يرى كوكبة من نجوم الفن، أن تجربة الفنان الراحل محمود عزمي الإبداعية يصعب تكرارها على الساحة الفنية، فهو نموذج مثالي في الإبداع والعطاء فنًا وخلقًا، وقدوة يحتذي بها.
وفي السطور القليلة التالية نستعرض أراء الفنانين حول تجربة الفنان الراحل محمود عزمي الإبداعية، وأبرز المواقف التي جمعته بزملائه الفنانين.
سميحة أيوب: تعاونت مع محمود عزمي في عدة مسرحيات حققت نجاحًا كبيرًا
في البداية؛ قالت سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب: لقد تعاونا سويًا في العديد من الأعمال المسرحية منها: "العمر لحظة" لفرقة المسرح المصري الحديث، ولعب خلالها دور الزوج الذي كان يعمل مدير تحرير لإحدى المجلات الإخبارية، وقد أجاد هذا الدور ببراعة واحترافية شديدة.
وأيضًا مسرحية "سكة السلامة" التي قدمت على المسرح القومي، وقدم خلالها شخصية "السائق" وهي أيضًا من أروع الأدوار الذي قدمها الفنان محمود عزمي، وكذلك شخصية "كليبر" في مسرحية "سليمان الحلبي" وغيرها من المسرحيات التي كللت بالنجاح.
آمال رمزي: محمود عزمي إنسان بمعنى الكلمة.. ولن أنسى مواقفه
وقالت الفنانة آمال رمزي: "لقد حالفني الحظ بتقديم روايتين تحت رئاسة الأستاذ محمود عزمي، فكان إنسان بمعنى الكلمة وعلى خلق عظيم".
وأشارت رمزي إلى أحد مواقفه التي لا تنساها، عندما كانت تعمل في مسرحية وبمشاركة الفنانة منى جبر، التي اتجهت إلى مكتبه غاضبة عما حدث بشأن كتابة اسم الفنانة آمال رمزي قبل اسمها على أفيش العمل، فقال "عزمي" لها: "أنتِ مذيعة تليفزيون ولو آمال مذيعة سيكتب اسمك قبلها، لكن هنا نحن نتحدث عن المسرح، لذلك فهي فنانة ولا بد من كتابة اسمها في الأول لأنها ممثلة وليست مذيعة".
عمرو دوارة: محمود عزمى قدم مع فرقة المسرح القومي عدة مسرحيات مميزة
قال المؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة، إن الفنان محمود عزمي يعد من خريجي دفعة عام 1949، وهي الدفعة الثالثة من خريجي الفنون المسرحية، وكان أول دفعته مع نخبة تضم كبار الفنانين، وقد استطاع الفنان زكي طليمات تأسيس فرقة خاصة بعنوان "المسرح المصري الحديث" عام 1950م.
وأضاف دوارة، أن "الفرقة القومية المصرية" جمعت كل نجوم فرقتين "رمسيس"، و"جورج أبيض" او فاطمة رشدي، فكان خريجي المعهد في ذلك الوقت ممن يقومون بالبطولات والأدوار العالمية بمعهد الفنون المسرحية، وينتظرون الفرصة لإثبات ذاتهم،.
فقد حصل اشتباك كبير بين هؤلاء النجوم، وهم: جيل معهد الفنون المسرحية، والجيل الراسخ القديم بالفرقة القومية، فقد تم حل مشكلة تأسيس فرقة المسرح المصري الحديث، واستمرت حتى عام 1953، وحققت نجاحًا كبيرًا سواء على مسرح الأزبكية أو الأوبرا.
وفي هذا العام أيضًا صدر قرار بضم فرقتين "المسرح المصري الحديث"، و"المصرية للتمثيل والموسيقى" وأطلق عليها الفرقة "المصرية الحديثة" الذي انضم لها بعد ذلك الفنان محمود عزمي واستمر معها حتى أطلق عليها بعد ذلك فرقة "المسرح القومي" عام 1958، وقدم خلالها عددا كبيرا من العروض المسرحية المتميزة.
مديحة حمدى: محمود عزمي فنان لا يشبه جيله وممن سبقوه
وأضافت الفنانة مديحة حمدي، أنها كان لها الشرف بالعمل مع الفنان محمود عزمي، فعندما كانت تشاهده في التلفزيون وخاصة الأعمال السينمائية تراه فنان سهل الأداء، ذو شخصية خاصة، لا يشبه أحد من جيله أو ممن سبقوه.
