الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«انعدام الضمير».. أزمة غش الأدوية تعود من جديد

ستاندر- تقارير
ستاندر- تقارير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«هيئة الدواء» تحذر من 3 أدوية مغشوشة: «بريزولين- سوبر إكس- حقن أوزمبك»

مناشدات للمواطنين بشراء الأدوية من الصيدليات فقط والبعد عن تسوقها أون لاين

 

 

"الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، بهذا الحديث الشريف الذي روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يكشف عن أهمية الرحمة بين الناس، وخاصةً المرضى الذين ابتلاهم الله بمرض ما، فهل من المعقول أن يعانوا من المرض وتناول أدوية مغشوشة؟

على مدار السنوات الماضية، استمرت هيئة الدواء المصرية في إطلاق تحذيراتها للمواطنين بشأن انتشار الأدوية المغشوشة، مؤخرًا في أواخر يناير الماضي أعلنت الهيئة عن أسماء 3 أدوية يتم تداولها في أسواق الدواء، وهي عقاقير مغشوشة مقلدة، محذرة المواطنين من تداولها.

 

طالبت الهيئة المواطنين بعدم شراء أدوية المضاد الحيوي إلا من خلال الصيدلية، مناشدة الجميع ضرورة الاتصال بهيئة الدواء على الخط الساخن ١٥٣٠١، في حالة الشك في هذه الأدوية، محددة أسماء الأدوية الثلاثة، وهي: « الدواء بريزولين، وهو مضاد حيوي يعمل على تضييق الأوعية الدموية مما يساعد على الشعور بالاحتقان- الدواء vental compositing inhaler، وهو علاج مخصص لعلاج الربو ومرض الانسداد الرئوي الشهير، مخصص للأطفال- الدواء سوبر إكس ١٠٠ مجم، وهو مخصص لعلاج التهاب المسالك البولية والأذن الوسطى".

وأهابت هيئة الدواء بالمواطنين توخي الحذر عند شراء الأدوية، وذلك حفاظا على صحتهم وسلامتهم، مطالبة كل الصيدليات بالتأكد من احتمالية وجود عبوات لا تخص شركة novo، التي تنتج المستحضر الحيوي Ozempic، وهو علاج لمرض السكر من النوع الثاني.

كما ناشدت الهيئة، المواطنين ضرورة شراء الأدوية والمستلزمات الطبية من الصيدليات المنتشرة في القاهرة وجميع المحافظات، بعد التأكد أنها مرخصة بقرار هيئة الأدوية، لمنع تداول الأدوية المغشوشة في الأسواق، محذرة من شراء الأدوية ومستحضرات التجميل من خلال مواقع وصفحات الإنترنت المختلفة.

عقوبة جريمة غش الأدوية

يعد غش الأدوية جريمة يعاقب عليها قانون قمع التدليس وغش الأدوية، حيث تصل العقوبة في هذه الجريمة إلى الحبس ٧ سنوات، وفقًا للقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤١.

ينص القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤١ لـ «قمع التدليس وغش الأدوية» على التالي: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه كل من باع أدوية مغشوشة أو فاسدة أو انتهت صلاحيتها".

تكون العقوبة طبقا لقانون قمع التدليس وغش الأدوية، الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز أربعين ألف جنيه إذا كانت الأدوية المغشوشة أو الفاسدة أو التي انتهى تاريخ صلاحيتها أو كانت المواد التي تستعمل في غش الأدوية ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان.

 

الأدوية المغشوشة تسبب الوفاة

من ناحيته؛ يقول الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، إن هيئة التفتيش بهيئة الدواء المصرية تبذل جهود كبيرة في ضبط الأدوية الفاسدة داخل الأسواق، وذلك بالتعاون مع جهاز حماية المستهلك ومباحث التموين أيضًا، وتبحث باستمرار عن هذه الأدوية وإبلاغ الأجهزة الأمنية عن المسئولين عن تداولها وبيعها، موضحًا أن الأدوية المغشوشة ليست في مصر فقط، ولكنها توجد في مختلف دول العالم.

