور مهمة جدًا، فهي كالسهم الذي يعرف وجهته، حاملاً معه القوة الكافية للوصول للهدف
فمن المهم جدًا للمصورين التقاط الصور وإظهار ما يحدث للعالم. وبدون الصور لن يكون هناك أدلة قوية لتظهر للعالم ما يحدث، ولإظهار الأشخاص السيئين الذين يفعلون هذه الأشياء الفظيعة، وهي الطريقة لحماية أنفسنا والحصول على المساعدة حتى نعرف أننا لسنا وحدنا، وذلك حتى نتمكن من التأكد من أن لدينا أشخاصًا يراقبوننا ويدعموننا.
قناة تليفزيونية محلية
وقد منحتنا الحكومة قناة تلفزيونية خاصة بنا لنكشف للعالم ما يحدث لمجتمعنا حتى لا نعتمد على شخص واحد لنخبر العالم بقصتنا، وحتى نتحدث أمام العالم دون المرور بالطرق القديمة والمعذبة التي تستغرق وقتًا أطول بكثير، فعندما يتحدث الأشخاص غير التقليديين عن هذا الأمر، غالبًا لا يتم تصديقهم حقًا، لذا يحتاجون إلى خروج المواطنين الأصليين لإخبار العالم حتى يصدق الناس الصور لأننا نحن من نواجه المشكلات.
أعتقد أن الصورة الأكثر أهمية هي لشعبنا خلف التل بعد أن قامت الشرطة بإخراج جميع القاصرين.
وهناك العديد من الصور المهمة ولكن أعتقد أن الصورة الأكثر أهمية هي لشعبنا خلف التل بعد أن قامت الشرطة بإخراج جميع القاصرين.
المشاركة في اسكبوجر
وعن سؤاله حول مشاركته بالقمة البيئية بالمهرجان العالمي للصور الفوتوغرافية "اكسبوجر 2024" أوضح قائلاً: "أنا سعيد جدًا بالمشاركة في هذا الحدث الكبير، وأنه يُعتبر فرصة كبيرة للتعريف بقضيتنا وما نواجه في مجتمعنا من التغيرات المناخية واعتداءات، كما أن المشاركة عملت على إيصال صوتنا للعالم، وأنا فخور كوني جزء من هذا الحدث العالمي الكبير.
رسالتي للعالم
رسالتي البسيطة للناس في جميع أنحاء العالم هي: "لا تشتروا الذهب لأنه مصنوع من دماء الهنود، فالناس هنا يموتون من الجشع للحصول على الذهب.