وأوضحت حمدي، أن الفنان محمود عزمي كان رئيسًا لها في العمل بفرقة المسرح الحديث، فلم يختلف كسلوك وطبع سوي حتى في طريقة حديثه مع الآخرين، فهو فنان بسيط ومتواضع وديمقراطي، وكان يحرص دائما على زيارة زملائه الفنانين في الكواليس أثناء أي عرض مسرحي، وذلك مساهمة منه في خلق روح طيبة بين الفنانين وبعضها.
وأشارت حمدي، إلى الفنان محمود عزمي عندما كوّن أسرته التي تتكون من الزوجة والزميلة عايدة كامل، ونجلهما الوحيد الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الحالي، كانت بتوفيق من الله على حسن هذا الاختيار، فقد شرفت "حمدي" بالعمل مع الفنانة عايدة كامل في "ثلاثية" نجيب محفوظ، وغيرها، وتزاملنا سويا خارج القاهرة، فكانت خير مثال للإنسانة الكريمة والأم المعطاءة، وكذلك الابن الدكتور هشام عزمي فقد أخذ من والديه كثيرًا، فهو شخص هادئ، دمث الخلق، دائم الابتسامة، ومكتبه مفتوح للجميع في أي وقت سواء في الإدارة أو العمل الفني.
إيهاب فهمى: محمود عزمى رمز من رموز التقاليد الفنية الرصينة
وأعرب الفنان إيهاب فهمي، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، عن سعادته باختيار وتكريم اسم الفنان الراحل محمود عزمي، قائلا: تحرص وزارة الثقافة من خلال قطاع شئون الإنتاج الثقافي ممثلا في المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية دائما على استمراية الاحتفاء برواد الفن المصري، والتعريف بالقامات الفنية أصحاب السيرة والمسيرة الرائدة في مجالات المركز الثلاثة، وذلك بهدف تعزيز الروابط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وأضاف فهمي، أن الفنان الراحل محمود عزمي هو نموذج مثالي في الإبداع والعطاء فنا وخلقا، ورمز من رموز التقاليد الفنية الرصينة، وقدوة نحتذي بها، تجاوز في عمله مجرد التسلية إلى رقي الذوق والفن الأصيل.
هشام عزمي: ورثت من الوالدين الاحترام وحب الناس
وقال نجل الفنان محمود عزمي الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، إن الولد الفنان محمود عزمي كُرّم في العديد من المهرجانات الفنية والمسرحية منها: الإذاعة والتليفزيون، والمسرح القومي، ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته العشرين، لكن كما هو عظيم أن يأتي التكريم من بيته.
وكم هو رائع أن يكون هذا البيت هو الصرح الثقافي منارة المسرح العربي "المسرح القومي"، تلك الخشبة التي شهدت إبداعات لقامات وأساتذة كبار منهم: سعد الدين وهبة، ونعمان عاشور، وألفريد فرج، ويوسف إدريس، وكمال يس، وعبدالرحيم الزرقاني، وسعد أردش، فقد شهدت أيضا مسرحيات "السبنسة"، و"الناس اللي تحت"، و"سكة السلامة"، و"الفرافير" وغيرها.
وتابع: كان هناك طفل يشاهد من خلال البنوار الأيمن لخشبة المسرح في لحظة إبداعية واحدة على هذه الخشبة سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب، ومعها توفيق الدقن، وعبدالمنعم إبراهيم، وكمال حسين، ومحمود عزمي، وشفيق نور الدين، وفؤاد شفيق، ورجاء حسين، ومحمد السبع، وعبدالسلام محمد، كل هؤلاء وقفوا على خشبة المسرح القومي في مشهد إبداعي واحد يندر أن يتكرر بمسرحية "سكة السلامة".
هكذا كان المسرح، والإبداع أيضًا، ولأن الفنان محمود عزمي كان يقضي في هذا البيت أكثر ما يقضيه في بيته وسط أسرته، نظرا لأن أبناء هذا الجيل العظيم تربطهم علاقات اجتماعية وأسرية وصداقة أزعم أنها نادرة الوجود الآن.
وواصل عزمي: لقد ورثت من الوالدين كنزًا عظيمًا من الاحترام، والاعتدال بالنفس، وحب الناس، لذلك أوجه الشكر للدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، والمخرج خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، والفنان إيهاب فهمي رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، والفنان أيمن الشيوي مدير المسرح القومي، على هذه اللافتة والاحتفاء والتكريم بهذه الشخصية الذي أشرف بحمل اسمها، وهو الفنان محمود عزمي.