ويواصل «عوف»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن الغش في الأدوية خلال الفترة الأخيرة كان في حقن المضاد الحيوي؛ تسببت في وفاة أكثر من ٥ أطفال، فضلًا عن الغش في كريمات الشعر ومستحضرات التجميل أيضًا، مشيرًا إلى أن أسباب انتشار الأدوية المغشوشة يرجع لارتفاع الأسعار ونقص الدواء، فإن أكثر الأدوية غشًا هي الأكثر مبيعًا لتدخل وسط كمية الأدوية الكثيرة التي يتم تداولها، فلا يشعر بتلك الجريمة أحد، فهناك شركات أدوية معروفة تقوم بجريمة الغش التجاري.

الخسائر الصحية

ويؤكد، أن الأدوية المغشوشة جريمة تؤدي إلى الوفاة، وتلحق الضرر بالكبد والجهاز الهضمي، وتسببت أيضًا لكثير من المرضى أزمات قلبية، وظهور أمراض جلدية، مشددًا على ضرورة عدم تناول المضاد الحيوي إلا بعد استشارة الطبيب وعدم شراء الأدوية سوى من الصيدليات الموثوق فيها، مطالبًا الصيادلة بتحري الدقة وجلب الأدوية من الأماكن الرسمية والمعتمدة من هيئة الدواء.

وحذر، من الأدوية ومستحضرات التجميل والتخسيس التي يتم الإعلان عنها على مواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع الإنترنت المختلفة والقنوات الفضائية المغمورة، فإن جميع هذه الأدوية مغشوشة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، وتسبب أمراضا خطيرة قد تصل إلى الوفاة، فإن هذه الأدوية تمثل نحو ١٠٪ من التجارة العالمية، طبقًا للإحصاءات الأخيرة.

ظاهرة منتشرة لتحقيق الأرباح السريعة

كما يوضح محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أن الأدوية المغشوشة ظاهرة منتشرة جدًا في العالم، نتيجة الأرباح السريعة التي من الممكن أن تحققها، ووفقًا لتصريحات منظمة الصحة العالمية أن هناك ١٠ مليارات دولار هي مبيعات هذه الأدوية حول العالم، مضيفًا أن المنظمة تسعى لتغليظ العقوبات لتستطيع أن تحد من هذه الجريمة، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى الإعدام في الهند أو الصين على سبيل المثال.

طرق منع الغش

وطالب «فؤاد»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، بضرورة عمل سيطرة إلكترونية على مبيعات الدواء عن طريق QR code وتتبع الأدوية لمعرفة مكان العلبة الخارجة من المصنع، مشيرًا إلى أن الغش في الدواء في مصر موجودة بكثرة منذ عام ٢٠٢٢ و٢٠٢٣ وأدت إلى الوفيات، واكتشفت جهات التحقيق أن هناك بعض العلامات التجارية للأسماء التجارية تم غشها، وقامت بعض الشركات لأصحاب هذه المنتجات قامت بعمل تتبع لأدويتها.

مصادر بيع الأدوية دون رقابة

ويواصل، أنه في البداية كان شراء الأدوية من مصدر واحد وهي الصيدلية، ولكن الآن أصبحت هناك التطبيقات الإلكترونية على فيسبوك والهواتف المحمولة، حيث إن وزارة الداخلية وهيئة الدواء قاموا بالكشف عن تطبيق كبير جدًا يعمل منذ ٤ سنوات تم ضبط أدوية بقيمة ٢٥ مليون جنيه.

وهناك نحو ١٦ تطبيق في مصر يبيعون أدوية لا يعلم المواطنون كيفية تصنيعها وطرق حفظها وتخزينها كما يجب أن يكون كل نوع أو صنف، بالإضافة إلى وجود صفحات على الإنترنت لبيع الدواء يصل عددها أكثر من ٦٠ صفحة لتجارة الدواء دون وجود رقيب عليهم.

أسباب الغش

ويؤكد، أن أسباب الغش في الدواء هو عدم وجود النوع في السوق الرسمية يدفع المريض البحث عنه في السوق غير الرسمي، فهناك حقنة تسمى "أنتي أر أتش" تأخذها السيدة بعد الولادة بـ ٢٤ ساعة لخلق فرص أخرى للحمل، وهذه الحقنة غير موجودة وتصرفها الحكومة من مراكز معينة عن طريق بعض الإجراءات، منها بطاقة الرقم القومي وشهادة المولد الجديد وتقرير المستشفى، ويتم بيعها على الإنترنت بمبلغ ٣ آلاف جنيه ويتم شراؤها وهكذا أدوية أخرى، وخاصةً في ظل وجود أزمة في السوق الدوائية منذ عامين، التي تسببت في وقوع المرضى ضحايا للأدوية المغشوشة.

