استقبل فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الثلاثاء بمشيخة الأزهر، السيد "نيكول باشينيان"، رئيس وزراء أرمينيا، لبحث سبل تعزيز العلاقات والتعاون المشترك.
في بداية اللقاء، قال فضيلة الإمام الأكبر، إنَّ الأزهر يقوم على نشر رسالة الإسلام والممثلة في إحلال السلام بين الجميع، وذلك من خلال انفتاحه على المؤسَّسات الدينية والثقافية حول العالم، مشيرًا إلى أن مبادرة بيت العائلة المصرية، التي أطلقها الأزهر الشريف بالتعاون مع الكنائس المصرية منذ أكثر من عشر سنوات، عززت قيم التسامح الديني وأسهمت بشكلٍ كبيرٍ في وأد الفتن التي تستهدف نشر التعصب والكراهية المبنية على أساس الفهم الخاطئ للدين، كما ساعد بيت العائلة المصرية في حماية النشء والشباب من مخاطر التطرف والتشدد، ووقف محاولات العبث بالأوطان.
وأكَّد فضيلة الإمام الأكبر عمق العلاقات التي تربط الأزهر بأرمينيا، مذكِّرًا فضيلته بفتوى الشيخ سليم البشري، التي أصدرها عام ١٩٠٩ بشأن إدانة مذابح الأرمن، وأن هذه الفتوى تمثِّل منهج الأزهر في رفض الاعتداء مطلقًا حتى لو كان المعتدى عليه غير مسلم، مشددًا على أن الدين لا يمكن أن يكون سببًا في الحروب والصراعات، وإنما هو السبيل الأوحد لخروج الإنسان من أزماته المعاصرة ووقف الحروب والاقتتال، وأن مَن يحاولون إقصاء صوت الدين وتجنيبه عن حياة الناس يمهدون الطريق لنشر الفوضى وتأليه شهوات الإنسان ونشر العنف والتطرف، كما طالب فضيلته بتكثيف الجهود لوقف العدوان الصهيوني على غزة، وإيجاد حلٍّ جذريٍّ لتسيير المساعدات الإنسانية ومستلزمات الإغاثة وإمدادات الطعام والشراب والدواء بشكل فوري إلى قطاع غزة المحاصر.
كما أكَّد فضيلة الإمام الأكبر استعداد الأزهر لاستقبال وفود الشباب الأرميني الراغبين في التعرف على الإسلام من خلال "برنامج التعريف بالإسلام" الذي صمَّمه كبار علماء الأزهر وأساتذته، ويهدف إلى تعريف الإسلام لغير المسلمين، والتعرف على النصوص الدينية التي يحويها القرآن الكريم، التي تصور التوراة والإنجيل بالهدى والنور، وتدعو إلى احترام الآخر وقبوله، كما رحَّب فضيلته باستقبال أئمة أرمينيا للتدريب في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، ورفع مهاراتهم في التعامل مع قضايا التطرف والتشدد والتعايش المشترك.
من جانبه، أعرب رئيس وزراء أرمينيا عن تقديره لما يقوم به شيخ الأزهر من جهود كبيرة لترسيخ قيم التعايش والأخوة والسلام العالمي، مؤكدًا أن الشعب الأرميني تربطه علاقات تاريخية بالشعوب الإسلامية، وقد لجأ بعض الفارين من مذابح الأرمن إلى الدول والمدن الإسلامية، ووجدوا فيها الأمنَ والأمانَ، ولم يتعرضوا لأي اضطهاد ديني، بل تمتعوا بحريتهم الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية.
وعرض رئيس الوزراء الأرميني على الإمام الأكبر تنظيم معرض في الأزهر الشريف لأبرز المخطوطات الإسلامية التاريخية التي تملكها أرمينيا، التي تتجاوز مئات المخطوطات؛ إذ رحب فضيلته بعرض رئيس الوزراء، مؤكدًا أن مثل هذه المعارض تسهم في ترسيخ السلم المجتمعي وقبول الآخر والتعايش المشترك.