من عام إلى آخر، يتعرض يوم ٢٤ فبراير في الغرب لخطر أن يتذكره الناس باعتباره اليوم الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، والتي تلتزم فيه بشروط "العملية الخاصة".
في الواقع، كان يوم ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ هو اليوم الذي وصل فيه التوتر بين أوكرانيا وروسيا إلى حد التطرف، وأعاد تذكيرنا بأحداث دونباس ٢٠١٤، كان هذا هو اليوم الذي بدأت فيه العائلات في تمزيق نفسها قبل أن تتفكك.
في الرئاسات الغربية، يعمل السرد السائد على اتهام الاتحاد الروسي، وحتى إشعار آخر، لدوره كمذنب ومسئول عن الأعمال العدائية.
ورغم أن تطبيق اتفاقيتي مينسك الأولى والثانية كان يمكن أن يفتح مسارًا غير الصراع واسع النطاق، فإن إهمال الدبلوماسية كان يحمل كل الفرص لفرض نظرية مفادها أن السبب الأساسي هو "روسيا بوتين".
من المؤكد أن الغرب لا يقتصر على مكبرات الصوت التي يشجبون من خلالها دولة يتم تلخيصها في كثير من الأحيان بـ"زعيمها الأوحد"، في حين يبلغ عدد سكانها حوالي ١٤٤ مليون نسمة، لكن المساحة الممنوحة في الغرب لأي شخص يرغب في الرد على هذا الخطاب المهيمن قد تقلصت إلى لا شيء.
وعندما تكون هناك إمكانية لتقديم رؤية أخرى غير تلك التي تهدف إلى إلقاء الضوء وتنوير العقول، فغالبًا ما يتم استبعادها وإدانتها باعتبارها قادمة من الكرملين، بكل ما يعنيه ذلك من تشويه للمصداقية.
لذا، نعم، في بلداننا، تبقى حرية التعبير عن الذات على حساب تشويه سمعة أي خطاب ينحرف عن الخط الذي يتبعه ما يسمى بوسائل الإعلام "السائدة" والتى تشكل الرأي العام.
فالإعلام الغربي يوضح لنا أن "أوكرانيا دولة ديمقراطية وروسيا ديكتاتورية"، وأن "أوكرانيا ضحية للعدوان الروسي".. وهكذا تم ضبط النغمة، ولكن إلى متى يستمر ذلك؟.
في كل الأحوال سوف تكون المدة طويلة للغاية، ولن تعيد إحياء الموتى أو تضميد الجراح التي فُتحت قبل عشر سنوات في ساحة معركة بين الأشقاء.
هيلين ريتشارد فافر: كاتبة فرنسية، درست اللغات والآداب الروسية والألمانية والفرنسية فى جامعة جنيف، قبل التخصص فى نظرية المعرفة وتاريخ اللغويات.. تكتب عن 24 فبراير ودور الإعلام الغربى والرئاسات الغربية فى تشويه الحقائق.