ويقول، إن هناك نحو ٨٠ ألف صيدلية، منها ١٠ آلاف صيدلية لا يديرها صيدلي من هنا يبدأ تداول وبيع الأدوية المغشوشة، وتأتي الأدوية المغشوشة من جهتين أولاهما منطقة التصنيع وانتشار المصانع غير المرخصة لتصنيع الأدوية، والجهة الثانية هي الأدوية المنتهية الصلاحية، حيث إن هناك ٥٠٠ مليون جنيه أدوية منتهية الصلاحيات داخل الصيدليات وحسب اللائحة يتم وضع تلك الأدوية في صندوق موضوع عليه شمع أحمر، ويتم وضعها في آخر مكان في الصيدلية.

تغليظ العقوبات

ويتابع، أن الأدوية المغشوشة جريمة مجرمة دوليًا وغير أخلاقية وقانونية تسئ لسمعة البلد والاستثمار في الدواء، فضلًا عن خطورتها على الاقتصاد المصري فهو اقتصاد غير رسمي ومادي ومعروف ولا يخضع للضرائب العامة مثل الصيدليات، بإلإضافة إلى خطورتها على صحة المريض.

ويطالب بتغليظ العقوبات الموجود في قانون الصيدلة الحالي داخل مجلس الشعب منذ ٥ سنوات لا يناقش، فمازال حتي الآن يتم العمل بالقانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٥٩ الذي يتحدث عن الغش والتدليس وعقوباته تقدر بنحو ٦٠٠ جنيه أو ٢٠٠٠ جنيه، وفي القانون الجديد تصل العقوبات للحبس من ٥ إلى ٧ سنوات، وغرامة مالية تصل لمليون جنيه، فضلًا عن ضرورة وجود التتبع الدوائي، الذي يوضح أماكن تواجد الأدوية في الصيدليات على مستوى الجمهورية، للسيطرة على جريمة مشبوهة وهي غش الأدوية.

الكشف عن الأدوية

في سياق متصل، يقول الدكتور محمد عز العرب، أستاذ أمراض باطنة بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية، والمستشار العلمي للمركز المصري للحق في الدواء، إن الأدوية المغشوشة تشكل نحو ١٠٪ على مستوى العالم، وتصل نسبتها في مصر من ١٠ إلى ١٥٪ تقريبًا، وتصدر كل من وزارة الصحة والسكان وهيئة الدواء المصرية بيانات كل فترة بالأدوية التي تم ضبطها وهي مغشوشة، فهي مسئولية تقع على الهيئة عن طريق مفتشين يمرون على الصيدليات على مستوى الجمهورية، يقومون بفحص الأدوية بداخلها وفي المخازن المخصصة للدواء.

آليات ضبط الأدوية المغشوشة

ويستكمل «عز العرب»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أنه في حالة ضبط أدوية غير مطابقة للمواصفات من قبل المفتشين يتم حرزها وتحليلها، وإذا ثبت أن هذه الأدوية مغشوشة يتم عمل نشرات بأسمائها من خلال بيانات صحفية رسمية من هيئة الدواء المصرية، ويهيب المجتمع المدني بزيادة الوعي الصحي لدى المواطنين، وعدم شراء أي أدوية إلا من خلال الصيدليات الموثوقة، والبعد عن السوشيال ميديا سواء الإعلانات مدفوعة الأجر، وكذلك الفضائيات والإعلانات على القنوات التليفزيونية.

ويؤكد أن معظم الأدوية المعروضة في الإعلانات غير مطابقة للمواصفات ولم يمر عبر القناة الشرعية وهي هيئة الدواء، ولم يتم عمل التحاليل المتبعة لضمان الجودة والأمان.

