لا شك أن هذا النمو الكبير في سوق السياحة العلاجية والاستشفائية يأتي مدفوعًا بالتطورات المتلاحقة التي يشهدها قطاع الرعاية الصحية، والابتكارات التكنولوجية الحديثة، والتقنيات العلاجية المُستجدة التي من شأنها تحسين خدمة الرعاية الصحية والارتقاء بالتجربة التي يتلقاها المرضى، الأمر الذي يُحفز المواطن العالمي على السفر للحصول على تجربة علاجية أفضل.
كانت تلك جزء من كلمة مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في فعاليات افتتاح المؤتمر الدولي الثاني لتطبيقات السياحة الصحية المصرية مطلع مارس الجاري.
وفي هذا المؤتمر أيضا أعلن "مدبولي" عن إطلاق أول مُنتجع للسياحة العلاجية في مصر، وهو مُنتجع بالمنطقة الاستثمارية بمركز الصف بمحافظة الجيزة، على مساحة 40 فدانًا باستثمارات تجاوزت 1.5 مليار جنيه مصري.
خدمات الرعاية الصحية والضيافة
نعود لتفاصيل أول منتجع للسياحة العلاجية في مصر، ففي يناير الماضي وقعت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر، ومجموعة "مكسيم" للاستثمار، عقد إطلاق أول منتجع للسياحة العلاجية في مصر، بالمنطقة الاستثمارية بمركز الصف بمحافظة الجيزة.
ومن المقرر أن يدمج خدمات الرعاية الصحية والضيافة في مكان واحد، لتقدر استثمارات المشروع بنحو 1.5 مليار جنيه (48.5 مليون دولار)، ويقام على مساحة 40 فدانا، ويوفر أكثر من 4500 فرصة عمل.
ستقوم مجموعة "مكسيم" بموجب العقد بتطوير وإدارة وتشغيل المنطقة الاستثمارية التابعة للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بمركز الصف، وتحويلها إلى أول منتجع طبي وصحي في مصر تحت إسم "منتجع نايا الصحي".
التغيرات الديموغرافية الجوهرية
يطرح "مدبولي" بعدا مهما يجب أن يتم وضعه في الحسبان وهو ان النمو في السياحة العلاجية يأتي مدفوعًا بواحد من أكبر التغيرات الديموغرافية الجوهرية التي يشهدها القرن الحادي والعشـرون، المُتمثِّل في شيخوخة السكان.
وهو ما أطلق عليه رئيس الوزراء "الشِّيب العالمي"، والناتجة عن ارتفاع الوزن النسبي للسكان في الفئة العمرية 65 عامًا فأكثر، مع تنامي فئة السكان الأكبر سنًا (84 عامًا فأكثر).
وفقا لتقديرات الهرم السكاني، التي ذكرها مدبولي من المرجح أن يرتفع الوزن النسبي لسكان العالم في الفئة العمرية 65 عامًا أو أكثر من 10% من الإجمالي في عام 2023 إلى 16.5% في عام 2050؛ علمًا بأن عددهم سيتضاعف خلال هذه الفترة من حوالي 800 مليون نسمة إلى أكثر من 1.6 مليار نسمة، ولذا فهذا الأمر بطبيعة الحال يزيد من فجوة خدمات الرعاية الصحية غير المُلباة، ويخلق فرصًا اقتصادية غير محدودة للوفاء به.
ليس لدينا دعاية كفاية
من ناحيته قال وليد البطوطي إن مصر كانت واجهة الدول العربية، وكانوا يزورونها من أجل السياحة والعلاج في ذات الوقت، موضحا أننا لدينا كفاءات وموارد في الأطقم الطبية يتم طلبها بالخارج وما يقدمه القصر العيني خير دليل.
وأضاف أن هناك نوعين من السياحة في سيوة وهما السياحة الاستشفائية والسياحة العلاجية، وللأسف الشديد ليس لدينا دعاية كفاية لهذا النوع من السياحة في مصر.
وأشار إلى أنه وقت ظهور جرعات فيرس سي كان الجميع يتوجه لمصر من أجل الاستشفاء والسياحة، وايضا في مرحلة كيوفيد كان يتم حجز السائحين في مستشفيات سيناء والأقصر وهما يتمتعان بطبيعة خلابة.
وتابع: في فترة العلاج بيعمل سياحة في مصر، مشيرا إلى أن مستشفى شرم الشيخ الدولي أحد ايقونات الدولة المصرية في تقديم خدمات السياحة العلاجية، وكذا الحال بالنسبة لأسوان التي تشهد رواجًا في السياحة العلاجية لمرضى القلب.
ما الذي يعيق مصر عن الصدارة؟
بدورها كانت نقابة الأطباء من ضمن الجهات المعنية بالسياحة العلاجية وقدمت رؤيتها أكثر من مرة لوزارتي الصحة والسياحة، وأوضحت في خطاب سابق لها لمجلس الوزراء أن مصر تحتل المركز الرابع عربيًا والسادس والعشرين عالميًا في خريطة السياحة العلاجية وهو مركز متواضع مقارنة بإمكانيات مصر البشرية والمادية.
تعزي نقابة الأطباء هذا التأخر في الترتيب نتيجة عدة مشكلات منها العراقيل والمعوقات في تراخيص المنشآت الطبية الخاصة وكذلك التناول الإعلامي المسيء لمهنة الطب والأطباء في مصر.
الطب والسياحة في أرض الكنانة
في ديسمبر 2022 نظمت نقابة أطباء القاهرة أول مؤتمر لها عن السياحة العلاجية بعنوان «الطب والسياحة في أرض الكنانة»، برعاية كلا من وزارة الصحة والسكان ووزارة السياحة والاثار وبرئاسة شرفية لنقابة أطباء مصر.
وخرجت نقابة الأطباء ب"12" توصية توصيات والتي تأتي كالآتي:
- شراكة نقابة الأطباء في في ملف السياحة الصحية حسب مقترح وزير الصحة والسكان.
- إنشاء قاعدة بيانات الهيئة العربية الأفريقية للسياحة الصحية.
- ضوابط لتناول الإعلام للقضايا الطبية لعدم الإساءة إلى مهنة الطب والأطباء المصريين.
- التسويق الإعلامي للسياحة الصحية في مصر بجميع دول العالم.
- بروتوكولات تعاون وتنسيق مع السفارات العربية والافريقية للتسويق في بلادهم للسياحة الصحية في مصر.
- تسهيل استخراج تأشيرات الدخول إلى مصر لراغبي السياحة الصحية وتطبيق سياسة «من المطار إلى المطار».
- استحداث برامج تعليمية وأكاديمية في القطاعات التي تخدم السياحة الصحية.
- تجهيز أماكن للتدريب واعتمادها ومنح شهادات معتمدة تحت إشراف نقابة الأطباء.
- تغيير رسالة الإعلام لتقديم الصورة الإيجابية عن السياحة الصحية في مصر.
- تذليل معوقات تراخيص المنشآت الطبية الخاصة، وخلق كيانات ضخمة مصرية خالصة في أماكن سياحية بالتعاون مع وزارة الاستثمار والجهات المختصة.
- تأهيل المنشآت الطبية والأماكن التي تخدم السياحة الصحية للتعامل مع حالات ذوي الاحتياجات الخاصة.(أصحاب الهمم)
- التطوير والتوسع في مجال الهندسة الطبية.