تعودنا لفترة تمصير روايات بعض الأفلام الإنجليزية أو الأمريكية أو الهندية، ولأن طبائع وثقافات المجتمعات مختلفة أخذنا منها ما يُحرك ركود السوق أحيانًا، وأعدنا تفصيل بعضها لتُناسب جيل الأكشن لدينا، حتى تلك التي أخذناها من السينما الهندية قللنا حدة الطيران في الجو وبلع طلقات الرصاص ثم إعادة بصقها.
لكن لم نكن نحن فقط من نستعير الحكايات والحركات فقد استدعت في ذاكرتي محاكمة «أليك بالدوين» بتهمة قتل المصورة السينمائية «هالينا هاتشينز» وإصابة جويل سويزا، مخرج فيلم «راست»، على خلفية تحول موقع تصوير "راست" إلى مأساة في أكتوبر 2021، بعدما صوّب أليك بالدوين سلاحًا كان يُفترض أنه يحتوي على رصاصات فارغة فقط، لكن مقذوفة حقيقية تسببت بمقتل المصورة السينمائية هالينا هاتشينز وإصابة المخرج جويل سوزا.
ودون الخوض في تفاصيل المحاكمة، ولأنني لسنوات عملت في توثيق المكتبات براديو وتلفزيون العرب، إذ كانت مهمتي مشاهدة الأفلام ثم توثيقها كتابيًا أو بمعنى أحرى كتابة سيناريو لها، لذا شاهدت وقرأت وأعددت ملخصات لمعظم الأفلام السينمائية المصرية عدا ما تم إنتاجه بعد عام 2009.
لذا لدى قراءتي للخبر قفز في ذهني "أحمد مظهر" و"مريم فخر الدين" في فيلم الذكريات الذي تم عرضه عام 1961، وكان قصة وحوار "سعد عرفة" وتقريبًا كان محور القصة ما حدث في واقع "لوكيشن" فيلم راست" وهو حشو "المسدس" بطلق حقيقي، وإطلاق علامة استفهام تبحث عن إجابة.. من القاتل الحقيقي؟ ذلك الذي خلسة تعمد في "حشو المسدس" طلق حقيقي، أم ذلك الذي ضغط على الزناد وقتل دون أن يدري؟.
أخذتني رأسي لأبعد من الفيلمين، لأبحث أنا الآخر عن إجابة لهذا السؤال الذي خرج من بينا جنبات السينما يتسكع في الشوارع؟ من القاتل؟ أذلك الشاب الذي ينضم إلى جماعة مسلحة تحت شعارات دينية تم حشو رأسه بها خلسة كذلك المسدس، فقتل بفتاوى مُحرفة وغاب عن الوعي وحينما عاد أقسم أنه لم يتخيل أن ما في المسدس كان رصاصًا حقيقيًا.
من القاتل؟.. أهو ذلك الشاب الذي طعن صديقه عشر طعنات حينما ضاق بمجتمع متنمر وصمه بعيب خلقي لم يكن له ذنب فيه بل منحه الله له فحولها مجتمع جاهل إلى "عاهة".. أم المجتمع هو الذي استل السكين وقتل واتهم غيره!.
من القاتل؟ أهم الذين يغلقون كل أبواب الأمل ويضعون أسلاك شائكة على نوافذ الحلم؟ أم هؤلاء الذين يؤثرون الانتحار على حياة بلا غدٍ!.
من القاتل؟.. مسؤؤولة إجراءات الأمان في فيلم "راست" أم ذلك الصديق الذي أراد الثأر لنفسه وصديقه من حبيبة خائنة فورطه في "جريمة".
في كل مرة وفي كل مكان ذهبت إليه بعقلي لأبحث عن إجابة لهذا السؤال.. من القاتل؟ اكتشفت أنني.. وأنكم في بعض الروايات مقتولون.. وفي بعضها قاتلون.. لكن في الحالتين لم نكن ندري!.