ويشير إلى أن الأدوية تخضع لشروط معينة، وتمر بمراحل محددة قبل التسجيل الرسمي لها من قبل وزارة الصحة والسكان، موضحًا أن الأدوية المغشوشة يتم تصنيعها وإنتاجها في مصانع بير السلم أو المصادر المجهولة، ولم يأخذ مجرى طبيعيا في دواخل هيئة الدواء المصرية أو الغش يكون في الطباعة أو المواد نفسها التي يتكون منها الدواء من خلال تخفيف المادة الأصلية أو وضع شوائب مختلفة، وهذه كارثة ومصيبة قد تؤدي إلى الوفاة، وهو ما حدث في الغش في المضادات الحيوية منذ فترة وعدة أدوية أخرى تم غشها، مهيبًا بالمواطنين عدم شراء الأدوية سوى من الصيدليات الخاضعة لإشراف الهيئة.

أدوية مُعاد تدويرها

ويرى الدكتور محمد الشيخ، عضو مجلس الشيوخ، نقيب صيادلة القاهرة، أن هناك خاصية تتبع الدواء وصولًا به للصيدليات، ومن الوارد أن يحدث تغيير في الشكل الخارجي للعلبة فهذا أمر طبيعي، ويتم قياس درجة ثباته على الأرفف كل فترة، وفي حالة تغييرها يتم سحبها فورًا، موضحًا أن الأدوية المغشوشة موجودة على المواقع الإلكترونية، حيث قامت هيئة الدواء بعمل ضبطية لأحد التطبيقات التي تقوم بعمل عروض على الدواء، والقبض على المروجين لها، فإن هذه الأدوية من الممكن أن تكون مُعاد تدويرها وبيعها للمواطنين بعيدًا عن الصيدليات والتزاماتها وخضوعها للرقابة.

أزمة بيع الأدوية على التطبيقات

ويتابع «الشيخ»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن الأدوية سلعة لابد أن تخضع للرقابة وضوابط معينة لابد أن تتوافر فيها، ولا يمكن شراؤها من الإنترنت، وتخضع الصيدليات للرقابة الدورية لفحص فواتير الأدوية ومصادرها وتواريخ الإنتاج والانتهاء وصلاحيتها وطريقة حفظها وتخزينها، ليصل الدواء للمريض بشكل آمن، فليس هناك دواء مغشوش في الصيدليات، ولكنه موجود في التطبيقات الإلكترونية، مشيرًا إلى أن الأدوية المغشوشة التي أعلنت عنها هيئة الدواء المصرية مؤخرًا غير متوافرة في الأسواق، ولكن من الوارد أن بعض التطبيقات توفر الصنف المغشوش منها.

الرقابة على الصيادلة

ويوضح، أن الصيادلة عليها شراء الأدوية من الشركات الخاصة بالأدوية الخاضعة للرقابة، وكذلك المخازن الخاضعة للرقابة أيضًا، فهناك مخازن تتهرب من الرقابة لأنها غير مرخصة، مطالبًا الصيدليات في حالة التعاقد مع أي مخزن لابد من أخذ صورة من التراخيص والبطاقة الضريبية والسجل التجاري الخاص به،.

وشدد على ضرورة زيادة الوعي الصحي لدى المواطنين، والإعلام عليه دور كبير في هذا الأمر، فهناك أزمة الإعلانات على القنوات الفضائية التي يتم بثها من خارج مصر وتعرض أدوية وتقوم ببيعها للمصريين، على عكس القنوات التابعة للنايل سات تحصل على التراخيص اللازمة لعرض الإعلانات عليها، ولا يستطيع العميل التفرقة بين قناة فضائية حاصلة على ترخيص وأخرى غير مرخصة.

التتبع الدوائي

ويؤكد، على ضرورة شراء المواطنين للأدوية من الصيدليات الخاضعة للرقابة، وتوفر أدوية سليمة، ولكن في حالة شرائها من مواقع إلكترونية أو قنوات فضائية لا تخضع للرقابة وتسبب أضرارا صحية عديدة تصل بعضها للوفيات، ناصحًا المواطن بالرجوع إلى الصيدلية والطبيب المعالج أيضًا لحالته المرضية.

ويلفت إلى أن ظاهرة الأدوية المغشوشة عالمية بنسب رسمية موجودة على مستوى العالم، وهناك عصابات متخصصة في هذا الأمر، ولكن الدولة المصرية ورئيس هيئة الدواء يقومون بتفعيل التتبع الدوائي منذ لحظة خروجه من الشركة المنتجة حتى وصوله للصيدليات ومنها للمرضى.